أعلن مركز جنيف الدولي للعدالة، أن لجنة أممية أظهرت عدم رضاها عن مستوى تنفيذ العراق التزاماته الدولية في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مبدية عدم اقتناعها بردود العراق حيال المسائل التي طالبته بالرد عليها.
وسبق أن طالبت لجنة الأمم المتحدة العراق بتنفيذ 51 توصية رئيسية، ويتطلب الكثير منها التنفيذ المباشر والفوري، فيما يتطلب البعض الآخر تنفيذاً تدريجياً. وذكرت في تقرير أنه "يتوجب عليها أن تظهر ما يؤكد شروعها بالتنفيذ"، إثر ما جاء في تقرير جنيف في 4 مارس/ آذار، في أعقاب النقاش مع الوفد العراقي برئاسة وزير العدل خالد شواني وعضوية ممثلين من الوزارات والمؤسسات العراقية.
وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن وزير العدل العراقي خالد شواني، أن الحكومة العراقية الحالية تعمل على معالجة الملفات التي تمس حياة المواطن عبر إطلاق سلسلة من المشاريع التنموية والإصلاحية للبنى التحتية من خلال رسم السياسات الداعمة للوصول إلى أهداف وغايات خطة التنمية المستدامة، بما يضمن التقدم في مستويات التنمية البشرية، ولا سيما الجوانب التعليمية والصحية والاقتصادية. وجاء ذلك خلال حضوره جلسة مناقشة تقرير العراق الدوري الخامس في مجلس حقوق الإنسان بالعاصمة جنيف.
وترتبط غالبية الانتقادات الموجهة للعراق بحقوق الإنسان والنازحين والسجناء وانتهاكات قوات الأمن والفصائل المسلحة وقضايا المختطفين والمخفيين قسراً. ولا يبدو أن إجابات شواني كانت مرضية بالنسبة للجنة الأممية، وفقاً لبيان مركز جنيف للعدالة الذي صدر أمس الأحد. وأظهر أن اللجنة الأممية كانت تنتظر إجابات حول ضمان استقلالية مفوضية حقوق الإنسان واستقلالية القضاء والمحامين والادعاء العام، وطالبت بحماية الناشطين والصحافيين وإنهاء حالة الإفلات من العقاب وإنهاء سياسات التمييز السائدة حالياً وما يتضمنه ذلك من استحداث منظومة قانونية ضامنة، بالإضافة إلى وقف التهديدات المستمرة للحقوق النقابية والعمال والفئات الأخرى، وحماية المرأة من العنف، والحد من الزواج المؤقت (المتعة) وتزويج القاصرات.
كما أبدت اللجنة قلقها من تصاعد مستويات البطالة، وطالبت السلطات بالعمل على توفير فرص العمل اللازمة، ووضع السياسات المطلوبة من أجل القضاء على الفقر، وتوفير السكن من خلال بناء وحدات سكينة لمن فقد مسكنه بالأعمال العسكرية والإرهابية، كما أثارت اللجنة ما يتعلق بانخفاض مستوى الرعاية الصحية بشكل عام.
وتحدث تقرير مركز جنيف الدولي عن تدني المستوى التعليمي في العراق، معرباً عن شواغل عديدة في ما يتعلق بالتغييرات السلبية في المناهج المدرسية والقضايا التي أقحمت فيها، مؤكدة أنها تشعر بالقلق من التقارير التي تفيد بأن ملايين الأطفال في سن الدراسة غير ملتحقين بالمدارس. كما أكدت على ضرورة حماية المواقع الأثرية والثقافية في مناطق النزاع بالعراق.
وبشأن واقع القضاء في العراق، بيّن التقرير أنه "على الرغم من وجود التشريعات، وفي مقدمتها الدستور، إلا أن الممارسات الواقعية تؤكد العكس، وقد أثيرت شواغل من بينها ملاحظة أن رئيس السلطة القضائية بدا وكأنه يمارس دوراً سياسياً شأنه شأن رؤساء السلطات الأخرى، وهذا تطور خطير يجعله مشاركاً في القرار السياسي للدولة، أي الطرف الذي يبعده عن الاستقلالية".
وبخصوص المحكمة الاتحادية في البلاد، فقد لفت إلى أن "اختيار قضاة المحكمة الاتحادية يخضع لاعتبارات حزبية وفئوية ضيقة، وهو ما يقوّض استقلاليتهم"، فيما طالبت اللجنة بـ "حماية القضاة الذين يحققون بقضايا الفساد من التهديدات المستمرة لحياتهم وحياة أسرهم".
وجاءت توصيات أخرى، من بينها حث الحكومة على العمل لمكافحة تأثير التغير المناخي والأزمة البيئة، وكذلك حماية الصحافيين والناشطين، ناهيك عن تأثيرات الفساد على العمل الحكومي، والتأكيد على الحقوق العمالية والنقابية والفئات الأخرى، وانعدام الأمن الغذائي.
وبحسب الناشط الحقوقي علي القطراني، فإن "تقرير مركز جنيف يؤكد على عمق الأزمة التي يمر بها العراق، والتضليل الذي تمارسه الأحزاب الماسكة بالسلطة والحكومة الحالية"، مبيناً في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "مهاجمة القضاء العراقي بهذه الطريقة تستدعي أن تتوقف جميع القطاعات والفعاليات المدنية للوقوف عندها، لأن الوضع بات أكثر خطورة".
أضاف أن "التقرير يخلو من المبالغة، بل إنه أغفل ملفات مهمة، من بينها السلاح المنفلت وعصابات المخدرات الدولية وتحوّل العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات بين دول الجوار، وتحديداً تركيا وإيران من خلال ضرب السيادة العراقية جرّاء انتشار جماعات معارضة لهاتين الدولتين، والحال نفسه ينطبق على المؤسسة العسكرية التي تتعرض إلى الاستغلال السياسي".