تدفع النقابات العمالية في تونس إلى إلزام الحكومة بالمصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 190 المتعلقة بمناهضة العنف والتحرش في فضاء العمل، تزامناً مع اليوم العالمي للمرأة الموافق لـ8 مارس/ آذار الجاري، لاستكمال المسارات القانونية لحماية النساء في محيط العمل من كل أشكال الاعتداء.
وطالب الاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة العمالية الأكثر تمثيلاً في تونس)، بأن يكون اليوم العالمي للمرأة هذا العام مناسبة للضغط على السلطة من أجل التسريع في المصادقة على الاتفاقية الدولية، بعدما كشفت بيانات رسمية عن ارتفاع الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في المحيط الأسري والعمل عقب جائحة كورونا.
ويستند الاتحاد العام التونسي للشغل في تشبثه بالمصادقة على الاتفاقية إلى نتائج دراسة أجراها سنة 2018 بالتعاون مع "مركز التضامن" الأميركي، بيّنت أن 70% من النساء يتعرضن للعنف بأشكال مختلفة داخل فضاء العمل.
وأوصت هذه الدراسة بضرورة ملاءمة القانون التونسي مع الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، ومن بينها الاتفاقية الدولية رقم 190 وتوصيتها عدد 206 بشأن العنف والتحرش في عالم العمل التي تمت المصادقة عليها دولياً في يونيو/ حزيران 2019.
واعتبرت الدراسة أنّ التهميش الذي تعاني منه النساء في مختلف أنحاء العالم، يعتبر شكلاً من أشكال العنف حسب المفاهيم الأممية، وقالت إن هذا الوضع ينسحب أيضاً على وضعية المرأة في تونس، وخاصة في المناطق الريفية، حيث إن نسبة التغطية الاجتماعية لا تتجاوز 10%، وتصل نسبة الفقر في بعض الولايات إلى 40% بالنسبة للنساء، علما أنها لا تتجاوز 25% وطنياً.
وتعتبر عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل نعيمة الهمامي، في تصريح لها، أن هذه الاتفاقية "مهمّة لتونس في مكافحة كل أشكال العنف المسلط على المرأة في مكان العمل على مستويات مختلفة، على غرار الأجر والاعتداءات المادية والجسدية والتمييزية"، مشيرة إلى أنّ بنود هذه الاتفاقية "تمنع هذه الاعتداءات بل وتجرّمها في بعض الحالات، وهو ما يعتبر مكسباً تحقق بالنسبة للترسانة القانونية الدولية".
وتقول بنود الاتفاقية الدولية رقم 190، إنّ العنف والتحرش في عالم العمل يمكن أن يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان أو إساءة لها، وهو ما يهدد تكافؤ الفرص ولا يتوافق مع العمل اللائق.
وأضافت الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ لجنة المرأة داخل الاتحاد تشتغل بشكل مكثف على تحقيق المساواة في الأجر بين الجنسين، خاصة في القطاعين الزراعي والصناعي، كما تدعم وجودها في الوظائف العليا بالقطاعين الحكومي والخاص.
وقالت عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل إنّ الدراسات التي قام بها الاتحاد أثبتت أنّ 64.5% من النساء الريفيات يعملن في القطاع الزراعي من دون عقود عمل أو تغطية اجتماعية، كما يعملن في ظل ظروف تتعارض مع قوانين العمل، من حيث عدد الساعات والأجر الزّهيد.
وشددت على أنّ البلاد تحتاج للمصادقة على الاتفاقية عدد 190، لا سيما في ظل تنامي ظاهرة العنف وأضرارها بعد جائحة كورونا، مشيرة إلى أنّ "آثار العنف لا تمس المرأة فقط، بل تمتد إلى محيطها الأسري وتؤثر على إنتاجية المؤسسات"، بحسب تقديرها.