استمع إلى الملخص
- الحصار والقصف الإسرائيلي أثرا بشكل كبير على الحياة اليومية والاقتصاد في غزة، مما أدى إلى نقص في الضروريات وارتفاع الأسعار، وتعطيل الطقوس الاجتماعية.
- حماس تدعو لتكثيف الجهود الإغاثية لمواجهة ما تصفه بـ"حرب الإبادة"، مؤكدة على أهمية دعم صمود ودفاع الشعب الفلسطيني عن مقدساته.
تواصل قصف جيش الاحتلال ولم تتوقف مجازره في كافة مناطق القطاع
يأتي العيد في وقت تعيش فيه محافظتا غزة والشمال على وقع المجاعة
اختفت ملامح وطقوس عيد الأضحى مع حلول يومه الأول في غزة
اختفت ملامح وطقوس عيد الأضحى مع حلول يومه الأول في غزة اليوم الأحد، بالتزامن مع استمرار الحرب الإسرائيلية وتواصل القصف والمجازر في كافة مناطق القطاع. وتعيش محافظتا غزة والشمال تفاصيل المجاعة، وتشهد المحافظات الوسطى عمليات قصف متواصلة رغم زعم الاحتلال الإسرائيلي أنها "مناطق آمِنة"، في حين يطاول التدمير الواسع المحافظات الجنوبية مع تواصل الاجتياح البري، وارتكاب الجيش الإسرائيلي مجازر في رفح منذ أكثر من شهر.
وفي بيان أصدرته بمناسبة أول أيام عيد الأضحى المبارك، دعت حركة حماس إلى تكثيف جهود إغاثة الشعب الفلسطيني في مواجهة "حرب الإبادة" التي تشنها إسرائيل. وقالت: "نبارك لأمتنا حلول العيد، ولحجاج بيت الله الحرام أداءهم مناسك الحج هذا العام. ندعو إلى دعم صمود شعبنا الفلسطيني ودفاعه عن مقدساته، وتكثيف جهود إغاثته في مواجهة حرب الإبادة والتطهير العرقي والتجويع".
وأكدت حماس أن "الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكل ساحات الوطن وخارجه، يقف بالنيابة عن الأمة للدفاع عن أرض فلسطين المباركة والذود عن المسجد الأقصى المبارك وحمايته".
وفي العادة، يتميز عيد الأضحى في غزة بطابع خاص، ويبدأ بالتكبيرات بعد انتهاء صلاة الفجر، وأداء صلاة في العراء قبل التوجه لذبح الأضاحي التي تحجز مسبقاً في أماكن عامة أو بيوت وسط أجواء من الفرحة، ثم تنطلق جولة زيارة الأرحام والأقارب والجيران وتوزيع اللحم، لكن تواصل العدوان والقتل اليومي حرم الفلسطينيين من كل هذه الطقوس.
وفي وقت أدى مئات آلاف الفلسطينيين صلاة عيد الأضحى المبارك فوق أنقاض مساجد وبجانب منازلهم التي دمرتها إسرائيل خلال الحرب المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لم يشهد حلول العيد أياً من مظاهر الاحتفال التقليدية بحسب العادات والتقاليد الفلسطينية، ومن بينها ذبح الأضاحي في المسالخ الرسمية ومداخل البيوت، أو حتى في الطرقات، علماً أن العام الماضي شهد ذبح نحو 17 ألف رأس من العجول، ونحو 24 ألف من الأغنام.
وغابت عن شوارع القطاع ملامح البهجة والفرحة، واختفت أحبال الزينة والاضاءة الملونة وأراجيح الأطفال في ظل تدمير المتنزهات العامة التي كانت مزاراً حيوياً للفلسطينيين خلال أيام العيد بسبب نُدرة الأماكن الترفيهية، فيما بات يُعاني أكثر من ثلثي الفلسطينيين، ومن بينهم الأطفال، من اضطرابات ما بعد الصدمة بفعل آثار العدوان.
