أنهى تلاميذ المدارس في ليبيا الأسبوع الدراسي الأول بعد إجازة دامت أكثر من شهر، وسط شكاوى من تراجع العملية التعليمية لأسباب مختلفة. وتحوّل شهر رمضان إلى عطلة ثابتة بالنسبة إلى التلاميذ، ويعلن أغلب المدارس، ولا سيما الخاصة، تعطيل الدراسة خلاله، على الرغم من عدم صدور أي إعلان رسمي عن وزارة التربية والتعليم بهذا الخصوص.
ويقول مدير مدرسة الزبير بن العوام الحكومية، محمد الجندي، إن عطلة شهر رمضان غير رسمية، ودرجت المدارس الخاصة على التعطيل، تجاوباً مع طلب أولياء الأمور. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد": "تدريجياً، أصبحت عطلة معروفة لدى التلاميذ والمدارس، وانسحب الأمر على المدارس الحكومية، على الرغم من مقاومة الوزارة هذا النهج في التعامل مع العملية التعليمية".
وحاولت وزارة التربية والتعليم منع تعطيل الدراسة خلال شهر رمضان الماضي، وأعلنت خفض عدد الحصص الدراسية من ست إلى أربع يومياً، وتقليص عدد ساعات الدوام الرسمي، بحسب الجندي. إلا أن المدارس الخاصة مضت في عادتها السنوية وأقفلت أبوابها. يضيف أن المدارس الحكومية تقيدت بما أعلنته الوزارة لأسبوع واحد قبل أن تعمد إلى تعطيل الدراسة.
وبعد عيد الفطر، لم تستأنف الدراسة جيداً. وتقول المفتشة التربوية في مدرسة سراج العلوم للتعليم الخاص، فردوس الأمير، إن أغلب التلاميذ لم يلتحقوا بالمدارس الخاصة والحكومية حتى الآن. وترجح عودة الدراسة إلى شكلها الطبيعي خلال الأسبوع الجاري.
وكانت وزارة التربية والتعليم قد أعلنت أخيراً استئناف الدراسة في 4700 مؤسسة تعليمية على كامل الأراضي الليبية، مشيرة إلى أن العودة جاءت وفقاً لمواعيد الدراسة والامتحانات لجميع المراحل التعليمية المعلنة في الخطة الدراسة منذ مطلع العام الدراسي الحالي. وأكدت أن العودة للدراسة تأتي بعد انتهاء عطلة منتصف السنة الدراسية من 10 إبريل/ نيسان وحتى 5 مايو/ أيار الجاري، موضحة أن عدد التلاميذ الذين عادوا إلى مدارسهم بلغ 1.794.271، منهم 1.544.920 في مرحلة التعليم الأساسي، و249.351 في مرحلة التعليم الثانوي.
لكن الأمير تبين أن الوزارة لجأت إلى إعلان النصف الأخير من شهر رمضان عطلة منتصف العام لتغطية غياب التلاميذ عن المدارس. وتوضح في حديثها لـ "العربي الجديد" أن تعطيل المدارس سنوياً خلال شهر رمضان بدأ قبل أربع سنوات بشكل اختياري لدى المدارس الخاصة، وأصبحت تدريجياً عطلة شبه رسمية".
وتوضح أن العطلة بدأت بعدما دأب عدد من أولياء الأمور على تعطيل أعمالهم لقضاء شهر الصيام خارج البلاد، وطالبوا بتعطيل المدارس الخاصة خلال هذا الشهر. تضيف: "في العادة، هم الذين يدعمون هذه المدارس الخاصة بأموالهم وأطفالهم يدرسون فيها، الأمر الذي يضطر المدارس الخاصة إلى التجاوب".
من جهته، يقول عصام شميلة الذي يدرس ابناه في مدرسة خاصة إن "المدارس الخاصة باتت تحتاط منذ بداية العام فتسرع في تدريس المقرر الدراسي لمعرفتها المسبقة بأن بعض أولياء الأمور سيطلبون تعطيل أبنائهم خلال شهر رمضان". يضيف: "بتنا نعرف ذلك مسبقاً، وندرك جيداً أن الأشهر الأولى من العام الدراسي تشكل ضغطاً كبيراً على أولادنا. وبدلاً من إعطاء المقرر الدراسي وفق الجدول المحدد مسبقاً، نجد أن التلميذ يعاني من جراء الضغط فنكثف جهودنا لمساعدته".
ويذكّر شميلة في حديثه لـ "العربي الجديد" بجملة من التعثرات التي تواجهها العملية التعليمية، وعلى رأسها القرارات العشوائية. ويقول: "باتت السلطات المعنية بالتعليم تنتهز الفرص لتعلن عطلاً مفاجئة. على سبيل المثال، تعطي الحق لمراقبات التعليم في المناطق لإعلان العطل بحجة البرد خلال فصل الشتاء أو تساقط الأمطار، فضلاً عن القيود التي فرضها تفشي فيروس كورونا الجديد".
يضيف: "يمكن أي مراقِبة إعلان تعليق الدراسة في حال انتشار أخبار عن تفشي الجائحة في منطقة ما من دون التثبت من الدوائر الصحية، على الرغم من أن هذه المراقبات لا يتشددن في الإجراءات الاحترازية من المرض في أثناء الدراسة، ما يجعل قراراتها عشوائية".
وتعرب الأمير عن أملها في أن تتكثف جهود المؤسسات التعليمية لإنقاذ التعليم. وتقول: "لا يمكن تصور أنّ عاماً دراسياً بكامله أمضاه التلاميذ من دون الحصول على الكتاب المدرسي، فضلاً عن العراقيل الأخرى، ومنها مشاكل آخر العام الدراسي كالامتحانات النهائية".