انتهت رحلة الطالب اللبناني في أوكرانيا، هادي رفيق كمال، على خيرٍ بوصوله فجر الأربعاء إلى لبنان بعد أيام لن تُمحى من ذاكرته قضاها تحت القصف الصاروخي الروسي، وعلى مقاعد وسائل المواصلات وبالطرقات التي اجتازها مشياً على الأقدام بلا أكل أو شرب.
"الطريق إلى بوخارست لم تكن سهلة، تعذّبنا كثيراً قبل أن نصل إلى الحدود الرومانية، والقصف كان متواصلا"، يروي هادي لـ"العربي الجديد". ويقول: "علقنا أنا وزملاء لي في كييف حوالي ساعتين بسبب الأوضاع الأمنية الخطرة قبل أن يتحرك القطار، ونتجه إلى فينيسيا، ومن ثم انتقلنا بسيارة، وكان يفصلنا حوالي أربعين كيلومتراً للوصول إلى الحدود، فسرنا على الأقدام من دون طعام ومياه"، لافتاً إلى معاناة أخرى تكمن في الحفاظ على بطارية الهاتف مشحونة قدر الإمكان للتواصل مع الأهل ومحاولة طمأنتهم، واستخدامه للحالات الطارئة.
يضيف هادي: "وصلنا إلى مولدوفا شرقي أوروبا، حيث تلقينا المساعدة وتم تأمين المواصلات لنا، وقد علقنا على الحدود مع رومانيا لساعات طويلة قضيناها في البرد والصقيع، فكان الوقت ليلاً بانتظار الحصول على تصريح للدخول، بعدها وصلنا إلى بوخارست، فكان أن تكفّل بنا رجل أعمال لبناني يدعى محمد مراد، وأمّن لنا النوم في أحد فنادقه والمأكل والمشرب، وتذاكر الطيران للعودة إلى لبنان، وكذلك حرص على تأمين المواصلات للمطار".
هادي (21 عاماً)، وهو ابن النبطية جنوب لبنان، كان يعيش في بولتافا شمال شرق أوكرانيا، التي انتقل إليها قبل ثلاث سنوات حيث درس الطب – الصحة العامة، لم يكن دربه سهلا، فجائحة كورونا وتقاعس الدولة اللبنانية عن مساعدتهم وتسيير عودتهم، وأزمة الدولار، صعّبت رجوعهم، وصولاً إلى الاجتياح الروسي والمخاطر التي واجهت سلامته الشخصية ومسيرته الدراسية التي تمسّك بها واجتاز الكثير من العوائق حفاظاً عليها.
ووصلت، فجر الأربعاء، دفعة من اللبنانيين الموجودين في أوكرانيا، من بينهم 40 طالباً قادمين من بوخارست، وقد استضافهم رجل الأعمال اللبناني في رومانيا محمد مراد في أحد فنادقه، وتكفّل على نفقته الخاصة بتذاكر السفر لتأمين عودتهم إلى لبنان.
وقال رئيس الهيئة العليا للإغاثة، اللواء محمد خير، من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت لدى استقبال اللبنانيين، إنّ "العدد الذي تم تسجيله لدى السفير اللبناني في أوكرانيا علي ضاهر هو 960 مواطناً لبنانياً، ومن بين هؤلاء 450 توجهوا إلى بولونيا، وقد دخل منهم حتى الآن 250 شخصاً، وهناك العدد نفسه تقريباً على الحدود سيتوجهون إلى وارسو".
ولفت خير إلى أن "هناك أشخاصاً فضّلوا الذهاب إلى أوروبا، في المقابل، ستصل طائرة أخرى خلال 48 ساعة تقل لبنانيين من وارسو"، مشيراً إلى أن العبور إلى رومانيا كان أسهل من طرق أخرى.
من جهته، يقول رئيس الجالية اللبنانية في أوكرانيا، علي شريم، لـ"العربي الجديد": إنّ لبنانيين كثرا مازالوا موجودين في العاصمة الأوكرانية داخل منازلهم، ونحن نسعى بكل ما أمكن لتوفير الطعام والمياه والأدوية والحاجيات الأساسية والسيارات لنقلهم إلى أماكن آمنة، في ظل صعوبة تواجهنا على صعيد المحروقات مع إغلاق محطات الوقود أبوابها، وكذلك مع انقطاع التموين وإقفال المؤسسات التموينية.
ويلفت إلى أن العائلات تقوم بتقسيم أنفسها خلال الرحلات، سواء إلى بولندا أو رومانيا، ومنهم من قصد سلوفاكيا، و"بدورنا نعمل على تزويدهم بالخرائط التي تظهر الأماكن الآمنة للتوجه إليها".
وقررت السلطات اللبنانية تكليف الهيئة العليا للإغاثة بإجلاء الرعايا اللبنانيين من أوكرانيا، والذين لجأوا إلى بولندا ورومانيا.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية أعلنت في وقت سابق أن بولندا ورومانيا فتحتا حدودهما أمام اللبنانيين في أوكرانيا.