وقال فادي محمد علي، وهو نازح من حي النصر وسط مدينة غزة إلى مُخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، لـ"العربي الجديد": "تراكمت المآسي على الفلسطينيين وحرمتهم من الاحتفال بمختلف المناسبات والأعياد، وهم مُنعوا من استقبال العام بشكل طبيعي، ولم يحتفلوا بشهر رمضان أو عيد الفطر، ولم يستقبلوا عيد الأضحى وطقوسه السنوية". وتابع: "حرمت مجموعة أسباب الفلسطينيين من استقبال عيد الأضحى والاحتفال به، ومن بينها تواصل العدوان والقصف وحالة النزوح والتشتت والخطر الشديد، وحالة الحزن والفقد في كافة البيوت، علاوة على الحالة الاقتصادية المُتردية التي يمر بها معظم أهالي القطاع بسبب تعطل أعمالهم".
ويُشير أيضاً إلى الآثار السلبية لإغلاق المعابر المؤدية إلى غزة منذ بداية العدوان، وتشديد الخناق بشكل كبير منذ مطلع مايو/ أيار الماضي بعد سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح وتعطيله بالكامل، ومنع دخول المساعدات الإنسانية والبضائع والأضاحي، ما ضاعف أسعار الأعداد القليلة المُتوفرة من البضائع وسط ضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
وأخبر رائد أبو هين، وهو من سكان حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، "العربي الجديد"، أنه لم يستطع تركيب الأرجوحة التي كان يزينها بالألوان الزاهية مع حلول الأعياد، وذلك بعدما اضطر مع عائلته إلى النزوح إلى المناطق الوسطى بفعل التهديدات الإسرائيلية والقصف المركز وأحزمة النار التي حوّلت المنطقة إلى ركام ودمار. وقال: "اعتدت على ضجة الأطفال وفرحتهم في أيام العيد، وتحديداً في حي الشجاعية الذي يتميز بحفاوة استقبال العيد، وانتشار الأراجيح في مختلف الشوارع والمفترقات، لكن كل هذه المظاهر اختفت، فيما دمّر الاحتلال الشوارع والمعالم والبيوت وشرّد أهلها".
وحرم التدمير الإسرائيلي الممنهج لمُختلف ملامح الحياة في غزة الفلسطينيين من ممارسة طقوسهم السنوية، جراء تدمير أكثر من 70% من المُنشآت السكنية والأبراج والمرافق الاقتصادية والمطاعم وصالات ألعاب الأطفال، فيما منع النزوح، الذي يتجرع مرارته كل أهالي قطاع غزة، طقوس الزيارات.
وأوضح أكرم أبو العيس الذي بدا الإحباط واضحاً على ملامحه، لـ"العربي الجديد"، أنه لم يستطع استقبال العيد كما جرت العادة، بفعل حالة النزوح الطويلة التي تسبب فيها العدوان الإسرائيلي، وقال: "لم نتوقع يوماً أن يمتد نزوحنا كل هذه المدة التي استنزفت طاقاتنا وفرحتنا وأملنا وأماننا".
وأرجع عدم القدرة على استقبال العيد والاحتفال به إلى التشتت الذي يعيشه برفقة زوجته وأطفاله منذ أكثر من خمسة أشهر، التي انتقل فيها إلى عدة مراكز إيواء وصولاً إلى إنشاء خيمة. ولفت إلى أنه يعيش معركة أخرى إلى جانب الحرب، تتمثل في توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته من مأكل ومشرب ومستلزمات أساسية وسط واقع معيشي مأساوي وصعب.
ويتذكّر أبو العيس التفاصيل المميزة التي كان يعيشها مع أسرته خلال عيد الأضحى، والتي تبدأ بالذبح، والتزاور، والخروج مع الأطفال إلى المطاعم والمتنزهات واللهو بالأراجيح وشراء الألعاب، وتنظيم رحلات شواء اللحم على البحر ليلاً. ويقول: "الحرب أزهقت الأرواح ودمّرت الأماكن وسرقت الفرحة، وقتلت الشغف والأمل".