تتواصل في محافظة السويداء، جنوبي سورية، أزمة النقل بسبب عدم توفر مادة المازوت، ومعاناة الأهالي، وخاصة الطلاب، من تداعيات توقف وسائل نقل الركاب عن العمل منذ يوم الإثنين.
وكان رئيس مجلس بلدة "رساس" الواقعة في الريف الجنوبي للمحافظة ثائر فارس حمزة قد أعلن أخيراً عن توقف وسائل نقل الركاب عن العمل بسبب عدم توفر مادة المازوت، في سابقة استنفرت الجهات الرسمية التابعة للنظام السوري، التي بادرت فوراً لتزويد وسائل نقل البلدة بالمحروقات، في حلّ جزئي للأزمة المتواصلة في المحافظة.
واعتبر الإعلامي حمزة المعروفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذه الواقعة الأولى لرئيس بلدية محلية عيّن منذ أيام في منصبه "دليل على عجز السلطة وفسادها في تزويد حتى وسائط النقل بالمحروقات، حيث كانت سرعة التجاوب مع التوقف في بلدة رساس كبيرة لدرء اتساع رقعة الاحتجاجات التي عادت للظهور في أكثر من مكان".
وأضاف المعروفي أن "هذه الأزمة تعاني منها معظم بلدات محافظة السويداء، وقد انعكست آثارها السلبية على طلبة المعاهد والجامعات والثانويات العامة والصناعية والتجارية الموجودة بمعظمها في مدينة السويداء، إذ تجاوز عدد المتغيبين عن مدارسهم يوم الإثنين، 14 نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب إحصائية مديرية التربية التابعة للنظام السوري، 250 طالباً وطالبة في المدينة وحدها".
وأشعلت هذه الأزمة فتيل احتجاجات شعبية على تردي الخدمات في السويداء السورية، كان آخرها يوم الثلاثاء، عندما اعتصم ما يزيد عن 200 سائق أمام مديرية التموين والتجارة الداخلية احتجاجاً على ما وصفوه بـ"الغش والتدليس في توزيع مادة المازوت"، واتهامهم لشركة المحروقات بسرقة مخصصاتهم والتلاعب بها.
منيب الراشد، وهو أحد السائقين، قال لـ"العربي الجديد": "إننا نتعامل مع أكثر دائرتين ينخرهما الفساد في المحافظة، (مديرية التموين والمحروقات)، يسرقوننا علناً بحجب رسائل التعبئة لأيام ويُغرقون السوق السوداء بالوقود".
بدورهم، تحدث مدرسون وطلاب عن المعاناة التي يتكبدونها جراء توقف وسائل النقل، واضطرار بعضهم إلى التغيب عن حصصهم الدراسية.
وتطرق المدرس رديف عز الدين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى تزايد الاحتجاجات التي يقوم بها سائقو السيارات والحافلات العامة التي تعمل على البنزين والمازوت، واعتصام أكثر من 200 سائق أمام مديرية التموين والتجارة الداخلية احتجاجاً على سوء توزيع المادة، ووجهوا اتهامات لشركة المحروقات بسرقة مخصصاتهم والتلاعب بها.
وتقول طالبة الثانوية العامة إيناس، ابنة بلدة عريقة، الواقعة في الريف الشمالي الغربي من السويداء، إن معاناتها اليومية متواصلة منذ أشهر، فـ"المسافة إلى مدينة السويداء لا تحتاج لأكثر من 20 دقيقة بأي وسيلة نقل، أما في هذه الأزمة فإنها تتطلب أكثر من ساعة ونصف صباحاً ومثلها ظهراً".
وتضيف: "أحياناً يحالفنا الحظ فنصل إلى المدرسة قبل ساعة من الدوام، وأحياناً أخرى نضطر لدفع أجور مضاعفة من أجل الوصول على الموعد، ومهما يكن فهناك ثلاث ساعات متعبة ومهدورة يومياً".
مصدر في مديرية النقل بالمحافظة الجنوبية قال لـ"العربي الجديد"، إن أكثر من 500 وسيلة نقل عامة تنقل الركاب يومياً من مدينة السويداء وإليها، تحصل على مخصصاتها أسبوعياً بحسب طول خطوط النقل.
وأوضح المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن معظم سائقي السيارات العامة يلجأون لبيع جزء من مخصصاتهم في السوق الحرة، بينما يؤكد معظم أصحاب السيارات العامة أن رسائل المحروقات تتأخر في الوصول إليهم عدة أيام، ما يقلل كمية الوقود المقررة إلى النصف.
من جانبهم، وثق عدد كبير من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي الطريقة التي يستخدمها السكان في تنقلاتهم من القرى إلى المدن الرئيسية والعكس.
وكان لافتاً تطوع عدد من سائقي سيارات النقل العامة الكبيرة لنقل الركاب مجاناً، في حين انتشرت صور الحافلات الكبيرة وهي تنقل الركاب على أسطحها.
وتضاف أزمة النقل لأزمات الهاتف والمياه والكهرباء والتدفئة لتزيد من شلل الحياة العامة في المحافظة وترفع سقف الاحتجاجات.