سلامة مخامرة.. طفل فلسطيني ينجو من الموت تعذيباً على أيدي مستوطنين في مسافر يطا

23 أكتوبر 2024
مستوطنوا مسافر يطا يعتبرون الأكثر تطرفاً (أرشيف/العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرض الطفل سلامة مخامرة للاختطاف والضرب من قبل مستوطنين إسرائيليين أثناء تعبئته للماء، مما أدى إلى إصابته برضوض وصدمات نفسية، ويبرز الحادث المخاطر التي يواجهها الأطفال في مسافر يطا.
- تمكن الطفل من الهرب بعد تهديده بالقتل، لكن الحادثة تركت أثراً نفسياً عميقاً عليه، وعائلته قدمت شكوى للشرطة الإسرائيلية التي لم تتجاوب لعدم وجود وثائق مصورة.
- تعاني قرية مغاير العبيد من اعتداءات متكررة من المستوطنين، مع تزايد الاعتداءات على الأطفال وإنشاء بؤر استيطانية جديدة، مما يستدعي تدخل الجهات الرسمية لحماية السكان.

لم يكن الطفل سلامة مخامرة (15 عاماً)، من قرية مغاير العبيد في مسافر يطا جنوب الخليل جنوبي الضفة الغربية، يعلم أن تعبئته للماء كادت تكلفه حياته، بعدما تعرض، أمس الثلاثاء، للخطف والضرب والترهيب على أيدي مجموعة مستوطنين إسرائيليين. ضمن سلسلة لا تنتهي من الاعتداءات على سكّان المناطق النائية والبدوية في جنوب الخليل، لكن ما يزيد مخاوف سكّان هذه المناطق أن تطاول اعتداءات المستوطنين الأطفال.

ساعات من الاختطاف والتعذيب

يروي كايد مخامرة، والد الطفل، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل ما جرى مع طفله، إذ تأخرت عودته بعد أن توجّه إلى بئر مياه قريبة لتعبئة مياه الشرب (خاصّة أن المنطقة النائية التي يسكنون فيها معدومة الخدمات)، بدأت عائلته تتفقده، ولوحظ حينها وجود حركة لافتة من مستوطني مستوطنة "خفات ماعون" التي تبعد مئات الأمتار عن مغاير العبيد. 
يقول والد الطفل: "بعد فقدان الأمل في أن نعثر على ابننا، وجدناه قادماً في وقت متأخر من الليل، من ناحية تجمّع مركبات المستوطنين، وكانت عليه علامات ضرب وتنكيل وإهانة وتخويف، وتهديد، وحاولنا أن نفهم منه ما جرى، لكنه كان مصاباً بصدمة نفسية ولم يستطع التكلم أو التعبير عمّا جرى معه". وبعد دقائق من عودة الطفل، وقع على الأرض مغمياً عليه، ونُقل عبر الإسعاف إلى مستشفى يطا الحكومي لإجراء الفحوصات اللازمة. 
يقول والده: "أصيب طفلي برضوض في مختلف أنحاء جسمه، وعظام قدميه، عدا عن حالة نفسية أحاطت به كونه شعر بأنه قريب من الموت، ومن حجم الخوف الذي اعتراه لم يستطع الأطباء إجراء فحص دمٍ له".

اختطاف بالقرب من بئر المياه في مغاير العبيد

بعد مرور هول الصدمة، وبعد ساعات من الحادثة، استجمع الطفل ذاكرته، وروى ما حصل معه، إذ خطفه ثلاثة مستوطنين قرب بئر مياه القرية، ووضعوه في مركبة زجاجها معتّم بالكامل، حتى وصلوا إلى خيمة استيطانية محاذية للقرية، وبدأ الخاطفون تهديده بالقتل والضرب وتبادل المكالمات الهاتفية التي لم يفهم الطفل مغزاها، سوى شعوره بأنه سيُنقل إلى مكان بعيد، وخلال تحرك المستوطنين في محيط الخيمة، تمكّن الطفل من الهرب منهم، وفق والده.

لم يستطع سلامة النوم للحظة واحدة منذ الحدث، إذ واجه موقفاً أثّر عليه نفسياً بشكل يفوق أثر الضرب والاعتداء الجسدي. ويقول والده: "لولا أننا نعيش على أرضنا لغادرناها، لأن حياتنا لم تعد حياة طبيعية منذ نحو عام، إذ إن هجمات المستوطنين لا تتوقف في الليل، ويسرقون أغنامنا التي هي مصدر رزقنا، والآن لا نستطيع السماح لأفراد العائلة من النساء والأطفال بأن يتحركوا في محيط المنزل الذي يتحرك المستوطنون على بعد 200 متر". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويلفت مخامرة إلى أنهم توجّهوا لتقديم شكوى قانونية في مركز الشرطة الإسرائيلية، إلا أنهم لم يتجاوبوا مع الشكوى، بحجّة عدم وجود وثائق مصوّرة تثبت الحادثة.
هجمات المستوطنين بحق الأطفال لم تبدأ أمس، ولن تنتهي، وفق والد سلامة، الذي أكد أن الشاهد على ذلك أن ذات المستوطنين، اليوم الأربعاء، نصبوا حاجزاً على الطريق المؤدي لمدارس الأطفال، وأوقفوا المركبة التي تنقل الأطفال (من بينهم ابنة مخامرة) وأرهبوهم بالسلاح وحذروهم من عودة المرور من ذات الطريق. ذلك كله يستلزم، بحسب مخامرة، أن توفر الجهات الرسمية لجان حماية ومقاومة شعبية لحماية الناس، وما دون ذلك فإن حياتهم باتت أمام خطر محدق قد يصل إلى حد القتل. 

مغاير العبيد..صمود رغم التضييق

تعدّ مغاير العبيد من أقدم الخرب الموجودة في مسافر يطا، يعيش فيها نحو 50 فلسطينياً، في منازل مسقوفة بالحديد، وفي الخيام والكهوف الحجرية، ويرفضون ترك أرضهم رغم انعدام مقوّمات الحياة، ويعتمدون في عيشهم على تربية المواشي والزراعة. ورغم ما ذكر من ظروف عيش صعبة، إلا أن هذه الحالة ليست الأولى من قبل المستوطنين بحقّ سكّان هذا التجمع، وفق ما يقول رئيس مجلس قروي مسافر يطا، نضال أبو عرام، لـ"العربي الجديد".

ويشير أبو عرام إلى أنهم يرصدون شهرياً ما لا يقلّ عن 20 اعتداءً بحق الأطفال في مناطق خرب وقرى مسافر يطا، تنوّعت أشكال الاعتداءات بين "المطاردة في محيط منازلهم، ومنعهم من رعي الأغنام، وتعبئة المياه، وإعاقة حركة وصولهم إلى المدارس، وتنفيذ عمليات خطف وضرب وتهديد بالقتل". 

وما يزيد خطورة واقع حياة أطفال المسافر أنه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، أنشأ المستوطنون سبع بؤر استيطانية، بين بؤر رعوية وخيام عشوائية، يستوطن فيها أكثر من 150 مستوطناً، مهمّتهم اليومية ملاحقة الناس وأطفالهم تحديداً. يقول ابو عرام: "ما هو مخيف بشكل أكبر هو أن المستوطنين في المسافر يعتبرون الأكثر تطرفاً، إذ إنهم بلطجية، يحملون السلاح، ويركبون الدراجات النارية والهوائية ويلاحقون بها الأطفال ويخطفونهم، على نحو يهدّد حياتهم".

المساهمون