- كاميليا أبو خضر وعائلتها يمثلون مأساة الفلسطينيين، حيث اضطروا للتنقل بين مناطق مختلفة وعاشوا في خيم متهالكة، معانين من نقص في الطعام والماء واستخدام أكفان الموتى للتدفئة.
- الحرب أسفرت عن دمار 103 مدارس وجامعات وأكثر من 112 ألف بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ورغم قرارات وقف القتال، تستمر معاناة أهالي غزة، مما يستدعي تحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية.
لم يتوقف تهجير أهالي غزة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على امتداد 365 كيلومتراً مربعاً تمثل مساحة القطاع. يتنقل الأهالي أملاً في النجاة وهرباً من قذائف الاحتلال، التي تطارد قرابة مليوني فلسطيني يمثلون سكان القطاع، حيث لم تتخيل الطفلة الفلسطينية كاميليا أبو خضر أن تكون شاهدة على تهجير أهالي غزة الذي لم يتوقف، وأن ينتهي بها المطاف مغطاة من البرد بكفن الموتى في خيمة من النايلون وتشتهي الطعام والأمان المنعدمين منذ بداية الحرب.
داخل خيمة صغيرة متهالكة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، تعيش أبو خضر (8 سنوات) مع عائلتها المكونة من 11 فرداً في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في ظل أوضاع إنسانية ومعيشية صعبة، إذ عانت مرارة التهجير وتعددت وجهاتها هرباً من آلة الحرب الإسرائيلية التي توغلت في قطاع غزة وقتلت الفلسطينيين ودمرت بيوتهم.
تهجير أهالي غزة... معاناة مستمرة
وبدأت معاناة كاميليا وعائلتها مع بداية الحرب التي أدت إلى تهجير أهالي غزة من مناطق الاستهداف الأولى، حيث هربت مع عائلتها من بلدة بيت لاهيا الحدودية شمالي القطاع بحثاً عن الأمان، لكن المناطق التي لجأت إليها لم تجد فيها الأمان والاستقرار كما كانت تتوقع، فقد تعرضت لهجمات متكررة نفذتها طائرات قوات الاحتلال ومدفعياتها وزوارقها الحربية.
ومع استمرار كثافة نيران الحرب، هربت الأسرة الفلسطينية وكانت شاهداً كغيرها من آلاف الفلسطينيين على تهجير أهالي غزة بحثاً عن الأمان، فكانت وجهة كاميليا وعائلتها إلى مدينة جباليا (شمال) التي لم تكن بأحسن حال، ما دفعها للنزوح إلى مستشفى الشفاء الذي اعتقدت الأسرة أنه مكان آمن، وبعد عدة أيام، شهد مستشفى الشفاء بمدينة غزة عملية عسكرية برية، وكان الخطر يهدد الأسرة، ما دفعها لاتخاذ قرار صعب بالفرار، والتوجه جنوباً رغم المخاطر الكبيرة التي تحيط بهم.
رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر خاضتها العائلة سيراً على الأقدام استمرت عدة ساعات، حيث شاهدت الجنود الإسرائيليين الذين أوقفوها على الحواجز، وجثامين القتلى الملقاة على الأرض، وبمجرد أن حطت رحالها بمدينة دير البلح وسط القطاع، واجهت صعوبة في العثور على خيمة تؤويها وعائلتها بالإضافة إلى ثلاثة أسر أخرى، لكن بفضل تبرع أحد الصحافيين بالمال، تمكنوا من شراء بعض النايلون والقماش لبناء خيمة مؤقتة توفر الحماية لهم وللعائلات الأخرى.
مهجرون أحياء في أكفان الموتى
عانت عائلة كاميليا داخل الخيمة من البرد في ظل انخفاض درجات الحرارة، حيث اضطروا لاستخدام قماش أكفان الموتى، الذي حصلوا عليه من مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، غطاء لتدفئتهم، فرحلة تهجير أهالي غزة حرمت الكثير منهم من ممتلكاتهم، وهو ما تصفه كاميليا بقولها: "نزحنا من مناطق عديدة دون أن نحصل على أي من ممتلكاتنا حتى وصل بنا الحال إلى مدينة دير البلح، حيث نقيم داخل خيمة مزدحمة تفتقر إلى أدنى مكونات الحياة البشرية"، مضيفة: "لا يوجد طعام، ولا ماء، نشتهي العنب والفواكه والخضراوات، ولكن كل شيء باهظ الثمن، ولا يمكننا شراؤه". وتلفت إلى أنهم اضطروا لاستخدام الأكفان غطاء لحماية أجسادهم من البرد داخل الخيمة، مشيرة إلى أن مدرستها تعرضت للقصف في منطقة بيت لاهيا، وتأمل العودة إلى مقعد الدراسة وحمل حقيبتها.
ودمّر جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب على القطاع 103 مدارس وجامعات بشكل كلي، و311 مدرسة وجامعة جزئياً، وفقًا لبيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وخلفت الحرب على غزة أكثر من 112 ألفاً بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة ونحو 10 آلاف مفقود تحت أنقاض دمار هائل، حسب بيانات فلسطينية وأممية، رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، ورغم أنّ محكمة العدل الدولية طالبت إسرائيل بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني.
(الأناضول، العربي الجديد)