طقوس الزواج... عادات غريبة ومختلفة في الصين

18 نوفمبر 2021
حفل الزواج شموع وأعواد بخور وصلوات (العربي الجديد)
+ الخط -

تختلف الثقافات والعادات في جمهورية الصين الشعبية بتنوع قومياتها الـ 56، بينما تبقى طقوس ومراسم الزواج واحدة من أكثر العادات طرافة وتنوعاً. فحين يجلب أشخاص امرأة مقيدة بأشرطة حمراء عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، لا يجب أن يتصل أحد بالشرطة للإبلاغ عن جريمة خطف، فهؤلاء جماعة العريس وأقرباؤه يزفون العروس إلى عش الزوجية. وحين يشاهد المارة زوجين يحملان مظلة حمراء في صباح غير ماطر، لا يجب أن يحكموا عليهما بالجنون، لأنهما يطردان بهذه الطريقة الأرواح الشريرة أثناء أول مشوار لهما معاً بعد إتمام عقد الزواج. وهناك طقوس أخرى تتضمن السير إلى الخلف، أو نثر الأرز في الطرق، وقرع الطبول في ساعات الفجر، وحرق الأموال، ورمي الطعام، وحرق الثياب، وفتح النوافذ والأبواب حتى في أشد ليالي الشتاء قساوة. 

حفل صامت 
خلال حفل زفاف الشاب العشريني شياو سونغ في مدينة شانتو بمقاطعة غوانغ دونغ جنوب الصين، لم تظهر أية مؤشرات توحي بأن زفة ستعبر الحي الذي يقيم فيه العريس، فعقارب الساعة كانت تشير إلى الثانية صباحاً، والناس في نوم عميق. ثم وصل شياو برفقة عروسته من دون قرع الطبول وهتافات الأصدقاء والأقارب، فأشعلا الشموع وأعواد البخور ومارسا طقوساً من الصلوات قبل أن يصعدا إلى غرفتهما. وكان لافتاً التزام الجميع الصمت داخل منزل العائلة، فلا تهاني ولا قبلات ولا حتى ابتسامات عابرة، في مشهد أقرب إلى مراسم الحداد. 
وفسّرت شقيقة العريس، شياو ما، لـ"العربي الجديد" بأن "التقاليد المحلية في المدينة، لا تسمح بأن يتكلم الناس مع الزوجين لمدة يومين، ويتم توجيههما بالإشارة فقط، كي لا تخالط أنفاسهما أنفاساً أخرى قد تكون ملوثة بالكيد والحسد والضغينة". 

صورة العروسين وحدها تقليدية (العربي الجديد)
صورة العروسين وحدها تقليدية (العربي الجديد)

وعن سبب تأخر مراسم الزفة، توضح بأن "الأمر مرتبط بالعرّاف الذي يحدد يوم الزفاف المناسب بحسب تاريخ ميلاد الزوجين، كما يختار توقيت الحفل ولون بدلة العريس وفستان العروس. فاللون الأصفر على سبيل المثال جالب للحظ في الأسبوع الثاني من الشهر التاسع حسب التقويم القمري، أما اللون الأسود فقد يكون فأل شر خلال أيام محددة ما يحتم الابتعاد عنه، بينما اللون الأحمر يبقى رمز السعادة في كل الأوقات، حسب الثقافة الصينية". 
في اليوم الثاني للزفة، أقيمت مراسم الاحتفال ليلاً. والغريب فيها أنها حصلت بعد ليلة الدخلة وليس قبلها، مع حصر حضور الأقرباء بشخصين من كل أسرة، علماً أن أي شخص لم يمثل عائلة العروس. وغابت كل المراسم الاحتفالية مثل الموسيقى والرقص والغناء، فالحضور كانوا منهمكين بعدما تناولوا العشاء على شرف العروسين. 

