كانت المؤسسات التربوية والطرقات المؤدية إليها الفضاء الحاضن لاحتجاجات التونسيين خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بسبب مطالب اجتماعية ورفض ظروف التدريس تزامناًَ مع عودة أكثر من 2.5 مليون تلميذ للمدارس والمعاهد.
وكشف التقرير الشهري لمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مدنية)، أنّ 23 بالمائة من مجموع الاحتجاجات التي جرى رصدها الشهر الماضي سُجّلت في مؤسسات تعليمية، كما سجّلت النسبة ذاتها من التحركات على الطرقات، فيما كان الأولياء والتلاميذ والمدرسون وطلاب الجامعات أكبر الفاعلين في هذه الاحتجاجات.
12 بالمائة من الاحتجاجات قادها الأولياء و7 بالمائة المدرسون و9 بالمائة التلاميذ والطلبة
وأبرزت الأرقام التي وردت في التقرير، اليوم الخميس، أنّ 12 بالمائة من الاحتجاجات قادها الأولياء و7 بالمائة المدرسون و9 بالمائة التلاميذ والطلبة، فيما مثّل الالتحاق بالدروس 8.7 بالمائة من آليات الاحتجاج المعتمدة والتي تراوحت بين الاعتصامات وغلق مقرات العمل والإضراب .
وقال المتحدث الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إنّ الاحتجاج تركّز الشهر الماضي في محيط المؤسسات التعليمية نتيجة غضب شامل من ظروف العودة المدرسية التي شهدت العديد من النقائص.
وأضاف بن عمر، متحدثا لـ"العربي الجديد"، أنّ "العودة المدرسية كانت متعثرة في العديد من محافظات البلاد، ولا سيما الأقل تنمية منها على الشريط الغربي، نتيجة نقص في الإطار التعليمي وعدم جاهزية قاعات التدريس لاحتضان التلاميذ، إلى جانب غياب النقل المدرسي والماء، ما تسبب في منع المواطنين لأبنائهم من الذهاب إلى مدراسهم لإجبار السلط على تحسين الظروف المدرسية في مناطقهم".
وتابع "الخدمات المدرسية والنقل حاضرة في جلّ الاحتجاجات الاجتماعية التي يجري رصدها من قبل المنتدى، لكنها تبلغ ذروتها مع العودة المدرسية بسبب التراجع المستمر في مستوى الخدمات المقدمة في هذا الجانب".
وخلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، زادت الاحتجاجات في تونس بنسبة 78 بالمائة مقارنة بشهر آب/ أغسطس، معلنة انتهاء هدنة الحراك الاجتماعي في البلاد والذي غالبا ما تخفت وتيرته في فصل الصيف.
وفسّر تقرير المنتدى سقوط هذه الهدنة وتسجيل 789 احتجاجا في شهر واحد ببروز بوادر انفجار اجتماعي كبير يغذّيه عجز السلطات في البلاد، وتعثر الاستجابة لسقف الانتظارات العالي جدا ما بعد 25 يوليو/تموز، تاريخ انتقال السلطة مجتمعة إلى الرئيس قيس سعيد.
ومع تقدم العام الدراسي لا تزال بوادر الغضب في القطاع التربوي تنبئ بتواصل الاحتجاجات داخل فضاءات التدريس، وذلك عقب إعلان 9 نقابات تعليمية مجتمعة الإضراب العام غدا الجمعة.
ويأتي الإضراب العام بعد تعطّل الدروس في أغلب المؤسسات التعليمية، أمس الأربعاء، اعتراضا على ارتفاع منسوب العنف ضد المربين عقب تعرّض أستاذ بمعهد بإحدى ضواحي العاصمة تونس إلى طعن من قبل تلميذ له، ما تسبب في إحالته على الإنعاش.
ويطالب المربون في تونس، بإصدار قانون يجرّم كافة أشكال الاعتداء على الإطار التعليمي والمؤسسات التربوية وإقرار خطة إصلاح شاملة للتدريس في البلاد عقب تصاعد العنف والانفلات في المدارس والمعاهد.