ما مصير 2.5 مليون سوري خارج مساعدات برنامج الغذاء العالمي؟

15 يونيو 2023
تحذيرات من مجاعة كبرى في سورية (عمر الحاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -


ما إن أعلن برنامج الأغذية العالمي (WFP)، الثلاثاء، أنه أوقف مساعداته عن 2.5 مليون شخص من أصل 5.5 ملايين بحاجة للمساعدة في سورية، حتى طُرح سؤال حول مصير هؤلاء؟ وسط حالة من القلق والخوف أثارها الإعلان بين النازحين السوريين في ظل توقعات بزيادة نسبة تحت الفقر والجوع.

وجاء في بيان برنامج الأغذية العالمي، أن "القرار اتخذ بعد استنفاد جميع الخيارات الأخرى، وذلك بسبب أزمة تمويل غير مسبوقة في سورية".

إعلان برنامج الأمن الغذائي ترك آثاراً سلبية في نفوس من تلقاه من السوريين الذين يعيشون أساساً منذ سنين تحت خط الفقر. ويقول سعيد الأحمد، المقيم في مخيمات دير حسان بريف إدلب الشمالي: "الكل بات يخشى أن يحذف اسمه من قائمة المساعدات والتي تعتبر من أهم الموارد التي يعتمد عليها النازح".

ويوضح سعيد، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "في المرة الماضية خفض محتويات السلة الغذائية رغم أننا كنا خارجين من أزمة الزلزال ولا تزال تبعات الكارثة على الشعب السوري، واليوم يقولون إنهم سيستبعدون أسماء كثيرة من المساعدات".

سعيد بات يتخوف من إعلانات برنامج الأغذية لا سيما أنها مرهونة بالتمويل. ويقول متهكماً "يبدو أنهم سيعطونا في المرة القادمة السلة فارغة من محتوياتها".

ويعيش سعيد في مخيمات دير حسان رفقة زوجته وأربعة من أطفاله، ويعمل في مصنع أكياس نايلون، ولا يتجاوز دخله اليومي 70 ليرة تركي أي ما يعادل 3 دولارات.

ويرى سعيد أن "المساعدات الغذائية رغم قلتها إلا أنها تقدم عوناً لسكان المخيمات"، مشيراً إلى أنه "في حال تم إلغاؤها ستتراجع أحوالهم المادية بشكل أكبر بكثير".

بدورها، تخشى خولة اليوسف، المقيمة في مدينة حماة، من استبعاد اسمها من قوائم المساعدات الإنسانية التي كانت تستلمها كل فترة. وتتحدث خولة عن وضعها لـ"العربي الجديد"، بالقول: "إن عملها في أحد مشاغل الحياكة لا يكفي عائلتها المكونة من ثلاثة أطفال، فيما إعاقة زوجها تمنعه من القيام بأي عمل".

وتعتبر أن "المساعدات الغذائية بمثابة رديف لعملها يخفف عنها بعض مصاريف المنزل وفي حال تم حذف اسمها ستجبر على العمل لساعات إضافية لأن مبلغ مئة وخمسين ألف ليرة سورية (ما يعادل 59.70 دولارا أميركيا) لن يكفي عائلتها".

مخاوف من تبعات القرار

وعلّق "فريق منسقو استجابة سورية"، في بيان، على قرار برنامج الأغذية العالمي، مشيراً إلى أنها "أكبر عملية تخفيض يقوم بها البرنامج على مستوى سورية منذ سنوات".

وإذ عبر عن أسفه الشديد من التخفيض الجديد للمساعدات الإنسانية وهو أمر قد حذرنا منه سابقاً، نبّه إلى أن التخفيض الأخير لا يتناسب مع تقييم الاحتياجات الإنسانية في سورية.


 
وفي هذا الصدد، قال المهندس محمد حلاج مدير الفريق، لـ"لعربي الجديد": من المتوقع أن تبدأ آلية التخفيض في يوليو/ تموز المقبل إذ يحتاج برنامج الغذاء العالمي لمبلغ 180 مليون دولار، ولم يحصل البرنامج حتى الآن إلا على 1.1 بالمائة من إجمالي التمويل المطلوب.

وأشار إلى أن "التخفيض سيشمل كامل الأراضي السورية ما يعني أن 45% من المستفيدين من البرنامج سٌيحرمون من الدعم، وستكون حصة شمال غرب سورية من إيقاف الدعم 30% من إجمالي التخفيض".

وأردف: "نحن بانتظار مؤتمر المانحين في بروكسل لنعرف إلى أين ستسير الأمور، لكن المقلق أيضاً أن الاستجابة الإنسانية في مختلف القطاعات لم تتجاوز 11% ما يعكس حجم الكارثة التي نتحدث عنها".

وأوضح الحلاج أن "هذا القرار سيدفع مئات الآلاف من المدنيين إلى مستويات جديدة من الفقر والجوع، عدا عن العجز الأساسي لعمليات الاستجابة الإنسانية والذي وصل إلى مستويات قياسية".

واستطرد بالقول: "يتحمل قطاع الأمن الغذائي المسؤولية الكاملة عن التخفيض، إضافة لبرنامج الأغذية العالمي، الذي لم يتمكن من الموازنة بين الاحتياجات الفعلية وأسعار المواد والسلع الغذائية في السوق المحلية بذريعة ضعف التمويل".

وتابع أن "الإجراء الأخير يطرح تساؤلات عديدة عن مدى فعالية مؤتمرات المانحين، ومعرفة أين تذهب أموال التبرعات المقدمة باسم السوريين". 

وسبق أن خفض برنامج الأغذية العالمي في أول إبريل/نيسان الماضي محتويات السلة المقدمة للنازحين في كافة المناطق السورية، لتصبح قيمة السلة 991 سعرة حرارية، مبرراً ذلك بعدم كفاية الموارد لتلبية احتياجات جميع الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

وفي سياق عمليات التخفيض المستمرة للمساعدات الإنسانية، حذر منسقو الاستجابة كافة الجهات الإنسانية من انزلاق السوريين إلى مجاعة كبرى لا تمكن السيطرة عليها، كما طلب من كافة الجهات الدولية العمل على زيادة الدعم المقدم للمدنيين، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في شمال غرب سورية وعجز آلاف المدنيين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء، إضافة إلى المناطق الأخرى التي يسيطر عليها النظام السوري.

وجدد فريق منسقو الاستجابة مطالبه بضرورة إجراء عمليات تدقيق واسعة في مناطق النظام السوري الذي يمول الآلة العسكرية بشكل هائل من مساعدات الأمم المتحدة عبر شركاء معتمدين من النظام السوري (الهلال الأحمر السوري، الأمانة السورية للتنمية).

هذه المخاوف، دفعت مدير الشؤون الإنسانية في مدينة إدلب، طارق العلي، إلى تكثيف اللقاءات مع مسؤولي الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي بشكل خاص لإيجاد حلول تتناسب مع هذا التخفيض عبر فتح قنوات تواصل مع منظمات دولية ومحلية ومانحين جدد خارج برنامج الأغذية لسد هذا النقص.

وقال العلي إنهم "يعملون كذلك لزيادة التنسيق بين وزارة التنمية وبرنامج الأغذية العالمية لضبط معايير الإفادة للعوائل الأكثر احتياجاً ووضع خطط مستقبل لتغطية العوائل المحتاجة والتي سيتم استبعادها عبر دائرة الرعاية الاجتماعية".