وبعد انتهاء الحفل، عاد أصدقاء العريس معه إلى المنزل، وأطلقوا العنان للمزاح في طقوس وداعية لحياة العزوبية، وقدموا له هدايا ونقودا في مغلفات حمراء، علماً أن العروسين يحصلان عادة في هذا اليوم على مبالغ مالية كبيرة تكفي لتغطية نفقات الزواج. 

اختبار الطاعة 
في صباح اليوم الأول للعروس في بيت عائلة زوجها، يتوجب عليها إعداد فطور الصباح لجميع أفراد الأسرة، فتقوم بدور المضيفة، وتعد الشاي الأخضر وتقدم بنفسها الأكواب للحضور. وبعد تناول الفطور تطلب منها حماتها أمام الجميع أن تغسل أطباق الطعام، وفي اليوم ذاته أيضاً يُطلب منها أن تغسل ثياب الأسرة، وأن ترافق شقيقة الزوج إلى السوق لشراء الخضار والمأكولات. 

الأحمر لون الفرح طاغٍ في غرفة العروسين (العربي الجديد)
الأحمر لون الفرح طاغٍ في غرفة العروسين (العربي الجديد)

حول هذه التفاصيل، تقول أم العريس يُي ما لـ"العربي الجديد" إن "اختبار طاعة الزوجة تقليد قديم في ثقافة منطقة تشوشان التي تقع شرق مقاطعة غوانغ دونغ، وقد استمر توارثه من جيل إلى آخر". وتضيف أن "المرأة التشوشانية ذائعة الصيت في عموم البلاد بأنها مطيعة ومدبرة منزل جيدة، وتقيم وزناً كبيراً للقيم الاجتماعية والروابط الأسرية، بخلاف النساء في مقاطعات ومناطق أخرى حولتهم ظروف الحياة الصناعية إلى شرسات يزاحمن الرجال في كل شيء على حساب الأجواء الأسرية الدافئة. والمثل الصيني يقول: إذا كنت تبحث عن زوجة في الصين، فتزوج من نساء تشوشان". 

سكان الشمال والجنوب
عن طقوس الزواج الغريبة، تقول الباحثة الاجتماعية لان جو يان لـ"العربي الجديد" إن "المجتمع الصيني متعدد الثقافات وتختلف فيه العادات والتقاليد بين منطقة وأخرى، وإن كانت جميعها تنحدر من جذر واحد". وتشرح بأن سكان الجنوب أكثر تمسكاً بالعادات الصينية القديمة مقارنة بأهل الشمال، باعتبار أنهم أصل وموطن قومية الهان (العرق الصيني)، بينما تداخلت ثقافة سكان الشمال بثقافات الشعوب المجاورة، لذا ظهرت بعض العادات الغريبة عن المجتمع الصيني، مثل طقوس الزواج عند قومية سالار المسلمة، حيث تخرج العروس من منزل أبيها وهي تسير إلى الخلف وتنثر الأرز في كل خطوة طمعاً بالهناء والثروة، وكذلك الأعراس في المناطق الغربية المتأثرة بثقافة شعوب الكازاخ، إذ تستمر الأعراس هناك عدة ليال وسط ضجيج مستمر وولائم كبيرة بطريقة تشبه المهرجانات الشعبية". 

مزاح أصدقاء العريس في وداع العزوبية (العربي الجديد)
مزاح أصدقاء العريس في وداع العزوبية (العربي الجديد)

وتضيف أن "طريقة التعبير عن الفرح لا تقترن حسب الثقافة الصينية بالرقص والغناء والتصفيق والتهليل. فمجرد تناول مجموعة من الأفراد الطعام معاً على مائدة واحدة، هو شكل من أشكال التعبير عن الامتنان والسعادة. وقد يحصل ذلك عبر ارتداء ملابس بألوان معينة، مثل اللون الأحمر الذي يرمز إلى الفرح، أو احتساء كأس من الشاي الأخضر. والشعب الصيني لا يبالغ عادة في مظاهر الفرح، بتأثر تعاقب الحروب والكوارث التي شهدها بلدهم على مدار تاريخها القديم والحديث". 

المساهمون