تمكّن 31 موقوفاً في لبنان من الفرار، فجر اليوم الأحد، من النظارة الكائنة تحت جسر قصر عدل بيروت، وفق ما أفادت شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، مشيرةً إلى أنّه "أُعطيت الأوامر الفورية لتوقيفهم، والتحقيق جارٍ بإشراف القضاء المختص".
وفي اتصالٍ لـ"العربي الجديد"، كشفت مصادر أمنية أنّ "الموقوفين الفارّين هم من ذوي الجرائم العادية غير الخطيرة، غير أنّ التوقيفات ستبدأ من اليوم. كما أنّ التحقيقات جارية لكشف ملابسات الحادثة وكيفيّة فرارهم، وقد أصبحت بعهدة القضاء، لكن يبدو أنّهم أقدموا على قطع أو خلع نافذة صغيرة، فرّوا عبرها، علماً أنّهم في آخر نظارة، بحيث يُعتبر موقعهم بعيداً نوعاً ما".
من جهتها، لفتت المحامية والناشطة الحقوقية، ديالا شحادة، إلى أنّها "ليست المرة الأولى التي تشهد فيها البلاد عمليات فرار سجناء وموقوفين، فقد شهدنا، خلال العامين الماضيين، عملية فرار من نظارة زحلة (البقاع) ومن نظارة بعبدا (جبل لبنان). غير أنّ ذلك يُعدّ نتيجة حتميّة للاكتظاظ بالدرجة الأولى، وكذا تدهور الخدمات الحيوية في السجون، سواء في ما يتعلق بوجبات الطعام أوالطبابة، إذ تصل إلينا نداءات استغاثة لسجناء وموقوفين يسعون خلف أدويتهم المفقودة أو شكاوى من وجبات طعامٍ ضئيلة أو من انعدام التهوية في ظلّ الظروف السيّئة وانقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر مادة المازوت".
وقالت لـ"العربي الجديد": "إذا افترضنا وقوع خطأ مقصود أو غير مقصود، غير أنّه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أنّ عناصر المؤسّسة العسكرية يؤدّون مهامهم تحت وطأة ضغطٍ نفسيّ وماديّ مخيف جداً، كونهم الفئة الوحيدة من فئات القطاع العام غير القادرة حتّى على ممارسة حقّها بالإضراب والاحتجاج. لذلك، وصلت نسبة الفرار من المؤسّسات العسكرية الثلاث (الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام) إلى نحو 15 ألف عسكري، لا سيّما في ظلّ حرمانهم من حقّ الاستقالة وإنهاء العمل التطوعي، وحتّى من حقّهم القانوني بالتقاعد المبكر".
واعتبرت شحادة أنّه "في حال لم يكن هناك تواطؤ في عمليّة الفرار المذكورة، فهناك نوع من القرف والتراخي و(التطنيش) ناجم عن الضغط النفسي والمادي، فقد بات العسكريون يدفعون رواتبهم بدل تنقّل، ويضطرّون أغلبهم للعمل في وظائف ثانية".
وأشارت إلى أنّ "السلطة القضائية بشقّيها، القضائي أو الضابطة العدلية المكلّفة بتنفيذ القرارات القضائية، قد وصلت إلى مرحلةٍ تُقارب الانهيار، إذ إنّ عجلة القضاء لا تتقدّم، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي جعلت موظّفي القطاع العام، بمن فيهم المساعدون القضائيون، وحتّى القضاة، يلجأون للإضراب والاعتصام والامتناع عن القيام بمهامهم، وكذلك الضابطة العدلية. كلّ هذه العوامل هي حصيلة عجز الدولة عن تقديم الحقوق الدنيا لموظّفي القطاع العام، للاستمرار بعملهم والتمتّع بحياةٍ كريمة، عوض اختبار الذلّ. ونجد كذلك أنّ نسبة الجريمة في لبنان تزداد، وكذلك مخالفة القوانين".