كشفت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، خلال الاحتفال باليوم العالمي للاجئين، الذي أقامته بعثة الأمم المتحدة للمهاجرين بالتعاون مع وزارة الخارجية القطرية، عن مبادرة لتعويض الآلاف من العمّال، ممّن تعرّضوا للاحتيال في بلدانهم، ودفعوا رسوم توظيف مقابل حصولهم على العمل في قطر، في مشاريع اللجنة، وفي المشاريع الأخرى.
وقال مدير الالتزام والتدقيق في إدارة رعاية العمّال في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، محمد الهاجري، في الاحتفال، إنّ اللجنة العليا تثمّن الدور الكبير للعمّال في تشييد استادات المونديال وفق أعلى المعايير العالمية، حيث وصل عدد العمّال في ذروة الإنشاءات إلى أكثر من 30 ألف عامل وافد من مختلف أنحاء العالم.
ولفت إلى أنّ خطة التعويض المالي التي أقرّتها اللجنة العليا، هي من أبرز المبادرات الهادفة إلى التصدي للممارسات غير الشرعية، والمتمثلة في الحصول على رسوم توظيف من العمّال، حيث يدفع أغلبية العمّال الوافدين حول العالم، بما في ذلك قطر، رسوماً مقابل توظيفهم، دون أن يمتلكوا أي مستند يثبت ذلك، الأمر الذي يعيق عملية تعويضهم عن هذه الرسوم من قبل جهات العمل. وتمثّل الحلّ لهذه المشكلة في خطة التعويض المالي التي أعفت العمّال من عبء تقديم المستندات التي تثبت دفعهم لرسوم التوظيف. ونتيجة لهذه الخطة التي أقرتها اللجنة العليا، وافق 266 مقاولاً على تعويض 49,286 عاملاً من التابعين وغير التابعين للجنة العليا بمبالغ مالية تقدر بحوالي 103.95 ملايين ريال قطري، أي أكثر من 28 مليون دولار، على مدة تزيد عن 36 شهراً.
وتابع: "جرى حتى الآن تسديد 82.35 مليون ريال قطري، كما قام 11 مقاولاً من العاملين معنا بإضافة 18,066 عاملاً لا يعملون في مشاريع اللجنة العليا ضمن هذه الخطة، في دليل واضح على الأثر الإيجابي لإرث مونديال قطر 2022".
وتوفّر اللجنة الحماية الكاملة للعمّال منذ لحظة انضمامهم للعمل في مشاريعها وحتى عودتهم إلى بلادهم. وتتناول المعايير جميع الموضوعات الهامة مثل التوظيف والعقود والأجور والسكن والعلاج والأمن والسلامة.
وتعدّ معايير رعاية العمّال الصادرة في عام 2014، الأساس الذي تعتمد عليه اللجنة العليا للحفاظ على حقوق العمّال، إذ تنصّ اللجنة العليا في مناقصاتها على ضرورة التزام المتعاقدين معها لتنفيذ مشاريع المونديال بهذه المعايير.
وأكدت اللجنة العليا خلال الاحتفال على أهمية تمثيل مصالح العمّال ومنحهم الفرصة للتعبير عن آرائهم ومطالبهم، حيث أطلقت اللجنة لهذا الغرض آلية لرفع التظلم، والتي تمنح العمّال الفرصة لطرح مشاكلهم وآرائهم ومناقشة قضاياهم، وتوفير الحلول المنصفة التي تراعي تأمين مصالحهم، كما وفّرت منتديات رعاية العمّال التي تتيح للعمّال منصة لإيصال صوتهم وتقديم مقترحاتهم، وكذلك إتاحة مقابلات مع العمّال، إضافة إلى الخط الساخن المخصّص للشكاوى والإبلاغ عن المشكلات دون الكشف عن هويتهم.
وفي هذا السياق، قال الهاجري إنّ اللجنة العليا أطلقت منتديات رعاية العمّال، التي تتيح للعمّال انتخاب ممثلّين عنهم للتحدّث بحرية عن القضايا المهمة بالنسبة إليهم. وتمّ عقد أكثر من 113 منتدى شمل 23500 عامل. وأضاف: "درست كل من منظمة العمل الدولية ووزارة العمل في قطر التأثير الناتج عن إقامة المنتديات، بهدف توفير الدعم اللازم لتشكيل مزيد من اللجان المشتركة بين العمّال وأصحاب العمل في البلاد، ما يعد دليلاً آخر على الإرث المستدام الذي نحرص على إرسائه بعد إسدال الستار على منافسات مونديال 2022".
وضمّت مبادرات رعاية العمّال الرئيسية الأخرى، توفير الفحوصات الطبية الشاملة، إلى جانب فحوصات الصحة النفسية، وإنشاء نظام متكامل للسجلات الطبية الإلكترونية، وتوزيع أكثر من 45 ألف بدلة "ستاي كول" المصمّمة خصيصاً لمكافحة حالات الإجهاد الحراري التي يتعرّض لها العمّال في مواقع المشاريع.
وقال: "نسعى إلى بناء إرث مستدام يعود بكثير من المزايا على المنطقة، ويدوم إلى ما بعد انطلاق صافرة نهاية كأس العالم 2022. وقطعنا أشواطاً كبيرة وعلى درجة كبيرة من الأهمية لمساعدة المشرّعين على تحديث اللوائح والقوانين المتعلقة بالعمالة في قطر، وتسريع جهودهم في وضع معايير وممارسات غير مسبوقة في مجال رعاية العمّال على مستوى المنطقة".
ومع بقاء أقل من عام على انطلاق بطولة كأس العالم 2022 في قطر، تواصل اللجنة العليا بذل جهود حثيثة كي تشمل معايير رعاية العمّال المعتمدة لديها، ليس فقط قطاع البناء بل تمتد لتغطي فرق العمل في كافة الخدمات والمشاريع ذات الصلة باستضافة المونديال 2022، بعد إطلاق صافرة النهاية.