- الكوارث الطبيعية مثل الانهيارات الجليدية والزلازل تزيد من معاناة المواطنين، خصوصًا قبيل شهر رمضان وفي البرد القارس، مما يؤثر على الزراعة وتربية المواشي.
- حكومة طالبان تحاول مساعدة المتضررين بالتنسيق مع القبائل وتوصيل الاحتياجات، لكن تواجه صعوبات بسبب بُعد ووعورة المناطق المتضررة، مع تباين ردود الفعل تجاه الثلوج.
سبّب الهطل الكثيف للثلوج على عدة ولايات أفغانية خسائر فادحة للمواطنين الفقراء الذين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة، في حين أن الحكومة لا تملك الكثير لدعمهم بسبب أوضاعها المأزومة.
باتت الكوارث الطبيعية المتكررة مصدر قلق جديداً للشعب الأفغاني الذي يعاني غلاء مستشرياً، وبطالة متفاقمة بعد كل ما شهدته البلاد من تقلبات سياسية وأمنية واجتماعية على مدار العقود الأربعة الماضية، ويتزامن كل ذلك مع تراجع اهتمام المجتمع الدولي بالدعم، وقلة إمكانيات حكومة طالبان من أجل مساعدة المتضررين.
لم تكن الانهيارات الجليدية الأخيرة التي خلفت 45 قتيلاً، بحسب وزارة مواجهة الكوارث والأزمات الطبيعية في حكومة طالبان، أول كارثة طبيعية تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة، إذ شهدت زلزالاً مدمراً ضرب هرات خلال العام الماضي، وزلزالاً قوياً ضرب ولايات بكتيا وبكتيكا وخوست في عام 2022، لكن الانهيارات الجليدية حصلت حين كان الأفغان يستعدون لشهر رمضان، كما أنها حصلت في موسم البرد القارس، ما ضاعف من معاناة المواطنين رغم محدودية الخسائر.
وقالت وزارة مواجهة الكوارث، في بيان في الخامس من مارس/آذار الماضي، إن الثلوج الكثيفة التي هطلت على شمال أفغانستان أدت إلى مقتل 45 شخصاً، وإن ثمة عشرات الجرحى الذين تم نقلهم إلى المستشفيات، كما دمرت الثلوج 637 منزلاً، علاوة على مقتل أكثر من 14 ألف رأس من المواشي التي تعتبر الوسيلة الأهم لمعيشة سكان الشمال.
وذكرت الوزارة أن الحكومة تبذل كل جهودها من أجل مساعدة المتضررين، وأنها تقوم بالتنسيق مع الزعامات القبلية، بتوصيل الاحتياجات الأساسية إليهم، كما نقلت السلطات المحلية المصابين إلى المستشفيات، موضحة أن المعضلة الأساسية تتمثل في كون تلك المناطق بعيدة ونائية، والطرق إليها وعرة، أو مدمرة بفعل الثلوج.
ومن بين الولايات المتضررة من جراء الثلوج بانشير، وبدخشان، وسربل، وجوزجان، وباميان، وما يثير الاستغراب أن بعض المواطنين من سكان تلك الولايات أبدوا سعادتهم بهطل الثلوج، في حين أن من تضرروا معظمهم من الشرائح الفقيرة.
يقول الزعيم القبلي في ولاية جوزجان، عبد القوي، لـ"العربي الجديد": "كنا سعداء حين بدأ هطل الثلوج لأننا نعتمد في معيشتنا على الزراعة وتربية المواشي، ومن ثم مياه الثلوج شيء أساسي لنا، ولا يمكننا أن نعيش من دونها، لذا يفرح أصحاب الأراضي الزراعية الكبيرة بهطل الثلوج أو هطل الأمطار، لكن لما تكاثرت الثلوج بدأنا نشعر بقلق شديد، خاصة حيال الفقراء الذين يعيشون في مناطق نائية، والذين يعتمدون على الحركة بين المناطق الرئيسية، إذ عادة ما تغلق الطرق بسبب الثلوج لفترات طويلة ما يعرقل أسباب كسب العيش.
يضيف: "مع مرور الوقت، تفاقمت الأوضاع أكثر، وتزايد هطل الثلوج الكثيفة، ما عرقل حياة الجميع، وتأثر الفقراء الذين يعيشون في المناطق النائية، والميسورون أيضاً، وثمة مشكلات كثيرة يواجهها السكان حالياً، من بينها وعورة الطرق، وتدمير المنازل، ونفوق المواشي، ما يجعلهم في حاجة إلى كثير من المساعدات، في حين لم يُقدم شيئاً للكثير منهم، ومن حصلوا على المساعدات لم تكن كافية لهم".
وتعليقاً على الأوضاع في ولاية بدخشان، يقول الناشط الأفغاني عبد الباسط لـ"العربي الجديد"، إن "الاوضاع ليست جيدة، فهذه المرة كانت الثلوج كثيفة، وباتت الطرق مغلقة، وينبغي مساعدة السكان، لكن المشكلة أن الأمور خارجة على سيطرة الحكومة، فهي تفتح الطرق المؤدية إلى المناطق المتضررة، لكن سرعان ما تغلق مجدداً بسبب كثافة الثلوج التي بات لها تأثير سلبي على الوضع المعيشي العام في البلاد. في السابق كان الناس يعملون في الحكومة، أو في المؤسسات الخاصة التي كانت تشتغل في أفغانستان قبل سيطرة طالبان على الحكم، لكن منذ سنتين تدهورت الأوضاع، ومن الصعب أن يحصل الناس على ما يحتاجون إليه من وسائل التدفئة، ثم تأتي الثلوج لتدمر المنازل وتقتل المواشي، وتلك مصيبة كبيرة للأشخاص الذين يعتمدون في دخلهم على الزراعة وتربية المواشي".
ويوضح أن "حكومة طالبان تسعى للمساعدة، لكن ما تملكه ليس كبيراً، وإمكاناتها ضعيفة، كما أن أثرياء البلاد لم يشاركوا بجدية في دعم المتضررين بسبب الثلوج، وذلك لأن القضية لا تحظى بتغطية إعلامية تجذب أنظار الناس، ومن ثم تقوم حكومة طالبان وحدها بكل الجهود، وهذا لا يمكن أن يكون حلاً، إذ إنها لا تستطيع تغطية كل ما يحتاج إليه المتضررون، والمجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية لا تحرك ساكناً، ولا تهتم بهؤلاء المتضررين. الأزمة ليست كبيرة، لكن المتضررين فقراء إلى درجة أن أي مشكلة مهما كانت صغيرة تؤثر عليهم بقسوة".