"لست روبوتاً".. حملة صينية لردع الأزواج المهووسين بالإنترنت

23 مايو 2024
يقضي كل منهما الوقت على الهاتف المحمول (وانغ زهاو/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في الصين، أطلقت مجموعة من النساء المتزوجات حملة "لست روبوتاً" للتعبير عن استيائهن من إهمال أزواجهن المنغمسين في الإنترنت وألعاب الفيديو، مما يسبب لهن ضرراً نفسياً وعاطفياً.
- الحملة تحولت سريعاً إلى ظاهرة اجتماعية بانضمام أكثر من مليون امرأة في خمسة أيام، مما يعكس الحاجة للتنفيس عن الضغوط والبحث عن التعاطف والدعم في مجتمع ذكوري.
- تسلط الحملة الضوء على أهمية التوعية حول تأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية وتؤكد على الحاجة للتواصل الفعال والاهتمام المتبادل بين الأزواج لتجاوز التحديات الناجمة عن العادات الرقمية السلبية.

دفع الإهمال الذي تعيشه صينيات من أزواجهن في ظل الإدمان على الإنترنت وألعاب الفيديو ببعضهن إلى إطلاق حملة "لست روبوتاً"، في محاولة للفت النظر إلى واقعهن.

أطلق عدد من النساء المتزوجات في الصين حملة بعنوان "لست روبوتاً" للتعبير عن امتعاضهن من إهمال أزواجهن لهن وانشغالهم في الفضاء الإلكتروني، الأمر الذي أثار جدلاً عاماً حول إدمان الإنترنت في البلاد. وتقول إحدى السيدات: "الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يجعل الحياة الزوجية مملة، فضلاً عن أنه يعتبر إهانة لكرامة الزوجة، إذ يتم التعامل معها على أنها مجرد دمية أو آنية في المنزل مفرغة من العواطف والمشاعر الإنسانية". وتوضح أخرى: "يقضي زوجي معظم وقته في تصفح هاتفه المحمول، ولا نكاد نتحدث معاً بضعة كلمات في اليوم الواحد، حتى حين يتناول الطعام لا يفارق الهاتف يده". ويقول القائمون على الحملة إن الهدف منها هو لفت نظر الأزواج إلى المعاناة التي تعيشها الزوجة في ظل انشغال شريك حياتها بعالمه الافتراضي، وهي أيضاً دعوة إلى الاهتمام بالزوجات والإنصات إليهن وعدم التعامل معهن على أنهن مجرد روبوتات يحضرن الطعام ويجهزن الأولاد للمدرسة.

مساحة للتنفيس

تقول إحدى القائمات على الحملة شين شي، لـ "العربي الجديد": "ولدت الفكرة في محادثة عبر تطبيق ويتشات مع مجموعة من الصديقات، حين أعربت إحداهن عن شعورها بالضجر من حياتها الزوجية. ولدى الحديث عن الأسباب اكتشفنا أنها قاسم مشترك بيننا جميعاً، وتتمحور حول انشغال الأزواج بعالمهم الافتراضي، مثل تصفح مقاطع الفيديو القصيرة عبر منصة دويين، وإدمان ألعاب الفيديو، وغيرها من الملهيات الإلكترونية، وذلك على حساب العلاقة بالزوجة والأبناء". 
تضيف: "قررنا إطلاق هاشتاغ لست روبوتاً"، للفت الأنظار إلى معاناتنا بوصفنا زوجات، وفوجئنا بانضمام أكثر من 124 ألف امرأة إلى مشاركة الهاشتاغ في اليوم الأول فقط من الحملة. وفي اليوم الخامس، وصلنا إلى مليون مشاركة، ما يعكس حجم الضغط النفسي الذي تعيشه المرأة في مجتمعنا بسبب إهمال الأزواج ولامبالاتهم. لذلك كانت الحملة مساحة للتنفيس وفرصة للتعبير عن الذات الأنثوية في مجتمع ذكوري، وصرخة في وجه كل زوج لا يلقي بالاً لزوجته".

