يزدحم مئات النازحين الفلسطينيين شمال قطاع غزة أمام خزان لمياه الشرب في باحة مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أجل الحصول على كميات قليلة منها.
ويعاني الفلسطينيون في مدينة غزة ومحافظة شمالي القطاع من ندرة المياه الصالحة للشرب والمواد الغذائية بسبب منع قوات الاحتلال الإسرائيلية وصول المساعدات والوقود إلى تلك المناطق منذ أكثر من 3 أشهر، حسب مصادر محلية ومنظمات أممية وإنسانية دولية مختلفة.
ويعمل الفلسطيني كمال عبد الغفور في توزيع المياه الصالحة للشرب عبر شاحنته التي يشغلها على زيت الطهي بدلا من الوقود غير المتوفر في مناطق شمالي القطاع.
ويتنقل عبد الغفور في مناطق بلدة ومخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين كلما نجح في توفير كمية جيدة من مياه آبار بعيدة عن البلدة.
نازحو غزة بلا ماء
وفي مدرسة "ذكور جباليا" في مخيم جباليا، وصلت شاحنة مياه عبد الغفور متأخرة عن موعدها بيومين ليسارع النازحون إليها لتعبئة ما يتوفر لديهم من أوعية بلاستيكية.
ويقول عبد الغفور لـ"الأناضول": "ليس لدى هؤلاء النازحين أي مصدر آخر للمياه باستثناء هذه الكميات القليلة التي أنقلها إليهم مرة أو مرتين في الأسبوع الواحد"، مضيفا: "أحضر المياه من بئر في منطقة بعيدة شمالي القطاع وأضخها عبر مولد كهرباء يعمل بزيت الطهي".
أزمة المياه ليست الوحيدة التي تواجه الفلسطينيين في مدرسة "ذكور جباليا" فهم لا يجدون الطعام أيضاً
ويوضح أن كميات المياه التي يحضرها من المفترض أن تكفي النازحين في مدرسة "ذكور جباليا" ليوم واحد فقط، ولكنهم يستخدمونها على مدى 3 أيام بسبب ندرة المياه.
ويشير إلى أنه يعمل أيضا على نقل المياه إلى مناطق أخرى ومدارس داخل مناطق شمالي القطاع، ويحصل على أجر زهيد لإدراكه أن النازحين لا يملكون ما يكفيهم من الأموال لمواجهة هذه الظروف الصعبة.
وأزمة المياه ليست الوحيدة التي تواجه الفلسطينيين في مدرسة "ذكور جباليا"، فهم لا يجدون الطعام أيضاً ولجأوا في الآونة الأخيرة لطحن أعلاف الحيوانات وصنع خبز منها بدل القمح.
إضافة إلى أن أكواما من القمامة تتراكم أمام بوابة المدرسة بسبب تعطل خدمات "أونروا" في مخيم جباليا الخاصة بجمع القمامة، ما يتسبب بانتشار العديد من الأمراض الجلدية والتنفسية والمعوية لدى النازحين خاصة الأطفال منهم داخل المدرسة.
ويقول النازح خليل عبد النبي (33 عاما): "نحصل على المياه بصعوبة ولا توجد مياه للنظافة الشخصية والقمامة تنتشر بشكل كبير في كل مكان وكل ذلك يسبب انتشار الأمراض بيننا"، مضيفا: "الأطفال هنا مصابون بأمراض جلدية وتنفسية، إضافة إلى أن عددا كبيرا منهم أصيب بنزلات معوية بسبب انتشار القمامة".
ويشير إلى أن النازحين حاولوا قبل ذلك جمع القمامة، لكنهم لم يجدوا وسيلة لنقلها إلى مناطق بعيدة عن السكان بسبب انعدام الوقود.
وفي 7 فبراير/شباط الجاري، أفادت وكالة الأونروا بانتشار الأمراض بشكل مقلق بسبب نقص الصرف الصحي والمياه النظيفة.
وتشير النتائج الأخيرة لفحوص سوء التغذية التي أجرتها المنظمات الشريكة في مجموعة التغذية إلى زيادة كبيرة في معدل سوء التغذية الحاد العام بين الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرا.
ووصل سوء التغذية الحاد العام بالقطاع إلى 16.2 بالمائة، وهو معدل يتخطى العتبة الحرجة التي تحددها منظمة الصحة العالمية عند 15 بالمائة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية.
وإثر الفظائع المرتكبة بالقطاع الفلسطيني، تواجه إسرائيل اتهامات بارتكاب إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية، للمرة الأولى بتاريخها، ما قوبل بترحيب إقليمي وعالمي لوضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب.
(الأناضول، العربي الجديد)