تعرّضت طفلة سورية تبلغ من العمر 13 سنة لاعتداء جنسي من قبل سائق "توك توك" في البقاع شرقيّ لبنان، بينما كانت برفقة شقيقتها لشراء بطاقة تعبئة هاتف خلوي.
يأتي ذلك في وقتٍ تعود فيه قضية العنف المتصاعد ضد الأطفال في لبنان إلى الضوء، مع رصد العديد من عمليات الخطف والابتزاز والتحرّش والاغتصاب وغيرها من الجرائم التي تبقى في كثيرٍ من الأوقات غامضة التفاصيل، لاعتبارات سياسية وعشائرية ودينية واجتماعية ومجتمعية، يستفيد منها المُرتكب، كما حدث أخيراً مع الطفلة لين طالب، التي نزفت حتى الموت بعد الاعتداء الجنسي عليها.
وفي تفاصيل واقعة الاعتداء الجديدة، تكشف الخبيرة بالحماية الأسرية رنا غنوي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ "فتاتين من اللاجئات السوريات في لبنان، الأولى بعمر 13 سنة والثانية 8 سنوات، غادرتا المنزل في قرية مجدل عنجر، يوم السبت الماضي، باتجاه منطقة شتورا البقاعية، بهدف شراء بطاقة تعبئة هاتف، بحسب إفادتهما في المخفر الأمني".
وأضافت: "في أثناء وجودهما في منطقة شتورا على متن مركبة توك توك، قام السائق بتسليمهما لتوك توك آخر في منطقة تعنايل، الذي أخذهما إلى جهة مجهولة، فقام برمي الطفلة ذات الثماني سنوات، ما أدى إلى تعرضها لجروح ورضوض في جسمها، واحتفظ بالفتاة البالغة 13 عاماً، واعتدى عليها جنسياً، قبل أن يرميها في الطريق، وهي بدورها، حاولت اللجوء إلى معارف أهلها في المنطقة، فأعادوها وشقيقتها إلى المنزل، وعندما علم أهل الطفلتين بما حصل، قصدوا المخفر وتقدموا بشكوى، والتحقيقات لا تزال جارية".
وأشارت غنوي إلى أنّ "وضع الفتاتين مقبول صحياً، لكن لا يمكن حسم أنه جيد، لكن الزملاء والزميلات في اتحاد حماية الأحداث يؤكدون أنه استُمِع إليهما بطريقة مهنية وجيدة، وقد أدلت الفتاتان بالوقائع، وهما الآن في منزل ذويهما، أما المُرتكب فلم يُعرف عنه شيء بعد، لكن الفتاة التي تعرّضت للاعتداء أفادت بأنّ لهجته سورية، أي أنه سوري الجنسية وفق التحقيق الأولي، مع العلم أنه سيُصار إلى التوسع بالتحقيقات، خصوصاً أن الفتاة قد تكون خائفة واستُدرجت إلى المنطقة".
ولا تستبعد غنوي فرضية الاستدراج والابتزاز العاطفي، أو أن تكون الفتاة ضحية عملية استغلال أو خطف "لأنّ من الغريب أن تقصد منطقة بعيدة لتعبئة الهاتف، بينما في مجدل عنجر هناك العديد من المحال التي كان بإمكانها الذهاب إليها، حتى إن ذريعة الخروج بمناسبة عيد الأضحى ليست منطقية. لذلك، في ظل احتمال عملية الاستدراج، طلبت النيابة العامة التوسّع بالتحقيقات، وسحب بيانات (داتا) الاتصالات من هاتف الفتاة".
وتلفت غنوي إلى أنّ "حالات الاعتداء الجنسي وقضايا العنف ضد الأطفال موجودة، لكن يجري الآن الإفصاح عنها بشكل أكبر، إلى جانب عوامل أخرى تتصل بالجريمة، منها الأزمة الاقتصادية، الانفلات الأمني والرقابي في موضوع اللاجئين والمجتمع المضيف، وغياب التتبع السليم لأوضاع الأفراد وحاجاتهم، فضلاً عن الاستخفاف بموضوع المحاسبة والتراخي في تطبيق القانون الذي أصلاً يعدّ غير كافٍ أو مؤهّل للحماية الأسرية، ولا ترتقي مواده القانونية إلى مستوى الجريمة المُرتكبة".
