كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" عن عمليات إجبار وطرد النازحين في "مخيم عربت"، بمحافظة السليمانية شماليّ العراق، ومغادرة قسم كبير منهم إلى جهات مجهولة، وذلك بعد ساعات من إعلان وزارة الهجرة العراقية إغلاق أحد أكبر مخيمات النزوح في العراق.
وذكرت وزيرة الهجرة والمهجرين إيڨان فائق جابرو، في بيان أنه "جرى إغلاق مخيم عربت في محافظة السليمانية كثاني مخيم يغلق في إقليم كردستان منذ نزوح عام 2014، بعد إعادة آخر دفعة من النازحين إلى مناطقهم في محافظة صلاح الدين".
الحكومة: تسهيل عودة النازحين إلى ديارهم
وقدّمت جابرو شكرها من خلال البيان إلى الحكومة المحلية في محافظة السليمانية على تعاونها في تنفيذ خطة الحكومة الاتحادية الخاصة بتسهيل عودة النازحين إلى ديارهم وإغلاق المخيمات، بعد الجهود "المميزة" التي تبذلها الحكومة في مناطق العودة لتوفير العيش الكريم للأسر العائدة وشمولها بالمشاريع المدرة للدخل.
ودعت الوزيرة "الحكومات المحلية في أربيل ودهوك إلى أن تحذو حذو السليمانية في تسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم وفق الخطة الحكومية الرامية إلى إنهاء النزوح وإغلاق المخيمات".
لكن مصادر من داخل المخيم، أكدت أن "النازحين في المخيم أجبروا على مغادرته، بعد وصول معلومات بانتهاء العقد بين مالك الأرض التي يقع فيها مخيم عربت ووزارة الهجرة العراقية، وبعض العوائل النازحة توجهت إلى داخل مدينة السليمانية للاستقرار فيها، رغم أنهم لا يملكون أية أموال، في حين لجأت أخرى إلى وضع خيام على سفوح بعض التلال، فيما انتقل البعض إلى مخيم "آشتي" القريب من مخيم عربت".
وأشارت المصادر إلى أن "أغلب النازحين في مخيم "عربت" هم من منطقة يثرب التابعة لمحافظة صلاح الدين، وهذه المنطقة تسيطر عليها الفصائل المسلحة ضمن الحشد الشعبي، وقد استُولي على منازل العراقيين النازحين، وهؤلاء اختاروا اللجوء إلى مخيم آشتي بعد إغلاق عربت"، موضحة أن "مساحة آشتي صغيرة مقارنةً بعربت، لذلك فقد حدث اكتظاظ بسبب هذا الانتقال".
ولفتت إلى أن "عوائل من الإيزيديين النازحين من مدينة سنجار بسبب استيلاء حزب العمال الكردستاني على منازلهم، استضافوا عدداً من العوائل العربية المسلمة، مع العلم أن وزارة الهجرة العراقية كانت تمنع هذا الاختلاط لأسباب غير معروفة، وهناك حاجة إلى مواد أساسية من أجل رعاية النازحين من مخيم عربت إلى مخيم آشتي، بالتالي يمكن القول إن وزارة الهجرة لا تفصح عن الحقيقة، وإنها بالفعل أغلقت المخيم، لكن رغماً عن النازحين".
إجراءات لعزل النازحين
من جهتها، أشارت الصحافية العراقية حنان سالم، التي زارت مخيم "عربت" قبل أسبوع تقريباً، إلى أن "عملية إغلاق مخيم عربت، سبقتها إجراءات لعزل النازحين السوريين عن العراقيين، ولم يحدث أي شيء يدل على الإغلاق، حتى إن البيان الأخير لوزارة الهجرة تحدث عن 170 عائلة، وهذا العدد غير حقيقي، والذين عادوا إلى ديارهم أقل من ذلك بكثير".
وأضافت سالم لـ"العربي الجديد" أن "النازحين أجبروا على ترك المخيم، وبعضهم خرج باتجاه المجهول، ولا سيما أن منازل كثير منهم تسيطر عليها مليشيات وفصائل مسلحة"، موضحة أن "إغلاق مخيم يعود إلى أن جهات تريد الحصول على الأرض التي يقع فيها".
ولا يزال أكثر من 400 ألف نازح عراقي ممنوعون من العودة إلى مدنهم بقرار من مليشيات مسلحة تستولي عليها، وأبرزها منطقة جرف الصخر (شماليّ بابل). وتسيطر على المنطقة مليشيات "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"عصائب أهل الحق" و"جند الإمام" منذ نهاية عام 2014.
ومنعت تلك المليشيات سكان بلدات أخرى، أبرزها العوجة ويثرب وعزيز بلد وقرى الطوز وقرى مكحول في محافظة صلاح الدين، والعويسات وذراع دجلة وجزء من منطقة الثرثار ومجمع الفوسفات في محافظة الأنبار، وقرى المقدادية وحوض العظيم، شمال شرقيّ محافظة ديالى، من العودة إليها.
ويقطن النازحون في العراق، من جرّاء الحرب على تنظيم "داعش" (2014ـ2017)، في مناطق متفرقة، من بينها إقليم كردستان، وجنوب غرب محافظة الأنبار، بالإضافة إلى مجمعات ومخيمات عشوائية.