عودة إلى المدرسة... جزائريون يشكون الغلاء وكورونا

08 نوفمبر 2020
عودة إلى المدرسة في الجزائر (بلال بنسالم/ Getty)
+ الخط -

رغم الموجة الثانية لفيروس كورونا، اختارت الجزائر بدء العام الدراسي الحالي من خلال حضور التلاميذ إلى المدارس مع اتخاذ إجراءات الوقاية كافة. إلا أن الأهل اصطدموا بغلاء أسعار المستلزمات المدرسية، عدا عن خوفهم من الفيروس نفسه

عاد أربعة ملايين تلميذ جزائري في المرحلتين المتوسطة والثانوية إلى مدارسهم يوم الأربعاء الماضي، سبقهم أكثر من خمسة ملايين تلميذ في المرحلة الابتدائية كانوا قد التحقوا بمدارسهم في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في ظروف صحية استثنائية بسبب تفشي فيروس كورونا. ولا ينحصر القلق باحتمال انتشار العدوى بين التلاميذ، إذ تعاني العائلات بسبب غلاء أسعار القرطاسية والكتب وغيرها من المستلزمات المدرسية، في ظل تداعيات كورونا السلبية على الاقتصاد وبالتالي تفاقم الأزمة المعيشية.   
إذاً، يتوجب على التلاميذ إحضار أقلام وكتب وغير ذلك، ويأملون أن يكون أهلهم قادرين على شرائها لهم. وعادة ما تشهد هذه الفترة اقبالاً كبيراً من الأهل على مختلف المحال والمكتبات التي تبيع المستلزمات الدراسية. لكن الوضع تغيّر هذا العام في ظل شكاوى الأهل من جراء غلاء الأسعار وتراجع قدرتهم الشرائية نتيجة الأزمة الاقتصادية التي خلّفها تفشي كورونا، والذي كان له تأثيراً على دخل الفرد. 

وأعربت الكثير من العائلات عن استيائها بسبب غلاء أسعار القرطاسية والكتب المدرسية بالمقارنة مع العام الماضي. ورأى البعض أن التجار استغلوا الوضع لرفع الأسعار معتبرين أنه لا خيار أمام العائلات غير شراء متطلبات المدرسة الأساسية على الأقل. يُضاف إلى ما سبق الأعباء اليومية للعائلات في ظل انخفاض القدرة الشرائية. في هذا السياق، تقول سعيدة بن عبد الرحمن إن الأسعار مرتفعة جداً خصوصاً لمن لديه أكثر من طفل في عمر الدراسة. وتوضح لـ "العربي الجديد" أن لديها أربعة أطفال يحتاجون جميعهم إلى لوازم مدرسية. لذلك، اضطرّت إلى الاستدانة من أجل شراء ما يحتاجه أبناءها. 
هذا الواقع يدفع الأهالي إلى شراء اللوازم المدرسية من المحال أو البسطات التي توفرها بأسعار أقل. على سبيل المثال، لجأ البعض إلى الباعة الذين يعرضون بضاعتهم على الرصيف لتصريف ما يمكن بأسعار أقل بالمقارنة مع المحال أو المكتبات، الأمر الذي ينقذ العائلات، خصوصاً التي بات معيلوها عاطلون عن العمل. 
من جهة أخرى، يشكو العمال الموسميون من تراكم الديون عليهم بسبب توقف أعمالهم من جراء الأزمة الصحية التي شهدتها البلاد. كما تضرر سائقو سيارات الأجرة والعاملون في مشاريع البناء وغيرها. من هنا، لجأت بعض العائلات إلى بيع ما تملك من أغراض ثمينة للتمكّن من مواجهة المصاريف المتعلقة بالعام الدراسي الجديد. 
وتجاوزت أسعار الحقائب المدرسية خلال السنوات الأولى من المدرسة ثلاثة آلاف دينار جزائري (نحو 23 دولاراً) ، كما تجاوز سعر الزي المدرسي 800 دينار (6 دولارات). أما الأسعار الخاصة باللوازم المدرسية مثل القرطاسية وغيرها، فتصل كلفتها للتلميذ الواحد إلى ما يزيد عن 10 آلاف دينار (نحو 77 دولاراً). وبالتالي، فإنّ رب العائلة الذي لديه أربعة أطفال يحتاج إلى 60 ألف دينار (نحو 465 دولاراً) لتلبية متطلبات الدخول إلى المدرسة لأبنائه، ما يعني راتب شهرين بالنسبة لموظف في مؤسسة حكومية. أما العاطلون عن العمل بسبب كورونا، فلجأوا إلى الاستدانة إلى حين تحسّن الأوضاع الاقتصادية.

