لطالما كانت نيويورك واحدة من أهم المدن عالمياً، ليس فقط لأنها حاضنة المشاريع المالية والمصارف الدولية، بل لأنها واحدة من أبرز المدن الثقافية والسياسية. إلا أن وراء تلك الواجهات الزجاجية التي تغطي ملامح المدينة، قصصاً مختلفة لسكانها، تتمحور في معظمها حول مغامراتهم مع الفئران.
ويقدّر عدد الفئران والجرذان في مدينة نيويورك بنحو مليونين، فيما لم يكن العدد يتخطى حاجز 250 ألفاً بحلول عام 1950، وهو ما يعني ارتفاع العدد بنحو 800 في المائة في أقل من 65 عاماً، بحسب دراسة صادرة عن مجلة "ذي أتلانتيك".
قصص مختلفة
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمس الجمعة، الضوء على قصص السكان مع الفئران، فكل من يعيش في مدينة نيويورك لديه مغامرات عديدة مع الفئران ليرويها. فقد أفادت إحدى الأمهات في أبر ويست سايد بأن ابنتها "دحرجت فأراً ميتاً وُجد في حقيبة ظهرها"، فيما فوجئت مصممة جرافيك بوجود فأر يقفز في مطبخها أثناء إعداد الطعام.
ولعل أكثر القصص شهرة في المدينة الأميركية، هي حادثة وقوع رجل في حفرة مليئة بالفئران، حيث لم يتجرأ على الصراخ وطلب النجدة، خشية أن يدخل أحد الفئران إلى فمه.
فيما فوجئ، بدوره، بن ريجنسبان، في وقت متأخر من إحدى الليالي، بينما كان يعيش في شقة في الطابق السفلي في حي NoLIta في مانهاتن، بخروج الجرذان من المرحاض، وهو ما أصابه بصدمة نفسية.
أما أكثر القصص انتشاراً على موقع "تيك توك" هو ما أظهرته راشيل براينت، عندما صورت براز الفئران في سريرها الفعلي، وفي حوض الاستحمام الخاص بها.
#News via #NYT by Dodai Stewart "Rat Horror Stories the New N.Y.C. Rat Czar Needs to Hear" https://t.co/TtFdJn6YKT pic.twitter.com/VuEIL2s5yL
— Standing with Marco (@StandWithMarco_) April 15, 2023
مواجهات عديدة
يمكن وصف بعض المواجهات بين السكان والفئران بالهادئة أو المسلية، على غرار ما يقوم به "بيتزا رات"، أو بمعنى آخر جرذان البيتزا، وهو واحد من أشهر الجرذان الموجودة في نيويورك الذي يُعد من القوارض الواسعة التي تقوم بمناورات عديدة للحصول على شريحة كبيرة من البيتزا، داخل محطة مترو الأنفاق، لقب حينها بسفير غير رسمي لفئران مدينة نيويورك، لكن في حالات أخرى، كانت المواجهات أشرس، فقد كان أندرو ماكميلان، مدير المنتجات البالغ من العمر 34 عاما، ضحية لدغة الفئران المخيفة، بدأ أصبعه ينزف بغزارة، ألقى طبيب رعاية عاجلة نظرة، ووصف له بعض المضادات الحيوية، وفقاً لما أوردت الصحيفة.
تأثيرات صحية
يمكن أن تشكل القوارض والطفيليات التي تحملها معها، مخاطر صحية كبيرة وقد تنقل أكثر من 35 مرضاً، وتنشر أيضاً الأمراض بشكل مباشر من خلال لدغات القوارض. في المقابل، يمكن أن ينتقل البعض الآخر بشكل غير مباشر من خلال الفضلات أو البول أو اللعاب أو الدم أو التعرض للبراغيث والحشرات (العث) التي تحملها.
وبحسب مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يمكن أن تحمل القوارض أيضاً القراد أو العث أو البراغيث التي يمكن أن تعمل كناقلات لنشر الأمراض بين القوارض والبشر.
