مايكل فخري لـ "العربي الجديد": العنصرية أفشلت الأمم المتحدة في غزة
كثيرة هي تصريحات مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري المتعلقة بقطاع غزة، وسياسة التجويع الممارسة بحقها، والتي فشلت الدول والقوانين الدولية والتحذيرات الأممية في الحد منها. مؤخراً، أعلن أن إسرائيل لا تزال تشن حملة تجويع في غزة على الرغم من تسليمها أكثر من مليون طن من المساعدات، بما في ذلك 700 ألف طن من المواد الغذائية إلى القطاع منذ أن شنت هجومها العسكري قبل عام. وأكد أن الغذاء ليس سعرات حرارية، وأن الفلسطينيين لم يحصلوا على ما يكفي من الغذاء أو السعرات الحرارية.
وفي تصريح سابق، قال إن إسرائيل لا تقوم بمنع وتقييد تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة فحسب، إنما تدمر النظام الغذائي في القطاع أيضاً.
في سياق هذه التصريحات والعدوان المستمر على القطاع، التقى "العربي الجديد"، فخري، لسؤاله عن الواقع الصعب الذي يعيشه قطاع غزة، بالإضافة إلى السودان ولبنان.
هل تشعرون بالعار حيال ما يحدث في قطاع غزة؟
يجب أن نشعر بالغضب والسخط. عرفنا ما يحصل خلال أكثر من عام. أخبرتنا إسرائيل بأنها ستمارس سياسة التجويع بحق الفلسطينيين وارتكاب الإبادة الجماعية، وفعلت ما قالت. لم يتمكن أحد من إيقاف كل ذلك. في هذا الوقت، الأمر لا يتعلق بالخجل بل الغضب. ويجب على العالم الحشد لإيقاف ذلك كله.
فشلت القوانين الدولية في حماية الفلسطينيين من سياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023. لماذا برأيك؟
دائماً كان للقوانين الدولية حدودها. ما يفاجئني ليس أن إسرائيل تنتهك القوانين الدولية، فهذا بات واضحاً، بل إن إسرائيل لا تكترث. واللافت هو ليس إسرائيل بل حليفتها الولايات المتحدة، التي دائماً ما استخدمت القوانين الدولية لتبرير حروبها والاحتلال والتعذيب، حتى في سجن أبو غريب العراقي ومعتقل غوانتانامو في كوبا، ولا تزال تفعل ذلك لتبرير تصرفاتها. اليوم، لا تلجأ أميركا إلى القوانين الدولية لتبرير أفعالها. فقد باتت هذه القوانين في أيدي الناس والدول التي تحاول دعم فلسطين وحقوق الإنسان، وباتت اليوم تستخدم أكثر لغةً للعدالة بطرق لم نكن نراها سابقاً.
ما هي المواثيق/القوانين الدولية التي تضمن للفلسطينيين وغيرهم الحق في الحصول على الغذاء. وفي إطار حرمانهم من هذا الحق، ما هي الحلول المطروحة لمواجهة الأمر قانونياً؟
من الواضح أن إسرائيل انتهكت حق الإنسان في الحصول على الغذاء ومارست سياسة التجويع، وهو ما يعد جريمة حرب. المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية كريم خان أصدر أوامر اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، كأشخاص بسبب سياسة التجويع. لكن القانون يسمح بملاحقة الأشخاص فقط.
إلا أن مسألة التجويع ممنهجة. إسرائيل بصفتها دولة تمارس سياسية التجويع منهجياً ليس في غزة فحسب، بل في الضفة الغربية ومخيمات اللجوء لعشرات السنين. المسألة ليست حبس هذا أو ذاك، بل الاعتراف بأن التجويع انتهاك أساسي للقانوني الدولي. التجويع إبادة جماعية ولهذا كان جزءاً من الدعوى التي قدمتها دولة جنوب أفريقيا لدى المحكمة الجنائية الدولية. إسرائيل بصفتها دولة يجب أن تكون قيد المحاسبة.
هل ترى أن الأمم المتحدة عجزت عن توفير الحماية للفلسطينيين بعد أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي؟
العنصرية هي سبب الفشل. رأينا الفرق بين استجابة الأمم المتحدة في أوكرانيا وقطاع غزة. العنصرية موجودة في نظام الأمم المتحدة. لطالما عرفنا الأمر إلا أنه يتغير. مات الآلاف بسبب العنصرية ولا جدال في هذا. ما هو غير واضح بالنسبة إلي هو لماذا لا يفعل غالبية العالم الذي يقف إلى جانب الفلسطينيين شيئاً، وقد رأينا حكومات تدعمهم سياسياً، من قبيل فرض عقوبات على إسرائيل أو إيقاف بيعها الأسلحة، وهذا قد يكون بسبب الولايات المتحدة وألمانيا.
برأيك، كيف يجب أن تُحاسب إسرائيل على جرائمها؟
يجب على الناس ممارسة الضغط على حكوماتهم. إحدى أقوى التحركات السياسية في العالم هي تلك التي شهدتها الجامعات في الولايات المتحدة وخلال عام الانتخابات الرئاسية. هذا الحراك الطلابي غيّر الحوار السياسي المتعلق بفلسطين، الأمر الذي لم نكن لنراه من قبل. لم أتوقع يوماً سماع الملايين يسيرون على الطرقات وينادون الحرية لفلسطين. التحركات الشعبية قد تفرض على حكوماتها معاقبة ومحاسبة إسرائيل. كما أن الدول العربية التي وقعت اتفاقيات مع إسرائيل متواطئة، علماً أنها تعرف أن الشارع العربي يغلي.
ما هو تأثير التصريحات التي تدلي بها من حين إلى آخر، والمتعلقة بقطاع غزة، على الواقع داخل القطاع؟
بصفتي خبيراً مستقلاً ومتطوعاً في الأمم المتحدة، فإن أكثر ما يمكنني فعله هو قول الحقيقة. كل التقارير والصور أو التصريحات لم توقف الإبادة. ولا أعرف إذا ما كنت أفعله له تأثير ولا أعرف ما الذي يمكنني فعله.
ماذا عن أزمة السودان التي تبدو منسية؟ وما هو دوركم في التخفيف من أزمة الجوع؟
وضع السودان أكثر صعوبة، حيث يواجه أكبر عدد من الأشخاص المجاعة في التاريخ الحديث، وتمارس هذه السياسة من الجهتين المتحاربتين. بالتالي، يجب وقف بيع الأسلحة. العالم تجاهل المجاعة في السودان وتجاهلها لسنوات في اليمن. الطريقة الوحيدة لوقفها تتمثل بوقف بيع الأسلحة. كل دولة قوية وغنية تستخدم سياسة التجويع، وسيُستخدم التجويعُ سلاحاً أكثر فأكثر في المستقبل.
كيف تقيمون الوضع في لبنان الذي يتعرض بدوره لعدوان إسرائيلي؟
يعاني لبنان اقتصاداً هشاً، وعدّ الجوع مشكلة في البلاد جراء الأزمة الاقتصادية. كما أن لبنان دولة صغيرة تعتمد على التجارة. ويمكن لإسرائيل فرض الحصار وتجويع الناس بسهولة. والتجويع هو منع الوصول إلى الماء والغذاء والدواء.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
