معاناة وعذاب وتمييز.. فصول تلخص حياة اللاجئين والمهاجرين العرب في السنوات العشر الأخيرة، سواء الذين لجأوا إلى دول الجوار في العالم العربي أو أولئك الذين غامروا بالذهاب إلى أوروبا، وفق ما خلص إليه مشاركون في مؤتمر "اللاجئون والمهاجرون من المنطقة العربية وفيها: ظلال التمييز" الذي انطلقت أعماله في العاصمة الأردنية عمّان اليوم الخميس، ويستمر يومين.
ويشارك في المؤتمر الذي ينظمه ملتقى الهجرة واللجوء في الوطن العربي (مرفأ)، المنبثق من منظمة النهضة العربية "أرض" ومركز تمكين لحقوق الإنسان بدعم من مؤسسة هينرش بُل - فلسطين والأردن، لاجئون وخبراء من دول عربية عدة، منها: فلسطين وسورية ولبنان وليبيا ومصر والمغرب والسودان والأردن.
وقال ولي العهد الأردني الأسبق الحسن بن طلال، خلال مشاركته في أعمال المؤتمر، إنه "لا مفر من التعاطي مع قضايا اللاجئين والمهاجرين، فهي قضايا متداخلة، وهم ليسوا في جزر معزولة، إنهم يواجهون مشكلات إنسانية ومادية، وهي في الأغلب ذات أبعاد سياسية".
الأمير الحسن: يبدو أنه لا مفر من التعاطي مع قضايا اللاجئين والمهاجرين فكلها قضايا متداخلة، وهم ليسوا في جزر معزولة ويواجهون مشكلات مادية.@majliselhassan #مرفأ pic.twitter.com/wqZAij9kEY
— ARDD (@AR_Renaissance) September 29, 2022
بدورها قالت اللاجئة السودانية في الأردن، منذ 14 عاماً، سامية أحمد، وهي عضو لجنة العمال المهاجرين، إنّ حياة اللاجئ عبارة عن أزمات متتابعة من حيث الوصول إلى الخدمات الطبية والصحية والعمل ومشاكل التوثيق.
وأوضحت أنّ اللاجئ السوداني في الأردن لا يستطيع الانتقال إلى دولة أخرى إلا عبر الفيزا العلاجية، مضيفة: "أنت محارَب من دولتك الأولى وتعاني من صعوبات الحياة في الدولة التي تقيم فيها وفي العمل وتلقي الخدمات الصحية والتعليمة، وأغلب اللاجئين يحتاجون إلى الدعم النفسي"، مضيفة أن الأطفال يواجهون الرفض والتمييز بسبب لون بشرتهم ويتعرضون للتنمر في المدارس.
د. سامية أحمد عضو لجنة العمال المهاجرين تحكي عن الضغوطات التي يتعرض لها اللاجئ في الوطن العربي : حياة اللاجئ هي عبارة عن أزمات متتابعة من حيث الوصول إلى الخدمات الطبية، والصحية، والعمل، ومشاكل التوثيق. وتحكي عن حالات الأطفال اللاجئين والسودانيين من تعرضهم للتنمر في المدارس. #مرفأ pic.twitter.com/OMLqxqtOiH
— ARDD (@AR_Renaissance) September 29, 2022
وتحدثت المديرة التنفيذية لمؤسسة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، سمر محارب لـ"العربي الجديد"، عن المؤتمر وأهدافه، موضحة أنه نتاج لعمل مستمر حول حقوق اللاجئين في الوطن العربي بما يتعلق بالحماية القانونية وتوفير سبل الإعاشة وفرص التوطين والتمييز الذي يواجهونه، سواء في الوطن العربي أو الدول الأخرى، ومنها الدول الغربية.
وأشارت إلى أن الفترة الأخيرة شهدت حوادث مؤسفة تتعلق باللاجئين، من تنمر وقتل وتعذيب في الوطن العربي وفي أوروبا، معتبرة أن غرق مراكب اللاجئين نتيجة لرفض الدول الأوروبية استقبال اللاجئين القادمين بوسائل آمنة هرباً من الفقر والحروب، لافتة إلى المعاملة التفضيلية التي يتلقاها الأوكرانيون في أوروبا مقارنة بالعرب والأفارقة.
بدورها، قالت المديرة التنفيذية لمركز تمكين للدعم والمساندة القانونية، ليندا كلش، في تصريحات على هامش المؤتمر لـ"العربي الجديد": "في الدول العربية يوجد تمييز بين لاجئ وآخر، كما أنّ الكثير من الحقوق الإنسانية والاجتماعية يتم التجاوز عليها في العمل والصحة والتعليم".
وأضافت أنّ المهاجرين واللاجئين قوى بشرية ترفد وتدعم الاقتصاد في حال إدماجهم في المجتمع والاستفادة من قدراتهم، موضحة أن المشكلة ترتبط دائماً بتمويل الإغاثة الإنسانية، لكن إذا جرى توفير فرص عمل للاجئ، فإنه سيستغني عن الإغاثة الانسانية، وهنا يتم تجاوز الأزمة المالية.
وأوضحت أنّ "التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين يختلف من دولة عربية إلى أخرى، وهناك اعتقاد في بعض الدول أنه اذا لم يتم حرمان الفلسطيني من حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية، فإنه سينسى حق العودة".
وخلال فعاليات المؤتمر، قالت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي السابقة، ماري قعوار: "يجب الاستثمار بالمسارات المختلفة والتكاملية بينها المتعلقة باللاجئين، المسار السياسي، والمسار الإنساني والمسار التنموي في آن معاً، داعية النظر إلى قضية اللاجئين كقضية تنموية كما هي قضية سياسية". وأضافت: "الفقر في أي مكان هو خطر على السلام"، مؤكدة أهمية المواءمة بين توفير فرص عمل للاجئين، وفي ذات الوقت المحافظة على تنمية المجتمعات المحلية.
وقال الناشط الحقوقي علي أومليل، من المغرب، إنّ المهاجرين يتعرضون للتمييز ويقعون ضحايا لقضايا الاتجار بالبشر، مشيراً إلى أنّ سكان دول أوروبية يعتبرون الهجرة إليهم جائحة، مع تناسيهم هجرة ملايين الأوروبيين إلى دول العالم المختلفة كغزاة مستعمرين.
وتناول متحدثون ازدواجية المعايير الأوروبية إزاء اللاجئين وقضية التمييز عالمياً في الآونة الأخيرة، وخاصة في ضوء الأزمة الأوكرانية التي بينت التفرقة على عدة أسس أولها العرق، والتشريعات والقوانين المتعلقة بقضايا اللجوء.