استمع إلى الملخص
- جوزيف الحلو من وزارة الصحة أكد أن الهجمات على المستشفيات جريمة ضد الإنسانية وتخالف الأعراف الدولية، مشيراً إلى استمرار العمل رغم الصعوبات ونقص الأطباء والتحديات الاقتصادية.
- سليمان هارون ومدير مستشفى الشهيد صلاح غندور شددا على أهمية المستشفيات كمرتكزات للمقاومة وأن استهدافها يعد انتهاكاً للمواثيق الدولية، مؤكدين على الدور الإنساني والوطني للمستشفيات.
نظّمت وزارة الصحة العامة ونقابة أصحاب المستشفيات في لبنان، اليوم الاثنين، وقفة أمام وزارة الصحة في بيروت تضامناً مع المستشفيات والطواقم الطبية والصحية في الجنوب، لشجب الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة عليها منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وآخرها الاعتداء على مستشفى الشهيد صلاح غندور في بنت جبيل وسيارة الإسعاف في الناقورة، ما أسفر عن سقوط ثلاثة شهداء وجرح أكثر من عشرة أشخاص.
ومنذ بدء المواجهات العسكرية على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة بين حزب الله وجيش الاحتلال، في 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 360 شخصاً بفعل القصف الإسرائيلي، ونزوح نحو 100 ألف شخص، بحسب وزارة الصحة اللبنانية، تعرّضت المستشفيات والطواقم الصحية والإسعافية في عددٍ من القرى والبلدات الحدودية للاعتداء الإسرائيلي المباشر والمتعمّد، ما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن عشرة شهداء في القطاع الصحي، عدا الأضرار المادية والتدمير الذي لحق بالآليات.
وقال ممثل وزير الصحة العامة جوزيف الحلو إنّ "الاعتداء على المستشفيات يصبّ في إطار الجريمة ضد الإنسانية وكافة الأعراف والمواثيق الدولية، ومن واجب المجتمع الدولي تحمّل المسؤولية وممارسة الضغط لوقف هذه الجرائم"، مشدداً على أنّ "القطاع الصحي في لبنان خط أحمر بالنسبة إلى جميع اللبنانيين، ونؤكد للعدو أنّه مهما كرّر محاولاته لإيقاعنا، فإننا قادرون على أن نقف من جديد".
وأوضح الحلو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الاعتداءات الإسرائيلية طاولت أكثر من مستشفى في الجنوب اللبناني، منها 4أربع مرّات استهدفت مستشفى ميس الجبل الحكومي، وخمس مرّات مستشفى الشهيد صلاح غندور، كما استُهدف مستشفى بنت جبيل الحكومي، ومستشفى تبنين، لكن القصف الأخطر كان الأسبوع الماضي على مستشفى الشهيد صلاح غندور، والذي طاول المدخل الرئيسي، ما عرّض أرواح العديد من المواطنين والمرضى والأطقم الصحية والطبية والموظفين والعاملين للخطر".
في هذا الإطار، قال مصدر في وزارة الصحة اللبنانية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاعتداءات باتت مكثفة على المسعفين كما المستشفيات التي فتحت أبوابها منذ اليوم الأول للحرب لاستقبال الجرحى الذين تخطى عددهم لغاية اليوم 1500 جريح، وهي مستمرّة في عملها رغم الظروف الصعبة التي تمرّ بها، سواء على صعيد النقص في الأطباء والموظفين ربطاً بالأزمة الاقتصادية أساساً، ثم التصعيد العسكري من جانب العدو، الذي يجعل الوصول إلى المستشفيات أمراً صعباً وخطيراً، كما يعيق حركة المستلزمات الطبية والأدوية في ظلّ القصف الإسرائيلي المكثف".
وأشار المصدر إلى أنّ "المستشفيات مستمرّة مع جميع الأطقم والعاملين في القطاع بالقيام بواجبهم الإنساني والوطني رغم المخاطر المحدقة والتحديات القائمة، وهناك محاولات أيضاً للحصول على مساعدات خارجية بهدف الاستمرارية وحسن تأمين العلاج لجميع المرضى والجرحى، وكذلك الاستجابة الشاملة خصوصاً في حال توسّعت الحرب أكثر وطال أمدها".
