عادت أزمة مكبّات النفايات في محافظة صفاقس وسط تونس لتظهر مجدداً، مع إعلان السلطات المحلية نيّتها استخدام مكبّ مؤقت يرفضه الأهالي، مستعينة بالجيش التونسي كخيار ممكن من أجل فرض استخدام المكان الجديد المخصّص لطمر النفايات في منطقة طريق قرمدة.
واليوم الأربعاء، احتجّ مواطنون تونسيون معبّرين عن رفضهم تحويل المنطقة إلى مكبّ جديد في غياب حلول جذرية، علماً أنّ معاناة المواطنين تستمرّ مع أطنان النفايات المنتشرة في الشوارع لمدّة تزيد عن عام. وقد تزامنت عودة الاحتجاجات حول النفايات مع الذكرى الأولى لسقوط ضحية في مواجهات أمنية شهدتها مدينة عقارب بمحافظة صفاقس في العام الماضي، عندما تمسّك المواطنون بإغلاق أكبر مكبّ للنفايات في الجهة عقب استصدار قرار قضائي لمصلحتهم.
وأمس الثلاثاء، اقترح محافظ صفاقس فاخر الفخفاخ، في جلسة طارئة حول ملف النفايات، تأمين الجيش التونسي مكبّات مؤقتة في منطقة طريق قرمدة.
وقال الناشط في المجتمع المدني والمسؤول في قسم العدالة البيئية للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية محمد قعلول لـ"العربي الجديد"، إنّ "محتجّين من عمادة الزوايد والمناطق القريبة من مفترق الطرقات على مستوى طريق قرمدة، أغلقوا اليوم الطريق احتجاجاً على قرار وتصريحات الوالي لاستحداث مكبّ مؤقت للنفايات بالمنطقة".
أضاف قعلول أنّ "السلطة الجهوية تسعى إلى فرض قرارها بالقوة لتفتح مواجهات بين الأمنيين والمواطنين"، لافتاً إلى أنّ "الحلول الأمنية التي استُخدمت سابقاً لم تؤدّ إلى نتائج لحلّ أزمة النفايات بل تسبّبت في سقوط ضحية في مثل هذا اليوم من السنة الماضية". وتابع أنّ "للسلطة محاولات سابقة في فتح مكبّات مؤقتة في مدن عقارب والمحرس وطريق قرمدة، غير أنّ هذه المحاولات جوبهت بصدّ ورفض شديد من قبل الأهالي"، مشيراً إلى أنّ "ثمّة إجماعاً في داخل مدن المحافظة على أنّ حلّ الأزمة لن يكون إلا عبر الانتقال إلى مشاريع معالجة النفايات".
وبيّن قعلول أنّ "المجتمع المدني اقترح استخدام سبعة مراكز تجميع وفرز حالية لبعث مشاريع معالجة النفايات عوضاً عن طمرها في مكبّات مؤقتة، استناداً إلى بحوث علمية عديدة أُعدّت لهذا الغرض في جامعة صفاقس".
وفي هذا الإطار، استنكر قسم العدالة البيئية في منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في بيان له أصدره أمس الثلاثاء، "اللجوء إلى الحلول الأمنية في قمع الاحتجاجات البيئية"، داعياً السلطات إلى "الإنصات الإيجابي إلى مشاغل المواطنين وخاصة منهم المجاورين لمصبّات (مكبّات) النفايات، في علاقة بتداعيات التلوّث على صحتهم ورفاه عيشهم".
كذلك حذّر قسم العدالة البيئية في المنتدى من "تمادي التعاطي السطحي والارتجالي مع أزمة النفايات في تونس وترسيخ عقلية الإفلات من العقاب مع غياب التحقيقات الجدية ومحاسبة المسؤولين".
ويطالب المجتمع المدني في صفاقس بتغيير التعاطي مع أزمة النفايات وتحويلها إلى ثروة عبر إعادة تدويرها واستخدامها في الدورة الاقتصادية، الأمر الذي من شأنه أن يقلّص من حجم النفايات الواصلة إلى المكبّات.
تجدر الإشارة إلى أنّه في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2021، حاولت وزارة البيئة إعادة فتح مكبّ القنة في مدينة عقارب، والذي كان قد أُغلق بعد تحرّكات شعبية كبيرة تنديداً بعدم تفعيل القرار القضائي الصادر في يوليو/ تموز من عام 2019 والقاضي بإغلاقه. وقد تسبّب ذلك في مواجهات بين قوات الأمن والمواطنين أسفرت عن وفاة مواطن.