وتستشهد غنوي بأمثلة عدة، منها ملف تابعته عن فتاة تعرّضت للاغتصاب في منطقة برجا من قبل والدها، الذي أصبح حرّاً بعدما غيّرت الطفلة ووالدتها إفادتهما، رغم أنّ تقرير الطبيب الشرعي يثبت تعرضها للاعتداء الجنسي، وهو اليوم يعيش معهما في المنزل.
وتطرقت غنوي إلى قضية الطفلة لين طالب التي هزّت الساحة اللبنانية، ويلفّ الكثير من الغموض وقائعها، مع محاولات للتستّر أو إخفاء أو حماية المجرم الحقيقي، مشيرة إلى "تداول أنباء عن أنّ عمّ الطفلة هو من ارتكب الفعل الجرمي، باعتباره قاصراً، ليستفيد من المواد المخففة للعقوبة، وربما كانت محاولة لجسّ نبض الرأي العام، فيما يجري اليوم الحديث عن مسؤولية الجد، وهناك تراشق للاتهامات بين أهل الوالد وأهل الوالدة، لكن لا يمكننا كاختصاصيين توجيه التهمة إلى أحد من الوالدين حتى تثبت الإدانة".
ويوم السبت الماضي، ضجت الساحة اللبنانية بخبر وفاة الطفلة لين طالب، البالغة من العمر ستة أعوام، من بلدة السفينة في عكار شماليّ لبنان، وذلك بعدما تعرضت لنزف حاد أدى إلى وفاتها إثر اعتداء جنسي.
وكانت الطفلة لين في منزل جديها، والدي أمها، المنفصلة عن والدها، في منطقة المنية شماليّ البلاد، بمناسبة عيد الأضحى، ونقلتها الأم إلى المستشفى إثر ارتفاع حرارتها بشكل حادّ، قبل أن تعيدها إلى المنزل، ومن ثم تحضرها في اليوم الثاني متوفاة إلى المستشفى.
وبحسب أقوال أهل والد الطفلة، فإنّ الطبيب الذي عاينها بداية طلب مكوثها في المستشفى، لكن الأم أصرت على إعادتها إلى المنزل، وقد ظهرت كدمات على جسم الطفلة، وكذلك على فمها.
وتقول غنوي إنّ الكدمات التي ظهرت على الطفلة عمرها أسابيع، لكن الاغتصاب لم يقدر عمره بأسابيع، والتهشم الذي حصل والتمزق يدل على أنّ هناك اغتصاباً متكرراً، والأدلة الجنائية يفترض أن تقدر، بعد نتائج التشريح، عملية الاغتصاب وعمرها.
وسجلت جمعية "حماية" التي تتابع قضايا العنف ضد الأطفال في لبنان، وتستجيب لاحتياجاتهم، نحو 2412 حالة عنف ضد الأطفال عام 2022، 12% منها كانت تحرشاً جنسياً، 21% اعتداءات جسدية، فيما أشارت إلى أنّ 51% من الحالات كان المتحرش فيها من المقربين ومحط ثقة العائلة.
وأشارت إلى تزايد العنف ضد الأطفال خلال الثلاث سنوات الأخيرة من عمر الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد عام 2019، فيما استحوذ الأطفال السوريون على أكبر نسب من الاعتداءات خلال هذه السنوات المذكورة، بنسبة 75% من الحالات، ومن ثم اللبنانيون بنسبة 23%، و2% من جنسيات أخرى.
وفي تقرير لها صادر في ديسمبر/ كانون الأول عام 2021، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أنّ مليون طفل على الأقل معرضون لخطر العنف الجسدي أو النفسي مع اشتداد الأزمة في لبنان.