تعمل أجهزة الإغاثة الأميركية بشكل حثيث، اليوم الأحد، بحثاً عن ناجين محتملين من أعاصير مدمّرة ضربت ست ولايات أميركية، وخلّفت 83 قتيلاً على الأقل وعشرات المفقودين وأضراراً كبرى في المدن.
وصف الرئيس الأميركي جو بايدن موجة الأعاصير، وأحدها قطع أكثر من 200 ميل، بأنها واحدة من أقوى العواصف في التاريخ الأميركي. وقال بايدن متأثراً في تعليقات متلفزة "إنها مأساة" متعهداً بتقديم الدعم للولايات المتضرّرة، مضيفاً "ما زلنا حتّى الآن لا نعرف عدد الخسائر في الأرواح والنطاق الكامل للأضرار".
أعداد كبيرة من عناصر أجهزة البحث والإنقاذ كانت تساعد المواطنين في هذه الولايات وسط الدمار ليلاً. وقُتل أكثر من سبعين شخصاً في ولاية كنتاكي فقط، معظمهم عاملون في مصنع شمع، فيما قُتل 13 شخصاً على الأقل في ولايات أخرى. وقضى ستة أشخاص على الأقل في إيلينوي جرّاء انهيار مستودع لشركة أمازون، كان داخله قرابة مئة موظف. وقُتل أربعة أشخاص في ولاية تينيسي وشخصان في أركنساس وشخص واحد على الأقل في ميسوري، حسب مسؤولين ووسائل إعلام محلية. وقال حاكم كنتاكي، إندي بيشير، "هذا أسوأ حدث والأكثر تدميراً، والإعصار الذي يحصد أكبر عدد ضحايا في تاريخ كنتاكي"، مضيفاً أنه يتخوّف من أنّ الحصيلة قد تكون أكثر من مائة قتيل. وأضاف للصحافيين: "هذا الدمار لا يشبه أي شيء شهدته في حياتي، يتعذّر عليّ إيجاد الكلمات لوصفه". وأعلن حالة الطوارئ في الولاية. وقال إنّ الإعصار الذي ضرب كنتاكي قطع على الأرض أكثر من 200 ميل (320 كلم)، وهي إحدى أطول المسافات منذ بدء تسجيل مسار الأعاصير.
وكان أطول إعصار أميركي تمّ تتبعه هو عاصفة امتدت 219 ميلاً في ولاية ميسوري عام 1925 وحصدت أرواح 695 شخصاً.
"مثل قنبلة"
وصف مسؤولو بلدة مايفيلد الصغيرة التي تضمّ حوالي عشرة آلاف نسمة بأنّها "مدمّرة" مع انهيار منازل ومبانٍ تاريخية، وسقوط غصون الأشجار وانقلاب سيارات في الحقول. كان يمكن رؤية قطع من زينة عيد الميلاد على جانب الطريق. قال بيشير إنّ حوالي 110 أشخاص كانوا يعملون في مصنع الشمع حين ضربت العاصفة وتسبّبت بسقوط السقف. وأوضح أنه تمّ إنقاذ أربعين شخصاً لكنها "ستكون معجزة إذا تمّ العثور على ناجين".
نشرت شبكة "سي أن أن" على فيسبوك، مناشدة من موظفة في المصنع للمساعدة. وقالت: "نحن عالقون، رجاءً قدموا لنا المساعدة. نحن في مصنع الشمع في مايفيلد، صلّوا لأجلنا". تمّ إنقاذ المرأة وتدعى كيانا بارسونز-بيريز. وقال أحد سكّان مايفيلد ويدعى أليكس غودمان (31 عاما) لوكالة فرانس برس "كان أشبه بقنبلة انفجرت". وقال ديفيد نورسورثي (69 عاماً) في مايفيلد، إنّ العاصفة اقتلعت سقف منزله فيما كانت العائلة مختبئة في ملجأ. وأضاف: "لم نشهد مثل هذا الأمر في السابق".
دمار
أفادت تقارير أنّ العدد الإجمالي للأعاصير في المنطقة بلغ 30. وأظهرت صور وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي مباني دمّرتها العاصفة فيما تناثرت قضبان حديد ملتوية وأشجار مقتلعة وحجارة في الشوارع تاركة وراءها واجهات منازل مدمّرة. وأكّد بايدن عزمه على التوجّه إلى كنتاكي، لكنّه شدّد على أنّه لا يريد "عرقلة" عمليّات الإغاثة.
واعتبر الرئيس الأميركي، أنّ التغيّر المناخي يجعل الطقس "أكثر حدّة"، من دون أن يُحدّد الصلة المباشرة بين تغيّر المناخ والكارثة التي حلّت بالبلاد، مساء الجمعة. وقال إنّ "الحقيقة هي أنّنا جميعاً نعلم بأنّ كلّ شيء يكون أكثر حدّة عندما يكون المناخ دافئاً، كلّ شيء". ضرب أحد الأعاصير مخزناً لأمازون في مدينة ادواردسفيل، بجنوب ايلينوي ويُعتقد أنّ حوالي مئة عامل عالقون في الداخل. وقال رئيس جهاز الإطفاء في ادواردسفيل، جيمس وايتفورد، للصحافيين "رصدنا خروج 45 شخصاً من المبنى بأمان وتمّ نقل أحدهم جواً إلى مستشفى محلي لتلقي العلاج، فيما قُتل ستة أشخاص". وعبّر رئيس أمازون، جيف بيزوس، عن حزنه بسبب سقوط قتلى، قائلاً في تغريدة "أفكارنا وصلواتنا مع عائلاتهم ومن يحبونهم".
في السياق ذاته، قدّم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الأحد، "تعازيه الحارة" لنظيره الأميركي جو بايدن، بعد الأعاصير التي أوقعت 83 قتيلاً على الأقل في الولايات المتحدة كما أعلن الكرملين في بيان. وقال بوتين في برقية إلى بايدن "في روسيا، نشاطر ألم هؤلاء الذين فقدوا أقرباءهم. نأمل تعافي الجرحى وتجاوز تداعيات الكارثة".
(فرانس برس)