تتأثر مخيمات الشمال السوري بموجة الحرّ التي يعاني منها جميع سكان العالم، لكن ظروف التحمّل داخل الخيام صعبة، بسبب هشاشتها وغياب التيار الكهربائي، وعدم القدرة على العزل، وقلة مياه الشرب ووسائل التنظيف، لا سيما في المخيمات العشوائية التي يصل عددها إلى أكثر من ألف، وتتوزع على شكل شريط قرب الحدود السورية التركية.
مصطفى رجب خطاب نازح من قرية الدير الغربي في ريف إدلب الجنوبي، ويقيم في مخيم أرض السوس شمال مدينة إدلب قرب قرية حربنوش، يقول لـ"العربي الجديد" "بلغتُ 65 عاماً، ولم أر مثل هذا الحرّ، ولم أمرّ بمثل هذه الظروف سابقاً، لا كهرباء لتشغيل مروحة أو براد، والمياه الشحيحة والمتوفرة محفوظة في خزانات معدنية تزيد من حرارتها وتجعلها غير قابلة للاستخدام الآدمي".
بدورها، تقول زوجته طيبة البكور، في حديث لـ"العربي الجديد"، "نحن غير معتادين على هذا الطقس، المعاناة كبيرة، فإلى جانب مصاعب العيش في خيمة، أصبت وأحفادي بالحساسية وظهر طفح جلدي على جلودنا، ليست هناك نقاط طبية القريبة، ولا نعرف ماذا نفعل أو كيف نتعامل مع هذا الطقس فليس باليد حيلة سوى الهرب إلى ظلال الأشجار".
وتشير إلى أنّ سكان المخيم يطبخون على قدر الحاجة، لعدم زيادة حرارة الجو، في ظل تراجع المساعدات المقدمة للسكان، تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة، وفي الوقت الذي يكون الناس في أمسّ الحاجة إليها.
الدفاع المدني السوري، يوم أمس الأربعاء، طفلاً من بلدة قورقانيا شمالي إدلب إلى مستشفى لتلقي العلاج، كان قد أصيب بضربة شمس، وتدهورت حالته الصحية بعد منتصف الليل.
وأوصى فريق "منسقو استجابة سورية"، في تقرير له، سكان المخيمات بضرورة اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمنع حدوث حرائق في الخيام، وحذر من انتشار الزواحف والحيوانات السامة، التي تنشط مع ارتفاع درجات الحرارة، كما أشار إلى ضرورة حماية الأطفال وكبار السن من موجات الحر الحالية، حيث إنهما الأكثر تعرضاً للوفيات والإصابات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة. وأسعفت فرقوحذّر الدفاع المدني من التعرض لأشعة الشمس بشكل مباشر، حيث تزداد احتمالات الإصابة بضربة شمس وخاصة في حال التعرض للشمس في أوقات الذروة، وأوصى المدنيين بالإكثار من شرب المياه والسوائل مع ارتفاع درجات الحرارة، وعدم التعرض لأشعة الشمس مباشرة لاسيما الأطفال وكبار السن من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الثالثة ظهراً، وحثّ على ضرورة تغطية الرأس أثناء العمل.
وتميل درجات الحرارة للانخفاض مع بقائها أعلى من معدلاتها بنحو 1 إلى 3 درجات مئوية في أغلب المناطق السورية، بحسب المديرية العامة للأرصاد الجوية، مع تأثر البلاد بامتداد المنخفض الموسمي الهندي السطحي والمترافق مع تيارات جنوبية غربية في طبقات الجو العليا.
وتوقعت المديرية العامة للأرصاد أن يكون الجو، اليوم الخميس، صيفياً حاراً نسبياً بشكل عام وسديمياً مغبراً في المناطق الشرقية والبادية وتكون الرياح غربية إلى جنوبية غربية معتدلة مع هبات نشطة تتجاوز الـ50 كيلومتراً في الساعة، وتثير أحياناً الغبار في المناطق الشرقية والجزيرة، فيما البحر خفيف ارتفاع الموج.
وقال فريق "منسقو استجابة سورية"، في تقرير، أخيراً، إنّ النقص المسجل في الاستجابة الإنسانية ضمن المخيمات في مختلف القطاعات سجل أكثر من 894 مخيماً من أصل 1489 لا تحصل على المساعدات الغذائية، و361 مخيماً تحصل على المساعدات بشكل متقطع، بينما هناك أكثر من 1083 مخيماً لا تحصل على مادة الخبز المدعوم أو المجاني، إضافة إلى أكثر من 590 مخيماً تعاني من انعدام المياه بشكل كامل، في حين يعاني 269 مخيماً آخر من نقص توريد المياه أي أنها لا تحصل على الكمية الكافية، كما يعاني أكثر من 614 مخيماً من غياب الصرف الصحي اللازم.
وأشار إلى أنه يوجد أكثر من 1223 مخيماً لا تتوفر على أي نقطة طبية أو مستشفيات ويقتصر العمل على عيادات متنقلة ضمن فترات متقطعة، كما يوجد أكثر من 878 مخيماً غير معزول الأرضية، إضافة إلى 1178 مخيماً بحاجة إلى تركيب أو تجديد العزل الخاص بالجدران والأسقف، ويحتاج أكثر من 944 مخيماً إلى تجديد الخيام بشكل كامل أو جزئي.
وفي قطاع التعليم، أكّد أن هناك أكثر من 930 مخيماً لا يضم أي نقطة تعليمية أو مدرسة ضمن المخيم، ويضطر الأطفال إلى الانتقال إلى مخيمات مجاورة أو إلى القرى القريبة لمتابعة دراستهم.