على الرغم من مرور نحو عامين على بدء جائحة كورونا في مارس/ آذار 2020، فإنّ روسيا والدول الغربية لم تتوصل حتى الآن إلى صيغة للاعتراف المتبادل بشهادات اللقاحات المضادة لكورونا، الأمر الذي يعيق حركة سفر الروس حول العالم ويكبد قطاعات السياحة في العديد من الدول خسائر فادحة.
وفي الوقت الذي لم يعترف فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بلقاح "سبوتنيك في" الروسي حتى الآن، لا يمكن للمواطنين الروس السفر إلّا إلى بضع عشرات من الدول التي اعترفت باللقاح الروسي، بما فيها الأرجنتين والبرازيل والإمارات وتركيا ومصر، وبضع دول أوروبية، مثل اليونان والمجر وسلوفينيا وكرواتيا.
عقبات
وفي هذا الإطار، يشير رئيس قسم البحوث العلمية، الشريك في شركة "Inbio Ventures" لإدارة الاستثمارات في مشاريع الأدوية إيليا ياسني، إلى مجموعة من العقبات أمام الاعتراف الغربي باللقاحات الروسية، وفي مقدمتها التباين في معايير مراجعة عملية الإنتاج. ويقول ياسني، في حديث لـ"العربي الجديد": "من الصعب التنبؤ بمواعيد محددة للاعتراف المتبادل باللقاحات كونها تعتمد على انضمام روسيا إلى الاتحاد الأوروبي لشهادات التلقيح ضد كورونا. وبعد ذلك فقط سيتمكن الروس من السفر إلى الاتحاد الأوروبي بموجب شهادات التلقيح بلقاح سبوتنيك في من دون الخضوع لفترة الحجر الصحي كما هو الحال في بريطانيا حالياً".
وحول العقبات الحائلة دون اعتراف الغرب بـ"سبوتنيك في"، يقول: "جميع اللقاحات المضادة لكورونا قائمة على النواقل من الفيروسيات الغدية، ومن المدهش أنه تسنى تنظيم إنتاج ملايين الجرعات من مثل هذه اللقاحات لأول مرة في التاريخ، فباتت لدى منظمة الصحة العالمية تساؤلات حول جودة إنتاج سبوتنيك في، لا حول أمانه وفاعليته، في ظلّ تأخر القواعد الروسية لتطوير الأدوية عن مثيلاتها الأوروبية لناحية عدد البنود الواجب مراجعتها. وهذا هو سبب عدم اعتماد سبوتنيك في لدى الاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية وليس الحملة الإعلامية على اللقاح الروسي كما تقدم روسيا الأمر". وكان رئيس الصندوق الروسي للاستثمار المباشر كيريل دميترييف قد كشف في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنّ الصندوق يترقب الاعتراف المتبادل بشهادات التلقيح ضد فيروس كورونا عام 2022، محملاً "عدداً من القوى السياسية" المسؤولية عن عرقلة ذلك.
تأخر الاعتراف المتبادل
ويعطي ياسني مثلاً على مشكلة ناجمة عن تأخر الاعتراف المتبادل باللقاحات، قائلاً: "يخلق انعدام الرغبة المتبادلة لدى الغرب وروسيا في الاعتراف باللقاحات عدداً من المشاكل العملية، إذ يزيد عزوف أوروبا والولايات المتحدة عن الاعتراف بسبوتنيك في من صعوبة تنقل الروس حول العالم، في ظل تعذر الحصول على اللقاحات الأجنبية في روسيا. أدى ذلك إلى انتشار ظاهرة سياحة التلقيح. وتوجه بعض الروس إلى صربيا أو كرواتيا لمدة يوم واحد للحصول على لقاح جونسون آند جونسون مجاناً الذي يختاره كثيرون كونه يعطى بجرعة واحدة فقط".
مع ذلك، يلفت إلى أنّ اعتراف منظمة الصحة العالمية بـ"سبوتنيك في" لا يعني أنّه يمكن للروس السفر إلى أوروبا تلقائياً، مضيفاً: "سيتيح اعتراف منظمة الصحة العالمية للروس السفر بحرية إلى الولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تسمح بدخول الأجانب الملقحين بلقاحات تتضمنها قائمة المنظمة. لكن الوضع مع الاتحاد الأوروبي يبدو مختلفاً، إذ إنّ هناك لقاحين صينيين معتمدين لدى منظمة الصحة العالمية لا يتيحان الدخول إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، ما يعني أنّ الملقحين بسبوتنيك في سيضطرون إما لانتظار الاعتراف المتبادل بشهادات التلقيح، أو لتلقي لقاح آخر معتمد لدى الاتحاد الأوروبي".
وتشير بيانات اتحاد الشركات السياحية الروسية إلى تزايد حركة سفر الروس إلى الخارج بهدف الحصول على لقاحات أجنبية منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، ليبلغ عدد هؤلاء نحو 6 آلاف شخص شهرياً. وتعدّ كرواتيا وبلغاريا وصربيا واليونان وفي الفترة الأخيرة أرمينيا من الوجهات الرائدة لسياحة التطعيم.