بعد أسبوع من الفيضانات التي خلفت 218 قتيلاً على الأقل في إسبانيا، تتواصل عمليات التنظيف والبحث، اليوم الثلاثاء، في الأماكن المتضررة لإزالة الأنقاض والمركبات الغارقة في الوحل. حيث تجمّع عدد كبير من المتطوعين المجهزين بمجارف ومكانس مجدداً في المدن المدمرة، لكنّ المسؤولين يطالبون بمعدات احترافية لإزالة مئات السيارات المنقلبة على الطرق.
وفي بايبورتا، وهي بلدة يبلغ عدد سكانها 25 ألف نسمة وتقع في ضواحي فالنسيا وتُعد مركز الكارثة مع أكثر من 70 ضحية، قالت رئيسة بلدية المدينة ماريبيل ألبالات، الثلاثاء، إن مياه الشرب أصبحت متاحة للسكان مجدداً، لكن لم تتم بعد إعادة الكهرباء إلى كل المنازل.
وقالت رئيسة البلدية عبر محطة "تي في إي" التلفزيونية: "نحن نحتاج إلى آلات، نحتاج إلى متخصصين لتنظيف الشوارع وتفريغها، حتى يتمكن الناس من التفرغ للاهتمام بمنازلهم"، مشيرة إلى أنه في بايبورتا "100% من المنازل و100% من الأعمال تضرّرت. نحن في حاجة إلى الشركات لمساعدتنا". ولمواجهة الكلفة الباهظة للكارثة، قدّمت الحكومة الإقليمية مظروفاً بقيمة 250 مليون يورو، مع إعفاءات ضريبية وتعويضات، وصادق البرلمان، الثلاثاء، على مساعدات مباشرة بقيمة 30 مليون يورو للأشخاص المتضررين.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز سلسلة من الإجراءات للمناطق المنكوبة خلال انعقاد مجلس الوزراء، من بينها إقرار خطة مساعدات أولية بقيمة 10,6 مليارات يورو. وقال أيضاً إنه خلال ثلاثة أيام، جرت مضاعفة عدد العناصر العسكريين والشرطة في مركز الفيضانات. موضحاً أنه بعدما كان عددهم 7300، السبت، هناك حالياً 14898 جندياً وشرطياً وعنصراً من الحرس المدني في منطقة فالنسيا الشرقية التي سجّل فيها الجزء الأكبر من حصيلة القتلى الناجمة عن الفيضانات والتي بلغت 218 شخصاً.
وبعد أسبوع من الفيضانات التاريخية المدمرة، بلغت حصيلة القتلى الأولية 218، 214 في منطقة فالنسيا وحدها، وثلاثة في كاستيا لا مانشا وواحد في الأندلس. وسمحت المحاكم بتسليم "قرابة خمسين جثة" إلى عائلاتهم، وفق ما أفادت محكمة العدل العليا في فالنسيا على منصة إكس. والأولوية تبقى دائماً للعثور على المفقودين الذين لم يحدد عددهم.
أكدت هيئة الأرصاد الجوية الإسبانية رسمياً أن وضع "الأزمة الجوية" انتهى في منطقة فالنسيا
وتشعر السلطات بقلق خاص إزاء الوضع في الكثير من مواقف السيارات تحت الأرض التي غمرتها المياه بالكامل والتي لم يجر بعد التحقق مما إذا كان فيها أشخاص وقت الكارثة، لا سيما موقف مركز بونير التجاري الكبير في ألدايا البالغ عدد سكانها 31 ألف نسمة والواقعة في ضواحي فالنسيا، حيث يتّسع الموقف لـ5700 سيارة، نصفها تقريباً في طوابق تحت الأرض، وقد غمرتها المياه بالكامل.
في الأيام الماضية، تدخل أفراد وحدة الطوارئ العسكرية لتركيب العديد من المضخات لبدء سحب المياه. كذلك، تمكن غواصون من النزول تحت الأرض، لكن بدون رصد أي جثث حتى الآن.
وفي بيكانيا قرب فالنسيا، ما زال هناك "جيران" مفقودون، كما أكّد رئيس البلدية جوزيب ألمينار الذي يواصل، بعد أسبوع من الكارثة، "إخراج صناديق القمامة من المدينة، وإخراج السيارات".
وصباح الاثنين، أكدت هيئة الأرصاد الجوية الإسبانية رسمياً أن وضع "الأزمة الجوية" انتهى في منطقة فالنسيا. لكن الأزمة نفسها لم تنته. وقالت ماتيلدا غريغوري، وهي صاحبة متجر دمّرته الفيضانات في سيدافي قرب فالنسيا: "مرّت ستة أيام، ستة أيام والسكان وحدهم من يساعدوننا، لا يمكننا الاعتماد إلا على تضامن السكان". وأضافت خلال مشاركتها في توزيع مساعدات "أين هم السياسيون؟ أين هم؟ لِمَ لم يحذّرونا؟ قتلة. إنهم قتلة".
والأحد، تحول هذا الشعور بالعجز إلى غضب حين ذهب الملك فيليبي السادس والملكة ليتيسيا مع بيدرو سانشيز والرئيس المحافظ لمنطقة فالنسيا كارلوس مازون إلى بايبورتا. وعند وصول الوفد الرسمي، هتف الحشد "قتلة! قتلة!"، متوجهاً خصوصاً إلى سانشيز ومازون. واستدعى الوضع تدخّل الشرطة لتحييد المحتجّين الأكثر عنفاً. ورشق الحشد الغاضب الملك فيليبي السادس وزوجته بالوحل على الوجه والملابس، في حادثة غير مسبوقة على الأرجح في تاريخ العائلة الملكية الإسبانية.
(فرانس برس)