رفض الميكانيكي الليبي عبد الرحمن قريرة، أن يجلس في منزله بقرية السيدة زينب التابعة لبلدية الزاوية الواقعة غربي ليبيا، بعدما فقد بصره منذ الصغر وأصر على تعلم مهنة الميكانيكا وفتح ورشة لتصليح السيارات.
يبدأ الخمسيني الليبي عمله في التاسعة صباحا ويستمر حتى الثامنة مساء، لكن ما يميزه عن زملائه هو بشاشة الوجه سواء كان القادم زبونا أو ضيفا، وهو ما ساعده على كسب زبائن عدة، فضلا عن الخبرة التي راكمها على مرّ السنوات.
يقول قريرة لـ "العربي الجديد": "لا أجد صعوبة نهائيا في إصلاح السيارات، فقد أنعم الله عليّ بحاسة عالية أتعرف من خلالها على العيوب والأعطال، وأستطيع أن أقوم بإصلاح أي عطل لأنني أعشق مهنتي منذ أن تعلمتها".
ويتابع: "واجهت صعوبات عديدة في بداية عملي، عندما قررت أن أقوم بفتح مشروع خاص كورشة لتصليح السيارات حتى أستطيع تلبية مطالب أبنائي وزوجتي".
ويكمل: "بدأت العمل قبل 25 عاما، وأعرف مكان كل شيء في الورشة، ما يجعلني قادرا على العمل حتى في حال عدم وجود عاملين معي، بل وأستطيع تحديد مقاسات كل الآلات وأنواع الفرامل وجميع مكونات السيارة".
ويشير: "الزبون في المرة الأولى التي يأتي فيها إلى الورشة يكون قلقا جدا، ولكن عندما يرى عملي يطمئن ويداوم على الحضور لديّ حال أراد إصلاح سيارته".
بدوره، يقول محمد بشير زايد، صاحب ورشة لـ"العربي الجديد": "يستغرب كثيرون في البداية كيف لمكفوف فقد نعمة البصر أن يعمل في ورشة لإصلاح السيارات، فأجيبهم بأن ذلك بقدرة من الله تعالى، فكم من شخص يتمتع بكل النعم والحواس، لكنه دون طموح أو اجتهاد، أما هو فيكون ردّه من خلال جودة عمله".
ويكمل: "الإعاقة لم تقف حاجزا في وجه قريرة بل زادته عزيمة وتحديا، كما أكسبته سنوات العمل خبرة وتجربة في مجاله".
ويأمل قريرة من الدولة الليبية، تقديم الدعم الكافي لذوي الاحتياجات الخاصة والمكفوفين حتى يمكنهم تحقيق أهدافهم، كما يتمنى حصوله على دورة تدريبية تزيد من مهارته، خاصة أن المجال الذي يعمل به في تطور دائم ومستمر.