على الرغم من أن عدد الإصابات بنزلات البرد قد شهد انخفاضاً ملحوظاً العام الماضي، بفضل جميع الاحتياطات التي اتخذت لمنع الإصابة بفيروس كورونا، إلا أن الكثير من الناس لا يزالون قلقين بشأن كيفية الحفاظ على قوة جهازهم المناعي. بالنسبة للبعض، فإن الحصول على مناعة قوية يتطلب منهم الحصول على المكملات الغذائية التي تعزز دفاعات الجسم.
ويُعدّ الزنك أحد الخيارات الأكثر شيوعاً لتعزيز قوة دفاعات الجسم، فهل يمكن فعلاً للزنك تقوية جهازنا المناعي؟ سؤال طرحته صحيفة "واشنطن بوست" على خبراء الصحة، في إطار بحثها عن إجابة حول أهمية الزنك.
تقول سوما توماس، أخصائية أمراض القلب في كليفلاند كلينك التي درست الآثار المحتملة لمكملات الزنك على مرضى فيروس كورونا: "نعلم أن الناس تتناول الزنك بشكل لافت لحماية أنفسهم من الفيروس، لكننا نعلم أيضاً أنه لا يوجد الكثير من التحقق العلمي من مكملات الزنك" .
ووفق تقديرات مجلة Nutrition Business Journal، فقد أنفق المستهلكون 162 مليون دولار على مكملات الزنك في عام 2020 ، بزيادة قدرها 35 بالمائة عن العام السابق. ويشتهر الزنك بقدرته على إنهاء نزلات البرد بسرعة أكبر ويساعد الأشخاص على الشعور بالتحسن بشكل أسرع. ولكن كما هو الحال مع العديد من المكملات الغذائية، فإن العلم المحيط بالادعاءات حول قدرات الزنك العلاجية لم تواكب اهتمام المستهلك تماماً.
حتى الآن، لا يتم تنظيم مكملات الزنك من قبل إدارة الغذاء والدواء بالطريقة نفسها التي تنظم بها الأدوية. لذلك يرى الخبراء أنه على الأشخاص، عند شراء مكملات الغذاء ومنها الزنك، أن يضعوا بالاعتبار خمس نقاط أساسية، وهي:
-لا تمنع مكملات الزنك الإصابة بالأمراض
تقول كارول هاغانز، مستشارة الاتصالات العلمية والصحية في مكتب المعاهد الوطنية للصحة للمكملات الغذائية: "تحتاج أجسامنا إلى الزنك للعديد من الأشياء، بما في ذلك وظيفة الجهاز المناعي المناسبة". وتضيف "قد يؤدي عدم الحصول على كمية كافية من الزنك إلى إضعاف تكوين الخلايا الليمفاوية المقاومة للأمراض (نوع من خلايا الدم البيضاء في جهاز المناعة)، ولذا هذا هو السبب في أن الأشخاص الذين يعانون من نقص الزنك قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفيروسية".
ووفق هاغانز، بالنسبة لأولئك الذين يعانون من نقص شديد من الزنك، (حوالي 15 في المائة فقط من البالغين في الولايات المتحدة معرضون للخطر)، فمن الممكن أن يؤدي تناول المزيد من الزنك إلى تقليل خطر الإصابة بالعدوى، بما في ذلك نزلات البرد. ولكن بالنسبة للبالغين الأصحاء، لا يوجد دليل في الوقت الحالي يُظهر أن الزنك التكميلي سوف يمنع الإصابة بنزلات البرد.
من جهتها، تقول تثنيسوما توماس، أخصائية أمراض القلب في كليفلاند كلينك، "إن الدراسات في الغالب تناولت تأثير الزنك على أعراض البرد ومدته، وليس على الوقاية منه".
- لن يساعد الزنك في التخلص من أعراض البرد
هناك بعض الأدلة على أن تناول أقراص مستحلبات الزنك في غضون 24 ساعة من الشعور لأول مرة بأعراض البرد قد يقصر مدتها يوماً أو يومين، ولكن لا توجد الكثير من الدراسات العلمية التي تؤكد هذه النظرية، ما يشير إلى أن الزنك قد يخفف أعراض البرد، مثل الاحتقان أو السعال أو آلام العضلات، لكن لا يقضي عليها.
وجد تحليل لثلاث دراسات، نشرت في العام 2017، أن الأشخاص الذين تناولوا 80 إلى 92 ملليغراماً يومياً من الزنك تحسنوا بشكل أسرع. بحلول اليوم الخامس، تعافى 70 في المائة من أولئك الذين تناولوا الزنك، مقارنة بـ27 في المائة فقط ممن عولجوا بدواء وهمي.
