شيّع فلسطينيون، اليوم الخميس، جثمان الشهيد الفلسطيني الفتى محمد نوري (16 عاما) من بلدة بيتونيا غرب رام الله وسط الضفة الغربية، بعد قرابة ثلاثة أسابيع كانت تقضيها عائلته في مجمّع فلسطين الطبي برام الله، على أمل أن يتحسن وضعه الصحي بعد رصاصة الاحتلال التي أصابته في بطنه، حتى أفاقت اليوم، على استشهاده، وفشل كل الجهود الطبية لإنقاذه طيلة تلك المدة.
من المجمّع الطبي ودّعته والدته، قبل أن ينطلق موكبه الجنائزي مباشرة إلى مسجد جمال عبد الناصر (البيرة الكبير) في مدينة البيرة الملاصقة لرام الله، دون المرور بمنزله في بلدة بيتونيا غرب رام الله، وليودعه في المسجد أصدقاؤه الفتية، وأقاربه من الرجال.
ومن بين الجموع، جلس شقيقاه حول جثمانه يمسحان وجهه تارة، ويزيلان وروداً غطت عينيه تارة أخرى، فيما كان بعض الفتية يقرؤون القرآن.
كان أحمد عفانة ابن خالة محمد نوري، الأكثر تأثراً، فهو إضافة إلى القرابة كان صديقه المقرب، يقول لـ"العربي الجديد": "إن محمد كان صديقي وكل شيء بحياتي، نخرج معاً، نخطط مع بعضنا للتخرج من الثانوية العامة، والسفر بعدها إلى الخارج، لكن أمنية قديمة لمحمد منذ صغره بالاستشهاد تحققت؛ قبل أن يتحقق أي من ذلك"، فهو بحسب عفانة، "كان يتأثر دائماً بقصص الشهداء".
خرجت جنازة كبيرة من المسجد إلى مقبرة البيرة الجديدة، مسلح ملثم بالكوفية أطلق النار في الهواء على وقع هتافات تمجد الشهيد، وأخرى تحيي مجموعات "عرين الأسود" و"كتيبة جنين"، وشهداء أصبحوا رموزاً لدى الشبان الفلسطينيين كعدي التميمي وجميل العموري وأدهم مبروكة (الشيشاني) ومحمد الدخيل وإبراهيم النابلسي.
وحول ظروف استشهاده، قال فادي نوري والد الفتى لـ"العربي الجديد": "إنه أصيب خلال مواجهات عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة بين الشبان وقوات الاحتلال، لكن الرصاصة التي أصابته تسمى (الفراشة) بسبب طريقة دخولها اللولبي إلى الجسد، والتي دخلت من بطنه واستقرت في الحوض، مسببة قطع شرايينه الرئيسية، وتهتكاً في الأمعاء، ما أدى لإصابة خطيرة جداً، لم تفلح محاولات الأطباء المضنية في تلافي ضررها".
وأكد نوري أن ابنه كان يريد دراسة برمجة الهواتف، بعد التخرج من الثانوية العامة، لكنه أيضاً كان يتمنى الشهادة ويحب الدفاع عن وطنه مثل باقي الشبان.
أما "أم راني" جدة الشهيد محمد فأكدت لـ"العربي الجديد"، أنه كان طفلاً بريئاً ومحبوباً من الجميع، حنون عليها بشكل خاص، وهو أكبر أشقائه، وكان يتحدث دائماً أنه يريد أن يصبح مثل والده في مجابهة الاحتلال والذي اعتقلته قوات الاحتلال أكثر من مرة.
وعم الإضراب محافظة رام الله والبيرة منذ الصباح حداداً على روح الشهيد عدي التميمي، والشهيد الفتى محمد نوري، حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها، وأشعل شبان الإطارات في عدد من مفارق المحافظة.
وبالتزامن مع التشييع، اندلعت مواجهات عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة مكان استشهاد الفتى نوري، وجرى اعتقال أحد الشبان، فيما تأتي المواجهات استمراراً لمواجهات ليلية عند الحاجز العسكري نفسه، وبعد مسيرات غاضبة خرج خلالها الشبان بعد استشهاد الشاب عدي التميمي منفذ عمليتي حاجز شعفاط ومستوطنة "معاليه أدوميم".
وأصيب شاب برصاص جيش الاحتلال، خلال مواجهات في قرية النبي صالح شمال غربي رام الله، كما أصيب آخر بمواجهات في بلدة بدو شمال غربي القدس، واعتقلت قوات الاحتلال طفلاً من بلدة العيساوية شرق القدس المحتلة، وسلمت إخطاراً بهدم منزل في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، بينما أبعدت مرابطة عن المسجد الأقصى، واقتحم عشرات المستوطنين باحات المسجد، وأدوا طقوساً تلمودية.
وأصيب فتى برصاص الاحتلال في البطن خلال مواجهات في بلدة سعير شمال شرقي الخليل جنوب الضفة، بينما اعتقل جيش الاحتلال خمسة فلسطينيين بينهم طفلان، خلال مواجهات بمدينة الخليل بعد إصابتهم برضوض والاعتداء عليهم بالضرب، كما أغلقت قوات الاحتلال مدخل بلدة بيت أمر شمال الخليل، ومنعت الفلسطينيين العبور منه، ما اضطرهم لسلوك طرق بديلة.
وهدمت قوات الاحتلال منزلاً في بلدة دورا جنوب غربي مدينة الخليل، كما اندلعت مواجهات مع الاحتلال عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، بينما أحرق مستوطنون مركبة وحطموا واقتلعوا أشتالاً وأشجار زيتون ولوزيات في قرية المغير شمال شرقي رام الله، وتزامن ذلك مع حماية قوات الاحتلال لهم، واندلاع مواجهات في القرية.
وأصيب عشرات الفلسطينيين اختناقًا بالغاز السام المسيل للدموع، والاعتداء على الصحافيين خلال مواجهات عند مدخل بلدة عزون شرق قلقيلية شمال الضفة، كما دمرت قوات الاحتلال مضخة مياه تغذي أربع قرى "بورين، مادما، عصيرة القبلية، عوريف تقع جنوب نابلس.