وخلال الوقفة الاحتجاجية أمام وزارة الصحة في بيروت، قال نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون إنّ "المستشفيات من أهم مرتكزات المقاومة، ولهذا شهدنا في غزة أن العدو الإسرائيلي استهدف منذ البداية المستشفيات، ما يبرهن أنه في تفكيره يرى المستشفيات هدفاً عسكرياً يجب تدميره، فقام بذلك بطريقة وحشية لا مثيل لها ومن دون أن يرفّ له جفن".
وأضاف: "بعد الذي حصل في غزة، كنّا نتوقع أن يستهدف العدو المستشفيات في الجنوب، وأخشى ما أخشاه أن يكون الاعتداء على مستشفى صلاح غندور وسيارة الإسعاف التابعة للهيئة الصحية بداية لسلسلة مشابهة من الاعتداءات، فقد أثبتت التجربة أن لا حدود للعقل الإجرامي الصهيوني ولا رادع أخلاقياً لمن لا يفهم معنى الإنسانية، إذ هكذا كان على مدى الأجيال وهكذا هو الآن".
ولفت هارون أيضاً إلى أنّ "وزارة الصحة العامة وضعت خطة طوارئ متكاملة في حال توسّعت الحرب في الجنوب وشملت مناطق أخرى لتأمين استقبال الجرحى، ولكن هذه الخطة تفرغ من معناها إذا ضربت المستشفيات وقصفت لتصبح خارج الخدمة مثل ما حدث في غزة". وشدد على أنّ "الاستنكار أمر طبيعي، لكنه ليس كافياً، بل ندعو المسؤولين للقيام بالاتصالات الدولية اللازمة لتأمين حماية للمستشفيات، سواء عن طريق قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أو أي وسيلة أخرى، إذ لا يجوز ترك المستشفيات عرضة لغرائز العدو".
بدوره، قال مدير عام مستشفى الشهيد صلاح غندور الدكتور محمد سليمان إنّ "المستشفى استقبل مئات الشهداء والجرحى من الحالات الخفيفة إلى المتوسطة والحرجة من دون إيقاف الخدمات الأساسية للأهالي الصامدين، فكان الرد من العدو الصهيوني، الذي لا تردعه المواثيق ولا الأعراف الدولية والإنسانية، أن يقوم يوم الاثنين الماضي (27 مايو/ أيار)، عن سابق تصميم، بتنفيذ غارة همجية أمام المدخل الرئيسي في حرم المستشفى في وقت الذروة من النهار".
أضاف سليمان: "المستشفى كان مليئاً بالمرضى والزوّار والمراجعين، ما أدى إلى استشهاد مدني كان برفقة ابنه لتلقي الخدمة الطبية إلى جانب شهيد من طاقم أمن المستشفى أثناء قيامه بواجبه الإنساني في حماية المستشفى وروادها، والعديد من الجرحى المدنيين وموظفي المستشفى، من بينهم مسؤول قسم الأمن الذي لا يزال يتلقى العناية الطبية من المستشفى بسبب إصابته البليغة، بالإضافة إلى تعرّض مجموعة من الممرضين لحالات اختناق ومشاكل في السمع وحصول أضرار مادية في واجهة المستشفى".
وأردف سليمان بأنّ "هذا الاعتداء الغاشم هو انتهاك صارخ لجميع المواثيق والأعراف الدولية التي تمنع التعرض للمنشآت الصحية، نذكر منها اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970 القرار الذي يحمل الرقم 2675 الذي ينصّ على أنّ منطقة المستشفى لا ينبغي أن تكون هدفاً للعمليات العسكرية، ولذلك لا يسمح أبداً بالهجمات العشوائية أو المقصودة على المستشفيات والوحدات الطبية والعاملين الطبيين الذين يعملون بصفة إنسانية، في حين يشكّل استهداف المستشفيات بشكل متعمد جريمة حرب بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".