يترقّب أهالي مدينة الحمدانية العراقية، شرقي الموصل، نتائج التحقيق الذي شرعت به السلطات القضائية بفاجعة العرس الذي خلّف 125 قتيلاً وعشرات الإصابات، جراء حريق اندلع بقاعة حفلات، واعتقلت السلطات الأمنية مالكها والعديد من العاملين فيها، بتهمة التقصير.
يؤكد ذوو ضحايا الحادثة التي وقعت ليلة السادس والعشرين من شهر سبتمبر/أيلول الماضي، رفضهم لنتائج التحقيق الذي أعلنته وزارة الداخلية، ووصفوه بأنه مُحبط ومُخيّب للآمال ولم يأتِ بجديد، فضلاً عن أنه لم ينصف الضحايا بسبب توصياته على محاسبة صغار المُقصّرين بالحادثة دون المساس بالمسؤولين الكبار.
وخلال اليومين الماضيين، شهدت مدينة الحمدانية تظاهرات تطالب بمحاسبة مالك قاعة المناسبات سمير سليمان نبو، والذي اعتقلته القوات الأمنية عقب يوم من الحادثة أثناء تواجده في أربيل، بوصفه المسؤول الأول عن الحريق لمخالفته عمدا القوانين والتعليمات الخاصة بإجراءات السلامة والأمان، وتشييد بناية القاعة بمواد سريعة الاحتراق دون موافقات رسمية.
بالفديو
— الموصل برس -MPN (@MosulMPN) October 22, 2023
فرض حظر التجوال في قضاء الحمدانية بعد تدهور الأوضاع الأمنية فيها!! pic.twitter.com/G4ZiTDTang
وقال مصدر أمني في الحمدانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "التظاهرة شارك بها نحو مائتي شخص من سكان المدينة من بينهم ذوو الضحايا"، مبينا أنها تطورت لتصل إلى حرق الأملاك التابعة لصاحب قاعة الهيثم للأعراس، وشملت داره في المدينة ومعرضاً للسيارات ومحلات تجارية يملكها، نهار أمس الأول الأحد.
وأوضح المصدر، أن القوات الأمنية في المدينة انتشرت لاحتواء التصعيد وقامت باعتقال 6 أشخاص شاركوا في حرق الممتلكات، وأعقب ذلك فرض حظر ليلي، لتجنب أي خروقات أو تجاوزات.
وطاولت نيران المحتجين مقرا للنائبة في البرلمان العراقي، أحلام الكاكائي، وسط مدينة الحمدانية أثناء تواجدها فيه مع أفراد عائلتها.
الكاكائي النائبة عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وصفت حرق مكتبها ضمن ما جرى في قضاء الحمدانية من حرق للممتلكات بأنه استهداف سياسي ومدفوع من بعض الجهات.
وقالت في حديث لـ"العربي الجديد"، إنها "تعرضت للاستهداف المباشر من قبل بعض المتواجدين ضمن التظاهرة التي كانت لذوي ضحايا فاجعة الحمدانية لكن جرى استغلالها من بعض الأطراف السياسية للقيام باستهدافها".
الصحافي وميض متي الذي فقد والدته داخل قاعة الهيثم، رفض وبشدة أن ينسب التصعيد الأخير لذوي ضحايا الحريق الذين ينتظرون إجراءات القضاء بحق المقصرين والمسؤولين عن الحادثة.
وقال متي لـ"العربي الجديد"، إن "مجموعة من الشباب خرجت لتحرق الدور والمكاتب والمحلات، ونحن كعائلات ضحايا ضد هذا الفعل ونرفض خلط الأوراق، ولا نريد خلق مأساة جديدة في الحمدانية"، وبين أن أغلب ذوي الضحايا باقون في منازلهم ولم يشاركوا في هذا التصعيد وهم ينتظرون نتائج التحقيق في الحادثة من قبل القضاء العراقي.
وشدد على أن ذوي الضحايا يطالبون بشدة بإنصاف المتوفين بالحادثة ومنحهم حقوق الشهداء، وأن تكون نتائج التحقيق الذي شرع به القضاء العراقي منصفة لذوي الضحايا وأن يقدم نتائج إيجابية في محاسبة جميع المسؤولين والمقصرين بالحادثة.
أكرم شيتو أحد ذوي ضحايا الحادثة لوّح بخيار الهجرة من العراق بسبب غياب القانون وضعف تطبيق العدالة وانتشار الفساد في البلاد، الذي بسببه حصلت فاجعة الحمدانية وغيرها من الحوادث المميتة.
وقال شيتو لـ"العربي الجديد"، إن أهالي الضحايا ينتظرون منذ قرابة الشهر محاسبة المقصرين والمسؤولين عن حادثة الحمدانية، لكن إلى اليوم لم تتم محاسبة أي أحد"، وأشار إلى أن هذه الحادثة لو وقعت في بلد آخر يحتكم للقانون لأطاحت بوزراء أو بحكومة كاملة، موضحا أن بعض الأطراف السياسية تحاول ومنذ الفاجعة تحقيق مكاسب سياسية وإدارية دون الالتفات إلى الضحايا الذين دفنوا منذ مدة قصيرة.
وأكد شيتو أن شعور التهميش والغبن والخوف وعدم القصاص من المقصرين والمتهمين بالحادثة جعل الكثير من سكان الحمدانية يفكرون بالهجرة إلى الخارج، في حين أن آلاف العائلات المسيحية التي هاجرت سابقا لم ترجع إلى الحمدانية بسبب الشعور ذاته.
ومنذ حريق الحمدانية تبادل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني وحركة بابليون بزعامة ريان الكلداني التهم بشأن الحادثة واستغلالها سياسيا خدمة لمصالحهما.
مجموعة أشخاص يحـ.رقون منزل ومحلات صاحب قاعة الهيثم للاعراس التابعة القيادي بالحشد ريان الكلداني في الحمدانية pic.twitter.com/fhm88kP3WI
— حيدر الجيزاني (@ljyzny5) October 20, 2023
النائب عن الحزب الديمقراطي شيروان الدوبرداني قال في وقت سابق إن "هناك جهات متنفذة في الحمدانية تقف وراء عمل قاعة الأعراس خلافاً للقانون، لأنه لا يجرؤ أحد على مخالفة القوانين سوى الجهات المتنفذة"، في إشارة إلى حركة بابليون.
بينما اتهم النائب عن حركة بابليون أسوان الكلداني في مؤتمر صحافي سابق الحزب الديمقراطي بمحاولة الاستيلاء على سهل نينوى واستغلال الحادثة لصالحه والدفع بمسؤولين إداريين تابعين له في قضاء الحمدانية.
وعقب الإعلان عن نتائج التحقيق في حادثة حريق الحمدانية، لوح رئيس أساقفة أبرشية الموصل للسريان الكاثوليك المطران يونان حنا، بالخروج بتظاهرات واعتصامات واسعة رفضا لنتائج التحقيق التي وصفها بالمخيبة، لكنه قرر تأجيل الاعتصامات لحين الإعلان عن نتائج التحقيق القضائي الذي لم تعلن نتائجه لغاية اليوم.
وتشمل منطقة سهل نينوى قضائي الحمدانية وتلكيف التابعين لمحافظة نينوى ويمتدان شرقا باتجاه أربيل وشمالا باتجاه دهوك، ويسكنه خليط من المسيحيين والكرد والعرب والشبك السنة والشبك الشيعة والإيزيدية والتركمان.