بدورها، تقول إحدى المشاركات في الحملة لين تشوان، إنها لم تتردد لحظة في الانضمام إلى مجموعة المطالبات بحقهن في الاهتمام والدفء الأسري، لأنها تمر بالظروف والتجربة نفسها مع زوج أسس عالمه الخاص في الفضاء الإلكتروني. تضيف في حديثها لـ "العربي الجديد": "يعمل زوجي 8 ساعات في اليوم. وحين يعود في المساء، يسخّر كل وقته لتصفح هاتفه المحمول، بينما يتحتّم عليّ تحضير الطعام له وغسل ملابسه وتوفير كل احتياجاته، على الرغم من أنني أعمل مثله وأعود إلى المنزل متعبة. ونزولاً عند رغبته، قررنا عدم الإنجاب في السنوات الأولى من الزواج. في المقابل، كنت أعتقد أن حياتنا زوجينِ ستكون أكثر دفئاً وحميمية، لكن بعد الزواج اكتشفت عادته السيئة المتمثلة بإدمان ألعاب الفيديو، ووجدت نفسي وحيدة بين جدران المنزل. تمر علينا بعض الأيام من دون أن نتكلم جملة واحدة". وتوضح: "مؤخراً، فكرت في إنجاب طفل كي يؤنس وحدتي، لكنه رفض الفكرة وقال إنه ليس مستعداً لذلك، الأمر الذي ضاعف من شعوري بالغبن والاضطهاد. وحين قرأت قبل أيام منشوراً عبر موقع ويبو الصيني يتحدث عن حملة لست روبوتاً، شعرت بأنها تمثلني لما أعيشه مع زوجي المهووس بالألعاب الإلكترونية، فقررت الانضمام إليها على أمل أن يصل صوتنا إلى جهات نافذة يمكن أن تسهم في تقليص هذه المأساة".

إدمان على الهاتف المحمول (بييترو ريشيا/ Getty)
إدمان على الهاتف المحمول (بييترو ريشيا/ Getty)

نشر التوعية

وتقول الباحثة الاجتماعية في معهد "غوانغ دونغ" تانغ لي، في حديثها لـ "العربي الجديد"، إن مثل هذه الحملات هي نتاج اضطهاد عمل المرأة، والأمر مرتبط بإهمالها وعدم الإنصات إلى مشاعرها من أقرب الأشخاص إليها وهو الزوج، لكن يجب عدم الخلط بين مشكلات زوجية تتعلق بالإدمان الإلكتروني واضطهاد المرأة في مجتمع ذكوري باعتبارها أنثى. فإدمان الإنترنت قد يصيب الجنسين، وقد نجد رجلاً يعاني إهمال الزوجة بسبب انشغالها بهاتفها المحمول، ومن ثم المسألة نسبية، لكن بطبيعة الحال الرجال أكثر ميلاً إلى هذا النوع من الإدمان.
 
تضيف أن مثل هذه الظواهر يجب أن يتم التعامل معها عبر مؤسسات اجتماعية وأهلية لنشر الوعي بين الأزواج، وتسليط الضوء على تأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية. وتلفت إلى أن نسبة كبيرة من حالات الطلاق لها علاقة بإدمان الهاتف المحمول وألعاب الفيديو. وعن الأسباب، تفيد بأن الأجيال الجديدة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالهاتف المحمول، وقد عزز ذلك إنشاء تطبيقات سهّلت عملية التواصل مع المجتمع الخارجي والتعبير عن الذات بعيداً عن العلاقات الاجتماعية الحقيقية. كما أصبح الهاتف المحمول مرتبطاً بإتمام واجبات الدراسة أو العمل، ومن ثم هناك جدوى من حمل الهاتف. لكن مع مرور الوقت يأخذ الأمر منحى آخر، وقد يسبّب وأد العلاقات الإنسانية والعاطفية. 
وعن كيفية التغلب على هذه المشكلة، توضح أن الأمر ليس سهلاً، فنحن لا نتحدث عن أطفال قصّر كي نحدد وقت استخدام الهاتف أو ممارسة ألعاب الفيديو، إذ إن الشريحة المستهدفة هم الآباء الذين من المفترض أن يمارسوا رقابة على أبنائهم في مثل هذه القضايا. لذلك ستكون هناك صعوبة في مسألة التوجيه لأن الأجيال الأكبر سناً لا تتقبل حتى النصيحة، وتفترض أن ذلك أمر خاص ومسألة شخصية لا ينبغي للآخرين التدخل فيها. لكن في الوقت نفسه، يتحتم على الزوجة التحدث بصراحة إلى زوجها للتعبير عن امتعاضها والأضرار التي تلحق بها جراء الإهمال، وعليها أن تختار الوقت المناسب لفعل ذلك، وألا تكتفي بالمشاركة في حملة إلكترونية من هذا النوع، لأن الزوج أصلاً لا يلقي بالاً لمثل هذه الأخبار ولا يمر عليها.
المساهمون