لمياء يارد... لبنانية ــ كندية تستوحي موسيقاها من الشرق القديم

مونتريال

مصطفى عاصي

avata
مصطفى عاصي
صحفي لبناني مقيم في كندا
13 مارس 2021
لمياء يارد
+ الخط -

تهتمّ المغنيّة وعازفة العود الكندية اللبنانية، لمياء يارد، بكل التفاصيل، الصغيرة والكبيرة، قبل الصعود إلى أي مسرح لتقديم حفلاتها. كانت طفلة في عمر الست سنوات حين قدمت إلى كندا. وبعد أكثر من ثلاثين عاماً من العيش في مجتمع غربي صار يعنيها جوهر الأشياء لا قشورها. بمعنى آخر، هي لا تشبه مغنيات الشرق. 
تصعد لمياء إلى المسرح بحذاء الثلج ومن دون أن تصفّف شعرها، وتحمل العود الذي درست العزف عليه بعمر مبكر. نقاوة فكرها تشبه نقاوة صوتها حين تعزف أو تؤدي الموشحات الأندلسية والأغاني الصوفية التركية والفارسية القديمة. توليفة هذه الفتاة التي ولدت في منطقة الأشرفية في العاصمة اللبنانية بيروت، فيها من الغرابة الكثير. فما الذي يدفع فتاة ولدت في حي لبناني فرانكفوني حتى النخاع، كي تهتم بموشحات جلال الدين الرومي وإبن عربي، وأي تأثير في حياتها يقف وراء شغفها بالماضي وبالموسيقى الشرقية القديمة: موسيقى بلاد الشام، بلاد فارس، مصر، وتركيا؟
من موسيقى السفارديم تستوحي لمياء ذخيرتها الموسيقية، معتبرة أن الموسيقى التركية التي ولدت في العصر العثماني هي الجامعة لكل القوالب الموسيقية المشرقية. شغفٌ شخصي نما بين العواصم بيروت وبروكسيل وإسطنبول ومونتريال. في بيروت، تلقت دروساً خاصة على عزف العود مع المغني والعازف والباحث في الموسيقى العربية مصطفى سعيد طيلة أربع سنوات بين عامي 2009 و2013. وخلال الفترة نفسها، درست الموسيقى الشرقية في الجامعة الأنطونية في بيروت من دون أن تساعدها الظروف على إكمال دراستها حتى النهاية. وهناك، التقت مدربة الصوت دالين جبور صاحبة الأداء المميّز للموشّحات العربية والقصائد الصوفية. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

توجهت لمياء إلى بلجيكا حيث درست فن أداء الموشح مع ابن مدينة حلب وأستاذ سابق في المعهد العالي للموسيقى في دمشق. معه تعرفت على الموشحات والموسيقى المشرقية والموشحات والترانيم العثمانية. أما في مونتريال، فقد شاءت الصدف أن يكون جارها الموسيقي الإيراني رضا آبائي. من  خلاله، تعمقت بالموسيقى الفارسية القديمة وتحدت نفسها حتى تعلمت أداء بعض الأغاني الفارسية. 

لمياء وارد (العربي الجديد)
(العربي الجديد)

الهدف هو ذاته، تقديم موسيقى كلاسيكية مستوحاة من الشعوب القديمة في الشرق، وهي ذات منبع واحد وجذور متشابهة كما تقول بلغة عربية هجينة خلال حديث معها أجريناه على هامش حفل "أونلاين" قدمت فيه حواراً موسيقياً مع المغنية والعازفة الإيرانية إلهام منوشهريان.  
في كندا، وإنطلاقاً من مدينة مونتريال، تواصل لمياء شغفها وقد ألفت عام 2016 فرقة زمان الموسيقية المتعددة الجنسيات والتي تضم فنّانين وموسيقيين عرباً وكنديّين من أصول مختلفة: اللبنانية لميا يارد (مغنية)، والتركية ديديم باسار (عازفة قانون)، والسوري نزيه بوريش (عازف عود)، والسوري زياد تشبات (عازف ناي)، والكندي ناثانيل هوارد (عزف رق - Riq)، والكندية جويل كير (عازفة كونترباص). خليط جميل ينتج توليفات موسيقية مبتكرة من مصادر الأغاني التقليدية للموسيقى العربية والفارسية والتركية في العصر العثماني من حلب إلى إسطنبول وأصفهان ومصر ولبنان من دون أي عوائق حدودية أو لغوية أوسياسية لأن الموسيقى قبل أي اعتبار آخر هي موسيقى كونية جامعة.

