استمع إلى الملخص
- يعاني سكان غزة من نقص حاد في المياه والطعام بسبب الحرب والحصار الإسرائيلي، مما يدفعهم إلى اتباع إجراءات تقشفية.
- يعبر مهنا من خلال فنه عن الترابط بين السلة الغذائية والرسوم، ويأمل أن تنقل لوحاته رسالة للعالم بأن الفلسطينيين يريدون السلام والأمل.
من خلال صناديق المساعدات الإنسانية، وجد الفنان التشكيلي الفلسطيني أحمد مهنا (38 عاماً) ضالته لتوثيق معاناة المهجرين في قطاع غزة الذين أُجبروا على ترك منازلهم بفعل الحرب الإسرائيلية. ويقول إنه استخدم الريشة والألوان لتصوير معاناة هؤلاء المواطنين على تلك الصناديق، ساعياً من خلال فنّه لتسليط الضوء على أوجاعهم ومأساتهم في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها.
صناديق المساعدات في غزة لوحات فنية
ولم يجد مهنا سوى صناديق المساعدات المتوافرة بديلاً لورق الرسم الذي نفد من غزة منذ بداية الحرب، وقد فرضت إسرائيل قيوداً على إدخال المواد الأساسية والسلع والبضائع. وأدرك الفنان أن تحويل صناديق المساعدات إلى لوحات فنية يمثل وسيلة فعالة لربط الأزمات الإنسانية التي يعانيها الفلسطينيون في غزة بسبب استمرار النزوح والحصار الإسرائيلي المشدد ونقص الغذاء والمياه وانتشار الأمراض.
وتصل إلى قطاع غزة صناديق المساعدات الإنسانية عبر مؤسسات دولية والأمم المتحدة، محمّلةً بمواد أساسية يحتاج إليها الفلسطينيون المتأثرون بالحرب منذ عشرة أشهر. ويعاني المواطنون في قطاع غزة صعوبة شديدة في تأمين المياه الصالحة للشرب، إذ يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للحصول على كميات محدودة. ويتّبع الفلسطينيون إجراءات تقشفية في استخدام مياه الشرب، خوفاً من انقطاعها وعدم تمكنهم من الحصول على كميات جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، تتفاقم أزمة نقص الطعام التي أصبحت تهدد حياة الفلسطينيين بسبب استمرار الحرب وتشديد الحصار، ما أدى إلى تقنين أو منع إدخال المواد الغذائية التي كانت محدودة بالفعل.
يقول مهنا، وهو يمسك بريشته داخل مرسمه في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة: "وجدت استحساناً كبيراً من المشاهدين لكيفية ربط مشاهد الحرب بصناديق المساعدات الغذائية". ويضيف أن "ربط الرسوم الفنية بصناديق المساعدات الغذائية يمثل نوعاً من الفلسفة الفنية، خصوصاً أن هذه الطرود الغذائية لا نراها إلا خلال الحروب، والرسوم التي تحملها اللوحات تعكس مشاهد المعاناة اليومية في ظل الحرب".
ومن المشاهد التي وثقها الفنان الفلسطيني على طرود المساعدات الغذائية "معاناة الأطفال في أثناء تعبئة غالونات المياه، والأطفال المصابون، وآخرون بحاجة إلى إغاثة، ومشاهد الجوع والعطش والألم". ويبين أن الفكرة تكمن في أن السلة الغذائية التي نشاهدها في الحرب يمكن أن تحمل رسائل أمل ومعاناة في آن واحد. يتابع: "الرسائل التي أريد إيصالها إلى المجتمع المحلي والعالمي هي مدى معاناتنا واضطهادنا، وكم كانت لدينا أحلام قبل الحرب تلاشت وأصبحت سراباً".
ويوضح مهنا أن "النازحين حالياً ينشغلون في محاولة تأمين قوت يومهم والبحث عن أساسيات الحياة من مياه وطعام ودواء وغاز وغيرها". وتحمل لوحات الفنان مهنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي عناوين مثل "معركة من أجل البقاء"، و"عاطل عن الأمل"، مستشهداً بمقولة الشاعر مريد البرغوثي: "فإن الأمل ذاته موجع حينما لا يكون سواه".
ويأمل الفنان الفلسطيني أن تنقل رسومه رسالة قوية للعالم أجمع بـ"أننا لا نريد حرباً، نريد أن نعيش، نريد أن يعود الأطفال إلى المدارس، بعد أن فقدوا عاماً دراسياً كاملاً".
ويضطر الفلسطينيون في غزة خلال نزوحهم للجوء إلى بيوت أقربائهم أو معارفهم، والبعض ينصب خياماً في الشوارع والمدارس أو أماكن آخرى مثل السجون ومدن الألعاب، في ظل ظروف إنسانية صعبة، حيث لا تتوافر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي مليوني شخص. ويقول مهنا: "أرسم المشاهد اليومية باستخدام ألوان الفحم، وهذا يختلف عمّا كنت أرسمه سابقاً حول مواضيع تطوير الذات". ورغم الظروف الصعبة، يظل الفنان التشكيلي مؤمناً بالأمل، ويقول: "لا يمكن أن نفقد الأمل، وسيظل موجوداً دائماً". ويعبّر مهنا من خلال فنه عن الترابط الوثيق بين السلة الغذائية والرسوم، خصوصاً تلك الخاصة بسلال الغذاء العالمي، ليؤكد أن "الفن يمكن أن يكون صوتاً للمعاناة والأمل في آن واحد".
(الأناضول)