فيضانات عارمة تضرب الجزائر: قتلى ومفقودون وقرى معزولة بسبب السيول

23 سبتمبر 2024
عمليات إغاثة بعد هطول أمطار غزيرة على الجزائر/ 8 سبتمبر 2020 (Getty)
+ الخط -

تسببت الأمطار الغزيرة التي اجتاحت، أخيراً، عدة مناطق في جنوب ووسط وغرب الجزائر بفيضانات عارمة خلفت وراءها خسائر مادية وبشرية، وسط تحذيرات من خطر فيضان الأودية. مصالح الدفاع المدني تدخلت لإنقاذ المحاصرين بالمياه، في حين لا يزال البحث جاريًا عن مفقودين.

في الجلفة، وسط الجزائر، لقيت أم وطفلاها مصرعهم بعدما جرفتهم السيول وهم على متن شاحنة صغيرة. وفي المدية، على بعد 120 كيلومتراً جنوب العاصمة، أدى ارتفاع منسوب وادٍ إلى جرف شخصين كانا في شاحنة وسيارة، ولا يزال البحث عنهما مستمراً، بينما أنقذ شخص آخر.

وفي تلمسان، غربي الجزائر، تمكنت مصالح الدفاع المدني، أمس الأحد، من إنقاذ 22 شخصاً كانوا عالقين في سيارات حاصرتها المياه بعد ارتفاع منسوب وادي سبدو. كما يجري البحث عن مفقود جرفته السيول. في الوقت نفسه، حذرت السلطات في سيدي بلعباس من ارتفاع منسوب وادي مكرة، وقطعت الطرق القريبة من الوادي إجراءً احترازياً، مع نشر فرق حراسة لمراقبة الوضع.

وشهدت منطقة بشار وعين الصفراء جنوب غربي الجزائر قبل أسبوعين فيضانات ضخمة اجتاحت الأودية، حيث جرفت كميات هائلة من الأوحال والطمي إلى وسط المدن والبلدات، وارتفعت في بعض المناطق إلى مترين. أدت هذه الفيضانات إلى تدمير بعض الجسور وإلحاق أضرار جسيمة بالمنازل والمحال التجارية، مما استدعى جهودًا استثنائية لرفع الأوحال بمشاركة فرق متطوعين من مختلف المناطق، بالإضافة إلى دعم من وحدات الجيش التي ساهمت في عمليات الإنقاذ والتنظيف.

في اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد أمس الأحد، وجه الرئيس عبد المجيد تبون تعليمات عاجلة للحكومة بالبدء الفوري في معالجة آثار الاضطرابات الجوية الأخيرة. وشدد الرئيس على ضرورة الإسراع في تعويض المتضررين، لتمكينهم من استعادة حياتهم الطبيعية في أقرب وقت، مع التركيز على استعادة الخدمات الحيوية والأساسية في الولايات المتضررة، بما في ذلك النقل. كما أمر بإعادة تأهيل الجسور وخطوط السكك الحديدية في مدة لا تتجاوز شهراً.

كما كلف الرئيس تبون الحكومة بإعداد دراسة تقنية لإعادة توجيه الأودية في المناطق المتضررة من الفيضانات، بهدف تفادي حدوث كوارث مماثلة في المستقبل، خاصة في المدن التي تمر عبرها هذه الأودية أو تجاورها. ودعا إلى اعتماد استراتيجيات جاهزة واستباقية لمواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية، مشيراً إلى أن هذه الفيضانات غير موسمية وتحدث دورياً كل خمسين عاماً.

وصرّح المهندس أمين كيبش لـ"العربي الجديد" قائلاً: "حوادث فيضانات الأودية الميتة ليست جديدة، لكنها قد تتفاقم في المستقبل نتيجة التغيرات المناخية المتسارعة. لذا كان على السلطات أن تأخذ هذه الظاهرة بجدية أكبر منذ وقت مبكر، وتمنع البناء العشوائي في محيط الأودية. أعتقد أن الحكومة مطالبة بوضع خطط تقنية شاملة لإعادة تقييم الأودية، خاصة تلك التي تمر وسط المدن كما شهدناه مؤخرًا في بشار وعين الصفراء جنوب غربي البلاد، حيث أسفرت الفيضانات عن خسائر مادية جسيمة. كذلك الأمر بالنسبة للأودية المحيطة بالبلدات والمدن، فهي أيضًا تشكل خطراً حقيقياً".

وشدد كيبش على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة، قائلاً: "أول خطوة يجب اتخاذها هي منع أي بناء قريب من الأودية بصرامة، إلى جانب وضع خطة لتحويل مجاري الأودية أو بناء قنوات جديدة لحمايتها، مع إحاطة المدن والبلدات بالإجراءات الوقائية اللازمة لتجنب الكوارث المستقبلية".

وأعلنت المندوبية الوطنية للكوارث الطبيعية في الجزائر، في دراسة نُشرت قبل عام، عن إحصاء أكثر من 800 نقطة سوداء في البلاد مهددة بخطر الفيضانات، خاصة في المدن التي تمر عبرها الأودية. ودعت الدراسة الحكومة إلى الإسراع في وضع استراتيجية وطنية تهدف إلى الحد من مخاطر الفيضانات، مع التركيز على النقاط السوداء في ولايات عدة. كما أكدت الدراسة ضرورة تحديث المخططات الخاصة بإدارة الكوارث الطبيعية، خصوصاً الفيضانات التي أصبحت تشكل تهديداً حقيقياً للسكان طوال العام.

وأشارت المندوبية إلى أن الحلول الوقائية أصبحت ضرورية، للتأقلم مع التغيرات المناخية المستجدة. كما لفتت إلى أن البناء العشوائي على ضفاف الأودية، إلى جانب رمي النفايات في أماكن غير مخصصة لها، يؤدي إلى تغير مجاري الأودية وزيادة خطر فيضانها، مما يفاقم من الأضرار المحتملة.

المساهمون