فكرة رفع براءات الاختراع عن اللقاحات المضادة لكوفيد-19 مرفوضة بشكل عام من قبل شركات الأدوية. فحتى وإن لم تكن أرباحها مهدّدة حالياً، تخشى هذه الشركات من أن يشكّل مثل هذا الاقتراح سابقة تكبح الابتكار.
لا آثار فورية على المختبرات
تؤكّد شركات إنتاج الأدوية أنّ حماية براءات الاختراع ليست العامل الذي يمنع إنتاج اللقاح. وقالت ميشال ماك كوري-هيث، مديرة لوبي شركات التكنولوجيا الحيوية العضوية، "إعطاء البلدان المحتاجة وصفات بدون المكوّنات والضمانات والعمالة المتخصّصة، لن يساعد الأشخاص الذين ينتظرون اللقاح". والخميس أعلن سيتفان بانسيل، رئيس مجلس إدارة موديرنا، أنّ إتقان تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال، التي تقوم عليها لقاحات فايزر-بيونتيك وموديرنا، وشراء الآلات وإجراء التجارب السريرية وبدء التصنيع على نطاق واسع، "لا تحدث في 6 أو 12 أو 18 شهراً". وتعهّدت شركته في أكتوبر/تشرين الأول، بعدم مقاضاة الشركات الأخرى التي قد تستخدم براءات اختراعها لإنتاج لقاحات ضدّ كوفيد-19 بدورها.
كما تعوق الإنتاج العقبات الجمركية أو نقص بعض المكوّنات. بالنسبة للشركات التي تستفيد حالياً من اللقاح (تعهّدت جونسون أند جونسون وأسترازينيكا، ببيعه بسعر التكلفة)، لن يؤثر رفع براءات الاختراع عليها "خصوصاً في الأشهر المقبلة"، كما يقول إيان جيندلر، من شركة "فاليو لاين" للأبحاث.
هل يمكن أن يكون للاقتراح تأثير إيجابي على سمعة المختبرات التي غالباً ما يتمّ انتقادها بسبب أسعار الأدوية المرتفعة؟ هذا غير مؤكد، وفقاً لفرسات بخاري، الخبير الاقتصادي المتخصّص في قضايا المنافسة والصحة في جامعة إيست أنغليا البريطانية. "ففي هذه المرحلة سيكون ذلك تحت ضغط الحكومات وستظهر هذه الشركات بمظهر غير المتعاون".
"منحدر"
ويرى رون كوهين، رئيس شركة "أكوردا تيرابيوتيكس" للتكنولوجيا الحيوية في نيويورك، أنه من خلال دعم رفع براءات الاختراع مؤقتاً، "سلك جو بايدن منحدراً خطيراً وزلقاً". وكتب على تويتر "ما هي براءات الاختراع التالية في القائمة التي لن تكون محمية بعد تسجيل هذه السابقة؟". وأكّد أنّ أمراض السرطان أو الألزهايمر يمكن أن تُعتبر أيضاً "أزمات عالمية". ويؤكّد خبراء لفرانس برس أنّ نظام الملكية الفكرية كما هو حالياً، غير مهدّد بشكل أساسي. لكن رفع براءات الاختراع للقاح كوفيد-19 "يمثّل سابقة للأزمات الصحية المقبلة" كما يقول بخاري. فشركات الأدوية سواء كانت مدعومة من الأموال العامة أو لا ، "لن يكون لديها أيّ حافز للاستثمار في المرة المقبلة التي توجد فيها حالة طوارئ".
أي شراكة بين القطاعين العام والخاص؟
يعتبر داميان كونوفر، المتخصّص في قطاع صناعة الأدوية في شركة "مورنينغ ستار"، أنّ دعم رفع براءات الاختراع عن اللقاحات المضادة لكوفيد هو بلا شك "مسألة نظرية" بالنسبة لإدارة بايدن. وتواجه الولايات المتحدة التي عادة ما تدافع عن الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية، ضغوطاً من الدول النامية التي تدين التوزيع البطيء للقاحات حول العالم، في حين تلقى 45% من الأميركيين جرعة واحدة من اللقاح على الأقل. ويشير بخاري، إلى أنّ هذا الظلم "لم يتم حلّه بعد". ويقول: "على سبيل المثال، علينا أن نحدّد أين هي العقبات في الإنتاج". في رأيه يمكن للحكومة الأميركية المساعدة، قبل كل شيء، في إبرام اتفاقيات تراخيص بين مجموعات الأدوية والمصنّعين في البلدان النامية، تشمل نقل الخبرة. ويدعو المتخصّص في الملكية الفكرية بجامعة كولومبيا في نيويورك، شيام بالغانش، إلى توحيد كلّ المعلومات المتعلقة بوباء كوفيد-19، الذي لن يختفي في وقت قريب. وعلى قوله، فإنّ تردّد الشركات لا يوازي المساعدات التي قدمتها الحكومات وموّلت جزءاً من الأبحاث، وسهّلت العمليات التنظيمية أو اللوجستية، وحقيقة أنّ الوضع استثنائي. ويضيف: "سواء تعلّق الأمر بشركات صناعة الأدوية التي تقول إنّ فتح هذا الباب مجهول النتائج أو بالمدافعين عن الصحة العامة الذين يرحبون بهذا التطور، من المهم أن نقرّ بأننا لا نعرف النص الذي سيتم تبنيه". فهل ثمة نية لرفع البراءات عن اللقاحات لسنوات أو حتى بلوغ المناعة الجماعية؟ وهل هناك نية أيضاً ليشمل ذلك العلاجات؟ "لا يزال هناك الكثير من النقاط التي يجب التفاوض بشأنها".
(فرانس برس)