لمياء يارد (العربي الجديد)
(العربي الجديد)

في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019، أصدرت لمياء بتمويل من عدة جهات رسمية كندية، أول ألبوم لها بعنوان "غناء من ثلاثة بلاطات" تعود فيه إلى القرن الثاني عشر بقصيدة فارسية لعبد القادر مراغي، وبقطعة موسيقية تركية لديدي أفندي، وبقصيدة من القرن السابع عشر كتبها الشاعر الإمام الشبراوي في مصر في القرن الثامن عشر، وموشّح جلّ من أنشأ جمالك فتنة للناظرين من مقام عراقي، وهو من بين أمهات الموشحات العربية ويعود إلى عام 1900، وقصيدة أعيدوا عليّ الوصال.
الهدف البعيد لتلك الفتاة اللبنانية الكندية هو تأسيس مشروع موسيقي مشرقي معاصر في بلد غربي يكون قادراً على إثبات وجوده أمام موسيقى الروك والجاز المعاصرة. بالنسبة إليها، الموسيقى الشرقية بيت يجمع الكل. هي وفرقتها تجولت بين مقاطعات كندية عدة وعشرات المراكز الثقافية في مونتريال، وقد سافرت إلى هولندا وتركيا. وقدّمت موسيقاها الكلاسيكية التي تصفها بالباطنية والعلمية، ونمط وأسلوب من التعبير قلّما نعثر عليه في مكان آخر في ما يقدم من موسيقى هذه الأيام. 

موسيقى تتميّز بالأصالة والارتجال، وقد لمست التقدير لما تقدمه من قبل أبناء الجاليات العربية ومن الكنديين الذين يسمعون لأول مرة موسيقى بشجن دافئ يداعب الروح والجسد، ومختلف عن إيقاع موسيقاهم الصاخبة والسريعة. لا يغيب البعد الإنساني عن لمياء، فهي تخصص أحياناً بعضاً من ريع حفلاتها لدعم منظمات حقوقية وإنسانية عربية وكندية وعالمية تؤمن بقضاياها مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة أطفال سورية. 


وريثما ينجلي وباء كورونا ويزول الهم والغم ويعود إيقاع الحياة العادية إلى الدوران من جديد، يُفترض أن تنظّم لمياء وفرقتها العديد من الحفلات الموسيقية لتقديم ألبومها إلى الجمهور.  

ذات صلة

الصورة
مخيم مؤيد للفلسطينيين في جامعة ماكغيل الكندية، 7 مايو 2024 (الأناضول)

مجتمع

أغلقت جامعة ماكغيل الكندية حرمها الجامعي في وسط المدينة، أمس الأربعاء، مع دخول شرطة مونتريال بأعداد كبيرة للمساعدة في تفكيك مخيم مؤيد للفلسطينيين..
الصورة

منوعات

رافقت أغنية The Hanging Tree من سلسلة أفلام The Hunger Games مشاهد التقتيل والتهجير والتجويع والتضييق الإسرائيلي في قطاع غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الصورة
قمع تظاهرة أمام ممثلية كندا برام الله (العربي الجديد)

سياسة

قمعت الشرطة الفلسطينية مساء يوم الثلاثاء، تظاهرة أمام الممثلية الكندية في مدينة رام الله، جاءت على خلفية موقف دولة كندا من القضية الفلسطينية
الصورة

سياسة

رفع مدافعون عن حقوق الإنسان وعن الفلسطينيين في كندا، يوم الثلاثاء، دعوى قضائية ضد الحكومة الاتحادية لمنعها من إصدار تصاريح للشركات لتصدير السلاح لإسرائيل.
المساهمون