الصورة
عودة إلى المدرسة في الجزائر- فرانس برس
تدابير غير مسبوقة (فرانس برس)

إلى ذلك، سعت عشرات الجمعيات الخيرية إلى مساعدة ما تيسر من العائلات المعوزة والفقيرة لتوفير اللوزام المدرسية لأبنائها، من بينها جمعية "ناس الخير" في ولاية الشلف غربي العاصمة الجزائرية. وعملت على جمع تبرعات من الأغنياء بهدف شراء اللوازم المدرسية لتلاميذ القرى والعائلات ذات الدخل المحدود.
يقول العضو في الجمعية محمد صاولي، لـ "العربي الجديد"، إن برنامج جمع التبرعات سيستمر حتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، في حال تمكنت الجمعية من توفير الملابس واللوازم المدرسية للأطفال في عشر بلديات من الولاية، موضحاً أن هذا العمل يندرج في إطار مخطط موجه لليتامى والأرامل والأسر المعوزة منذ شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، خلال الاستعداد للدخول إلى المدرسة.
بالإضافة إلى الأعباء المادية والمشاكل الاجتماعية التي غالباً ما ترافق العائلات خلال فترة الدخول إلى المدرسة خصوصاً بالنسبة للعائلات محدودة الدخل، تتحدث بعض العائلات عن خوفها على سلامة أطفالها مع تفشي الموجة الثانية للوباء في البلاد. ووضعت وزارة التربية الوطنية خطة استثنائية لضمان استئناف الدراسة في المدارس، وخصوصاً في المرحلتين المتوسطة والثانوية، حرصاً على صحة التلاميذ والعاملين وسلامتهم.  
كذلك، تم اتخاذ مجموعة من التدابير المشددة، منها وجوب تهيئة مدخل المدرسة من خلال وضع حواجز أو أشرطة ملونة بشكل يضمن تنقل التلاميذ في اتجاه واحد مع احترام التباعد الجسدي. كما نص على الحرص على توفير مستلزمات التنظيف والتطهير، وتوفير أجهزة قياس الحرارة بالأعداد الكافية.
وفي ما يتعلق بقاعات الدراسة، فقد حددت الخطة كيفية جلوس التلاميذ مع احترام التباعد الجسدي، مع إلزام الأساتذة بتطبيق هذا التباعد بينهم وبين التلاميذ بمسافة متر ونصف على الأقل. ودعا وزير التربية محمد واجعوط إلى "الاحترام الصارم" للبروتوكول الوقائي الصحي الذي صادقت عليه اللجنة العلمية لوزارة الصحة، والالتزام بتنفيذ كل ما جاء فيه من إجراءات وقائية في مختلف المحطات. كما دعا إلى الاهتمام بالجانب النفسي للتلاميذ من قبل مستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني، مع ضرورة تأمين الإطار التربوي لكل مادة وفي مختلف المستويات. 
وكلفت الحكومة وزارة الداخلية ووزارة التضامن بمتابعة ملف وصول منحة الدراسة المقدرة بخمسة آلاف دينار (25 دولاراً) لكلّ تلميذ محتاج، مع البلديات. وهي المنحة التي قررت الحكومة سدادها منذ يونيو/ حزيران الماضي، حين طلبت قائمة بهؤلاء التلاميذ المحتاجين.

وكان مجلس الوزراء قد حدد في بيان يوم 21  أكتوبر/ تشرين الأول الماضي موعداً للدخول المدرسي بالنسبة للمرحلة الابتدائية في كافة أنحاء الجزائر، و4 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري للمتوسط والثانوي، فيما حدد الدخول الجامعي يوم 15 نوفمبر الجاري. وتبقى الإشارة إلى أنّ هذه هي المرة الأولى التي تشهد البلاد عودة إلى المدرسة على مرحلتين وليست مرحلة واحدة كما في السنوات الماضية، في ظلّ تفشي كورونا. وعادة ما كانت تبدأ المدارس مع بداية سبتمبر/ أيلول من كلّ سنة.