أفاد تحليل عام 2020، نُشر في المجلة الأميركية للطب الاستوائي والصحة العامة، بانخفاضات مماثلة في المدة، ولكن في المقابل، لم تؤكد أي دراسة ما إذا كانت مكملات الزنك لها تأثير على شدة أعراض البرد.
كانت توماس وزملاؤها مندهشين من بعض الأبحاث التي أجريت على الزنك ونزلات البرد، وأرادوا معرفة ما إذا كان لمكملات الزنك أي آثار مفيدة على الأشخاص المصابين بفيروس كورونا، لذا قاموا بدراسة ميدانية بهذا الصدد. وقد شملت دراستهم، التي نُشرت مؤخراً على الإنترنت في مجلة الطب الأميركية، 214 شخصاً مصاباً بفيروس كورونا بمتوسط عمر 45 عاماً. قسّم الباحثون المشاركين إلى أربع مجموعات. تلقت المجموعة الأولى العلاج العادي، فيما المجموعة الثانية حصلت على جرعات عالية من فيتامين سي، أما المجموعة الثالثة فحصلت على جرعات عالية من الزنك، بينما تلقت المجموعة الرابعة كل المكملات.
وبحسب الدراسة، فقد تم إعطاء الزنك بمعدلات أعلى عن المدخول الموصى به طبياً، بحوالي 50 ملليغراماً في اليوم، أي حوالي خمسة أضعاف الكمية التي يجب أن يتناولها الأشخاص الأصحاء في وجباتهم الغذائية يومياً. وتبين أنه وعلى الرغم من أن مثل هذه الجرعات عالية، فإنها لم تخلق فرقاً كبيراً بين مجموعات العلاج الأربع من حيث مدة أو شدة أعراض فيروس كورونا.
- يمكن أن يجعل تناول الزنك الأشخاص يشعرون بالمرض
صحيح أن الأشخاص يعتقدون أن مكملات الزنك يومياً قد تقوي جهاز المناعة، إذ إن كمية الزنك التي يحتاجها الأشخاص تكون ما بين 11 ملليغراماً للرجال و 8 ملليغرامات للنساء. وقد حدد معهد الطب المستوى الأعلى المسموح به (الحد الأقصى الذي يجب أن تستهلكه يوميًا) عند 40 ملليغراماً للبالغين.
وقد تضمنت الدراسات، التي تبحث في قدرة الزنك على المساعدة في تقصير أو تقليل شدة نزلات البرد أو أمراض الجهاز التنفسي الأخرى، جرعات يومية تصل إلى 100 ملليغرام. إذا كان الأشخاص يتناولون الزنك بشكل مستمر، وتجاوزا الحد الأقصى المسموح لهم، فقد يسبب ذلك مشاكل صحية، بما في ذلك الغثيان والقيء وتشنجات المعدة والإسهال وانخفاض مستويات النحاس"، كما تقول هاغانز.
كما أن إدارة الغذاء والدواء قد حذرت من أن بخاخات الأنف التي تحتوي على الزنك قد تتسبب في فقدان حاسة الشم.
- قد يتفاعل الزنك مع الأدوية الأخرى
إذا كان المريض يخطط لتناول مكملات الزنك - ولو خلال فترة نزلة البرد فقط - يجب أن يتحدث مع الطبيب حول ما إذا كان الزنك سيتفاعل مع أي أدوية أخرى يتناولها. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تناول الزنك مع بعض المضادات الحيوية (مثل الكينولون أو التتراسيكلين) إلى تقليل كمية الدواء وكمية الزنك التي يمتصها الجسم. يمكن أن تتداخل مكملات الزنك أيضًا مع فعالية بعض أدوية التهاب المفاصل الروماتويدي.
- إمكانية الحصول على الزنك من الطعام
بحسب الدراسات، ليس من الصعب على معظم الأميركيين تلبية احتياجاتهم من الزنك بالطعام وحده من دون الحاجة إلى المكملات، كما أن نقص الزنك الحاد بما يكفي لإضعاف وظيفة المناعة أمر نادر الحدوث في الولايات المتحدة، لأن معظم الأميركيين يتناولون العديد من الأطعمة التي تحتوي على الزنك، من أبرزها اللحوم الحمراء والدواجن وأنواع معينة من المأكولات البحرية (مثل السلطعون والكركند والمحار).
كما تفيد الدراسات بأن الزنك موجود أيضاً في الأطعمة النباتية، مثل البذور والمكسرات والبقوليات، ولكن بكميات أقل.