#DYK? Wild rodents like mice and rats can carry nasty diseases like hantavirus. Learn how to prevent and control rodent infestations: https://t.co/W49YYihc2X🐀🐁 pic.twitter.com/PVjaD94E7f
— CDC Emerging Infections (@CDC_NCEZID) March 7, 2023
ووفق المصدر نفسه، فإن بعض الأمراض الأكثر شيوعاً التي تم ربط القوارض بها تتنوع فيما يلي:
- -التسمم الغذائي (بما في ذلك السالمونيلا): ينتشر من خلال براز القوارض عن طريق تلويث المناطق التي يتم فيها تداول الطعام أو تخزينه، ويمكن أن يؤدي تناول الطعام الملوث إلى الإسهال والغثيان والاضطرابات المعوية الأخرى.
- -فيروس هانتا: من 1993-1994، أدى تفشي فيروس هانتا إلى وفاة أكثر من 50 في 17 ولاية. ينتشر هذا المرض بشكل شائع عندما يتلامس براز القوارض أو بولها أو سوائلها مع البشر.
- -حمى الفئران: يحدث هذا عندما تنتقل البكتيريا في أفواه وأنوف الجرذان والفئران عن طريق العض.
- -الطاعون الدبلي: ربما يكون أحد أشهر الأمراض التي تنقلها القوارض، وينتشر هذا المرض من لدغات البراغيث المصابة. قتل الطاعون الدبلي أكثر من ثلث السكان في عام 1347. وحتى اليوم، هناك أكثر من 600 حالة سنوية.
- -التهاب الكبد E: ينتشر التهاب الكبد E عادةً عن طريق المياه الملوثة، وهو مرض كبدي يسببه فيروس التهاب الكبد E (HEV). على الرغم من ندرته في البلدان المتقدمة، إلا أن المرض مرتبط الآن بالقوارض.
يمكن أن يكون غزو القوارض مدمرا للغاية، ليس فقط بسبب انتشار مسببات الأمراض والأمراض الفتاكة، ولكن أيضا داخل الأماكن التي يعيش فيها السكان، إذ تستخدم الفئران أسنانها لقضم الأسلاك الكهربائية أو المواد الإنشائية. لذلك، فإن مراقبتها حول عملك أمر بالغ الأهمية.
التكلفة المادية
يعدّ القضاء على الفئران والجرذان في المدن مكلفاً جداً، ولعل تصدّر أخبار تعيين عمدة المدينة إريك آدامز، لكاثلين كورادي، موظفة في قسم التعليم كأول "قيصر الفئران" في نيويورك، يأتي في إطار خطة آدامز لمكافحة تزايد أعداد القوارض في المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في المقاطعة، وستكون كورادي أول "مديرة التخفيف من القوارض على مستوى المدينة"، ومن المقرر أن يبلغ راتبها السنوي ما لا يقل عن 170 ألف دولار، وقد تم تعيينها نظراً لنجاحها في القضاء على القوارض في العديد من المدارس الحكومية.
منذ بداية عام 2017 تلقت إدارة الصحة في مدينة نيويورك أكثر من 10000 شكوى من مشاهدة الفئران، وأظهر أكثر من 15 بالمائة من أكثر من 24000 عقار تم فحصها في مانهاتن وبروكلين وبرونكس "علامات الفئران النشطة".
خفّضت المدينة ميزانيتها لبرامج مكافحة القوارض بمقدار 1.5 مليون دولار في عام 2010 للمساعدة في تقليل عجزها الإجمالي، ولكن بعد أربع سنوات، مع تقديرات وجود مليوني فأر تتقاسم المساحة مع سكان المدينة البالغ عددهم 8 ملايين، بدأت وزارة الصحة بمبلغ 3.5 ملايين دولار برنامجاً يستهدف مستعمرات الفئران.