أظهرت جائحة فيروس كورونا مدى مخالفة العديد من الدول الغنية تحديداً مبادئ أو توصيات منظمة الصحة العالمية، التي تفرض مساندة الدول الفقيرة بالأدوية والمعدات الطبية واللوجستية، بهدف حماية الصحة العامة. فقد تصدرت تصرفات الكثير من الدول، خاصة لناحية اختزانها للأدوية واللقاحات، بشأن مدى السوء الذي يمكن أن يحل بالدول الفقيرة.
هذه الأساليب التي تستخدمها بعض الدول دفعت صحيفة "ذا كونفرزيشن" بنسختها الأسترالية إلى تقديم حلول حول كيفية الاستفادة من المعدات الطبية التي لا تحتاجها الدول الغنية.
وبحسب الصحيفة، عادة ما تحتفظ معظم البلدان المتقدمة بكميات كبيرة من الإمدادات الطبية في الاحتياط للاستجابة في حالات الطوارئ، فعلى سبيل المثال، تمتلك أستراليا مخزونها الطبي الوطني، الذي يوفر معدات الحماية الشخصية، مثل الأقنعة والقفازات. وفي الولايات المتحدة الأميركية، ووفق أحدث تقرير نشر لشركة Acumen Research and Consulting بعنوان "حصة سوق معدات الطوارئ الطبية للأعوام 2022 -2030، من المتوقع أن يصل حجم سوق معدات الطوارئ الطبية إلى 37.515 مليون دولار أميركي بحلول عام 2030، مسجلاً معدل نمو سنوي مركب قدره 6.3 في المائة.
، تمتلك أستراليا مخزونها الطبي الوطني، الذي يوفر معدات الحماية الشخصية، مثل الأقنعة والقفازات
من شأن هذه المعدات الطبية، خاصة القفازات والكمامات وغيرها، وفي حال عدم استخدامها أن يتم التخلص منها في مكبات النفايات، في الوقت الذي تعاني فيه دول أخرى من نقص في هذه الإمدادات، حتى أن بعض هذه الدول تعيد استخدام القفازات الطبية مرات عديدة.
وكشف تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز على سبيل المثال أن عشرة بلدان أفريقية ليست لديها أجهزة تهوية على الإطلاق، كما تعاني من نقص في الأقنعة والقفازات ومواد التشخيص، ما يجعل الدول الفقيرة أكثر عرضة للخطر، حتى في الظروف "العادية".
بحسب صحيفة ذي كونفرزيشن، فربما تكون هناك طريقة أفضل من أجل التخلص من هذه الإمدادات الطبية من خلال التبرع بها للدول النامية. بحسب التقرير، فقد تبين أن التبرع بفائض هذه المواد له انعكاسات إيجابية.
كيف يمكن أن يكون المخزون القديم أفضل؟
بحسب التقرير، الذي استند إلى دراسة قامت بها مجموعة من الخبراء، تبين أن التبرع بهذه المواد الطبية والأدوات مع اقتراب انتهاء مدتها بنحو عام أو أقل ربما يكون أفضل من التبرع بالمعدات أو الأدوات الحديثة الصنع، والتي تسعى بعض الدول إلى الترويج لها.
ببساطة، لأن التبرع بمواد طبية جديدة سيدفع الموردين المحليين في الدول النامية إلى خفض أسعار منتجاتهم لبيعها، ما يجعل هذه التبرعات دون أي فائدة، على العكس، وبحسب الدراسة، فقد تبين أن التبرع بمخزون قد تنتهي مدة صلاحيته سيحد من قدرة الموردين على إغراق الأسواق، وستتمكن الكثير من الدول النامية والفقيرة من الاستفادة من هذه التبرعات.
إغراق السوق المحلية بمنتجات جديدة مجانية سيجبر الموردين المحليين على خفض أسعار منتجاتهم في السوق أو قد يجعلهم يتوقفون عن صنعها
من السهل أن نفترض أن التبرع بكميات كبيرة من المخزون الجديد على سبيل المثال، والذي لا يزال ضمن تاريخ انتهاء الصلاحية، الخيار الأفضل، لكن ذلك سيؤدي إلى حصول مشاكل في السوق المحلي، إذ إن إغراق السوق المحلية بمنتجات جديدة مجانية سيجبر الموردين المحليين على خفض أسعار منتجاتهم في السوق، أو قد يجعلهم يتوقفون عن صنع هذه المنتجات أو توريدها، وبطبيعة الحال، فإن هذا الأمر لا يشجع أي محاولات أخرى لتطوير القدرة التوريدية المحلية، ويجعل البلد المتلقي أكثر اعتماداً على التبرعات.
من جهة أخرى، تبين أن الدول التي تتلقى مساعدات ذات تاريخ صلاحية طويل، قد تكون عرضة للفساد، إذ من المرجح أن يقوم المسؤولون ببيع هذه المنتجات في السوق السوداء، وقد يجبر هذا أيضا الموردين المحليين على التوقف عن العمل. قد يؤدي هذا أيضاً إلى ارتفاع الأسعار في السوق السوداء، ما يفرض ضغطًا إضافيًا على أنظمة الرعاية الصحية المثقلة بالفعل.