على مدى أكثر من ثلاث سنوات، سعى الشاب التونسي عبد الجبار النار لإنتاج فاكهة التنين التي لا تزرع في تونس ولا تتوفر بكميات كبيرة على الرغم من استيرادها. وتُباع الحبة الواحدة من هذه الفاكهة الإستوائية بنحو 15 دولاراً أميركياً، وهو سعر مرتفع جداً بالمقارنة مع أسعار الفاكهة الأخرى سواء تلك التي تزرع في البلاد أو التي تستورد. مع ذلك، واصل الشاب تجاربه لزراعة تلك الثمار.
يقول إنّ شجرة التنين تُباع في تونس مع نباتات الزينة كونها تشبه العديد من أنواع الصبّار، لافتاً إلى أن الناس لا يتوقعون أن يكون سعرها مرتفعاً وخصوصاً أنها غير معروفة في البلاد. ويوضح أنها تباع من دون تلقيح وبالتالي لا تنتج غالبيتها الثمار إلا بعد التخصيب والعناية اللازمة، وتوفير الظروف الملائمة لنموّها والمشابهة لمناخ المناطق الاستوائية.
يعيش الشاب عبد الجبار في مدينة رأس الجبل في محافظة بنزرت شمال تونس، وهي منطقة زراعية تتميز بمناخ معتدل، وتشتهر بالزراعات بمختلف أنواعها. وكان قد بدأ تجربة زراعة تلك الثمار على سطح منزله. بداية، اشترى بعض المشاتل الصغيرة وبحث عبر الإنترنت عن طبيعة تلك النبتة وطريقة العناية بها وكيفية تخصيبها، والتواصل مع بعض من كانت لهم تجربة في زراعة تلك الثمار في الخارج. وبعد أكثر من ثلاث سنوات من التجارب والانتظار، نجح في إنتاج كمية صغيرة من ثمارها على سطح منزله. وكان قد غرسها في أصص كبيرة ونجحت التجربة على الرغم من صغر المساحة.
وتمكن عبد الجبار من إنتاج ثمار التنين مختلفة الألوان والمذاقات. وفاق وزن الثمرة الواحدة نصف الكيلوغرام، مشيراً إلى أنّ تلك الثمرة استوائية بالأساس وتتطلب مناخاً معيناً، كونها لا تتحمل درجات حرارة شديدة البرودة ولا شديدة الحرارة. لذلك، حاول أن يوفر كلّ الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح نموها وإنتاجها بطريقة بيولوجية بالأساس.
ويوضح أن الشتلة الواحدة تحتاج ثلاث سنوات أو أكثر لإنتاج الثمار. لذلك، تتطلب الكثير من الصبر والعناية، كريّها بطريقة منتظمة، وتركيز أعمدة قرب كل شجرة لربط الأغصان عندما تبلغ طولاً معيناً حتى لا تتكسر، وإزالة بعض أزهارها خلال التزهير لنجاح نمو بعض الثمار. وقد يصل وزن الثمرة الواحدة منها إلى كيلوغرام.
وتُعتبر فاكهة التنين من أشهر ثمار المناطق الاستوائية. وتختلف ألوانها بين الأحمر والأبيض والأصفر وحتى الأسود، وهي مليئة من الداخل بالحبيبات الصغيرة السوداء على غرار الكيوي، وغنية بالفيتامينات وغيرها من الفوائد. كما أنّها ليست من الثمار وافرة الإنتاج في العالم وهذا سبب ارتفاع أسعارها بشكل عام وليس في تونس فقط، بالمقارنة مع أسعار العديد من الفاكهة الأخرى.
وتتميّز المناطق الاستوائية بارتفاع درجات الحرارة فيها والرطوبة المرتفعة وهطول الأمطار على مدار العام. لذلك، تنبت في تلك المناطق العديد من أنواع الفاكهة التي تتأقلم والمناخ هناك، وليس من الممكن نجاح إنتاجها بسهولة في بعض المناطق الأخرى.
لم تقتصر تجربة عبد الجبار على فاكهة التنين، إذ يحاول اليوم تجربة زراعة العديد من أنواع الفاكهة الأخرى غير الموجودة في تونس على غرار الكيوي والمانغو والجوافة، من خلال البحث في خصائص كلّ فاكهة والمناخ الذي تحتاجه وطريقة زراعتها والعناية بها، ليركز أكثر على العديد من أنواع الفاكهة التي لا تنتج في تونس والتي لا تتوفر بكميات كبيرة.
ويجهز عبد الجبار اليوم قطعة أرض صغيرة في منطقته لزرع أكبر عدد من أشجار ثمرة التنين، على أمل أن تكون جاهزة حتى شهر مارس/ آذار المقبل. كما أنّه يأمل إنتاج كميات هامة تُباع بحسب الطلب بكميات بسيطة، في وقت سيصل سعر الكيلوغرام الواحد منها إلى 15 دولاراً.
وخاض بعض الشباب في تونس تجربة زراعة تلك الثمار، على غرار الشاب وسام فرحات الذي تعرّف على تلك الفاكهة خلال وجوده في إحدى دول الخليج، لأنّه لم يصادف أن رآها في أحد الأسواق في تونس. واكتشف طريقة زراعتها وخصوصيتها وكيفية تخصيبها من خلال عمال آسيويين ينتجونها ولهم دراية بطريقة إنتاجها، فقرر العودة إلى تونس لإنتاج تلك الثمار.
ومنذ ست سنوات، يحاول وسام إنتاج تلك الثمار. كما عمل على توفير الظروف المناسبة لتتأقلم مع المناخ في تونس، لا سيما وأنّها لا تتحمل البرودة الشديدة. وركز مشروعه الزراعي الصغير في منطقة زراعية قرب العاصمة تشتهر بالزراعة وتتميز بمناخ معتدل. وبدأ فعلياً في إنتاج تلك الثمار بمختلف أصنافها وتسويقها بكميات بسيطة أيضاً، وتباع إلى أشخاص معينين وخصوصاً أنّ أسعارها باهظة ولا يمكن توفيرها في الأسواق العادية.