لا تزال عائلة الأسير الفلسطيني المحرر جواد عويضة، من مدينة غزة، تعاني من أوضاع مادية صعبة، بفعل تواصل قطع راتبه من قبل السلطة الفلسطينية منذ أربعة أعوام، من دون الاستجابة لمطالباته المتواصلة بإعادة صرف مخصصاته التي يستحقها وفق القانون الفلسطيني.
ولا تتوقف المعاناة عند أسرة عويضة فقط، وإنما تنسحب على 277 عائلة أسير محرر من قطاع غزة، ينتمي معظمهم إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ويقول هؤلاء إنّ قطع الرواتب جاء نتيجة لمواقف سياسية.
ويوضح الأسير المُحرر جواد عويضة، وهو والد الأسير داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي مجد عويضة، لـ"العربي الجديد"، أن راتبه قُطع منذ نهاية عام 2018، من دون إبداء أي أسباب حقيقية، مشيراً إلى أن قطع الراتب يعتبر جريمة، إذ إن صرف المُخصصات "ليس منة وإنما حق أقرته منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني للأسرى والأسرى المحررين".
وفي الوقت ذاته، يبين عويضة أنه أسير مفروز على حركة فتح، وكانت لائحة الاتهام الموجهة له داخل السجن بأنه ينتمي لفتح، وكان يتقاضى راتباً عن حركة فتح، ويضيف "إلا أن نشاطي منسقاً لأهالي الأسرى في سجون الاحتلال لم يرق لبعض المتنفذين، على الرغم من عدم حصولي على أي مقابل، وإنما هو عمل تطوعي".
ويعيل عويضة أسرة مكونة من ستة أفراد، ويسكن بالإيجار، من دون العمل في أي وظائف سواء في حكومة غزة أو السلطة، كما لا يحصل على أي دخل، علاوة على أنه يعاني من أمراض عديدة نتيجة تعرضه للضرب المبرح والتعذيب الشديد والعزل الانفرادي، داعياً السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس لأن يعيدوا راتبه، ورواتب الأسرى المُحررين، والأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
أما الأسير المحرر وليد الآغا، الذي أمضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي حُكماً بالسجن 13 عاماً، فيشير إلى أنّ القانون الفلسطيني يضمن حياة كريمة للأسرى المحررين، خاصة الذين أمضوا أحكاماً تزيد عن عشرة أعوام، عبر راتب شهري يضمن حصولهم على مستلزماتهم الأساسية.
ويوضح الآغا في حديث مع "العربي الجديد" أن راتبه قطع لأسباب سياسية، على الرغم من أنه اعتقل لدى الاحتلال قبل أحداث الانقسام الفلسطيني بخمس سنوات، حيث اعتقل عام 2002 حتى عام 2015، مؤكداً في الوقت ذاته على أن راتب الأسير المحرر حق وليس منة من أحد.
ويبين الآغا، الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، أنه جرى قطع رواتب نسبة كبيرة من الأسرى المحررين غير المحسوبين على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وقد تأثرت أحوالهم المادية، داعياً إلى صرف رواتب الأسرى المحررين كي يتمكنوا من الالتزام بأبسط متطلبات الحياة الكريمة.
وأكدت "لجنة الدفاع عن الأسرى المقطوعة رواتبهم"، خلال مؤتمر صحافي عُقد مؤخراً، أن قطع رواتب الأسرى المُحررين يطاول عائلات كل المُحررين، ويحرمهم من الأمان المالي والاجتماعي، خاصة أن مُعظم الأسرى المقطوعة رواتبهم مبعدون إلى غزة، ويستأجرون البيوت، وأقاموا أسرًا جديدة، ويعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة.
وفي سياق الرد، يقول رئيس هيئة شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية قدري أبو بكر إنّ كل أسير له راتب، خاصة من يمضي أكثر من خمس سنوات داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وإن هُناك عوامل ومُسببات لقطع الرواتب وعدم صرف أي مستحقات، تتمثل في أن يتضمن ملف لائحة الاتهام تهمة الانتماء لتنظيم إرهابي، مثل "داعش"، أو أن يمتلك تجارة مثل تجارة السلاح، كذلك "هناك من يقطع راتبه بتعليمات أمنية لا علاقة لنا بها".
ويوضح أبو بكر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قطع الرواتب بتعليمات أمنية خارج عن إرادة هيئة الأسرى، "إذ لا تجرى مراسلتنا ولا مشاورتنا، أو أخذ رأينا في أي قرار، ويجرى التواصل مع (وزارة) المالية بشكل مُباشر".
ويشدد أبو بكر على أن هيئة شؤون الأسرى ضد قطع أي راتب لأي أسير داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، أو أي أسير محرر، وأنه "يجب صرف رواتبهم ولا داعي للقطع"، مؤكدًا أن الهيئة قدمت عدة رسائل لرئاسة الوزراء وللرئيس الفلسطيني في ما يتعلق بإعادة الرواتب المقطوعة، مشيراً إلى أنّ "هناك جزءاً جرت إعادة راتبه بعد عدة مراسلات، ومنهم 30 أسيراً من حركة الجهاد الإسلامي، فيما بقي جزء آخر مقطوعاً حتى اللحظة".
ويواصل الأسرى المُحررون المقطوعة رواتبهم مُشاركتهم في الفعاليات الاحتجاجية، ودعواتهم المُستمرة للسلطة الفلسطينية لإعادة صرف رواتبهم أسوة ببقية الأسرى المحررين، مطالبين بعدم الخضوع للابتزاز والتحريض الأوروبي والأميركي، ولكن من دون الحصول على أي رد إيجابي.