متخصّص في الأمراض المعدية: تفشّي جدري "إم بوكس" مثير للقلق

15 اغسطس 2024
فحوصات خاصة بجدري "إم بوكس" في جمهورية الكونغو الديمقراطية، 19 يوليو 2024 (رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تفشي جدري "إم بوكس" وإعلان حالة الطوارئ الصحية العالمية**: أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية بعد تفشي الفيروس في دول أفريقية جديدة، وينتقل الفيروس عبر القوارض والاتصال الجنسي وغير الجنسي.

- **أعراض وتشخيص جدري "إم بوكس"**: تشمل الأعراض ارتفاع الحرارة، آلام الحلق والعضلات، وطفح جلدي. يتم التشخيص بفحص بي سي آر، وتختلف حدة الإصابة بين الأفراد.

- **الوقاية والعلاج والتحديات**: الوقاية تشمل اللقاح وعزل المريض، لكن جهود إيصال اللقاحات تواجه تحديات بسبب وصمة المرض. عقار "تيكوفيريمات" يُستخدم للعلاج لكنه غير متوافر في كل الدول.

للمرّة الثانية في خلال عامَين، أعلنت منظمة الصحة العالمية جدري "إم بوكس" حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً عالمياً، بعد تفشّي الفيروس في عدد من دول الأفريقية، غير تلك التي كان متوطّناً فيها. ووسط مخاوف من انتشار جدري "إم بوكس" الذي كان يُعرَف باسم "جدري القرود" في خارج أفريقيا، يبدو مدير مركز أبحاث الأمراض المعدية في الجامعة الأميركية في بيروت غسان دبيبو مطمئناً بعض الشيء، وإن أكّد أنّ التفشّي الأخير يثير القلق.

ويقول دبيبو لـ"العربي الجديد" إنّ فيروس جدري "إم بوكس" من مجموعة الفيروسات المسبّبة لمرض الجدري الذي أُعلن اجتثاثه. وقبل عامَين، في منتصف يوليو/ تموز 2022، سُجّلت موجة من جدري إم "بوكس" استمرّت نحو عام. ويُرجَّح أنّ المرض انتقل إلى الإنسان عبر القوارض، قبل أن "تنتشر العدوى من إنسان إلى آخر من طريق الاحتكاك والاتصال الجنسيَّين، وكذلك عبر التواصل غير الجنسي في داخل البيوت"، التي يُصاب أحد أفرادها، وذلك "من طريق التلامس"، وفقاً لدبيبو.

ويوضح دبيبو أنّ "في أزمة عام 2022 التي طاولت نحو مئة دولة، من بينها عدد من الدول الأوروبية، سُجّلت إصابات بالمئات حينها بين أشخاص مثليّي الجنس وبين آخرين يقيمون علاقات جنسية متعدّدة مع عاملات جنس من جنسيات مختلفة"، مشيراً إلى أنّ حالات جدري "إم بوكس" التي رُصدت في خارج أفريقيا، في الموجة السابقة، أتت "خفيفة ولم تؤدِّ إلى وفيات".

ويفيد مدير مركز أبحاث الأمراض المعدية في الجامعة الأميركية في بيروت بأنّ "حدّة الإصابة بجدري إم بوكس تختلف من شخص إلى آخر"، لافتاً إلى أنّ "أطفالاً كانوا من بين المصابين (في 2022-2023) وقد نُقل أهلهم المرض إليهم في داخل المنزل". ويتحدّث عن "أسئلة عديدة لم تلقَ إجابات طبيّة لها حتى اليوم، لعلّ أبرزها كيفية انتقال المرض إلى الأطفال".

وعن أعراض الإصابة بجدري "إم بوكس"، يبيّن دبيبو أنّها تشمل "ارتفاعاً في درجة حرارة الجسم، وآلاماً في الحلق، وآلاماً في عضلات الجسم في بداية الأمر. وبعد ذلك، يظهر طفح جلدي على شكل بثور على الوجه واليدَين وفي مناطق الأعضاء التناسلية". وعن تشخيص المرض، يقول إنّ ذلك يأتي "من خلال فحص بي سي آر (تفاعل البوليمراز المتسلسل) للبثور".

أمّا الوقاية من عدوى جدري "إم بوكس" فتكون، بحسب ما يشرح دبيبو، من خلال "التزوّد باللقاح اللازم" و"عزل المريض المصاب لمدّة تراوح ما بين أسبوع وعشرين يوماً". لكنّ دبيبو يوضح أنّ "ثمّة صعوبة في إيصال اللقاحات إلى البلدان التي ينتشر فيها جدري إم بوكس، نظراً إلى عدم التصريح عن الإصابات، خوفاً من وصمة المرض المعيبة، إذ هو ينتشر في العلاقات الجنسية المثليّة، ولا سيّما بين الذكور". ويشير إلى أنّ "صعوبة إحصاء المرضى تؤخّر وصول اللقاحات وترخيصها وتوزيعها. ومن هنا رأت منظمة الصحة العالمية أنّ ثمّة خطراً فعلياً يتطلّب تدخّلاً من أجل تأمين اللقاحات وتنظيم حملات توعية للتخفيف من وصمة المرض على المصابين بجدري إم بوكس وذويهم. بذلك تتمكّن المنظمة كما الدول حيث ينتشر المرض من التحكّم به وحصر تفشّيه".

ويشدّد دبيبو على أنّ "كمية جرعات اللقاح لا تكفي الجميع، بالتالي فإنّ منظمة الصحة العالمية تجري تقييماً للفئات الأكثر عرضة للخطر والواجب تحصينها في وجه جدري إم بوكس، وذلك بالتنسيق مع الدول المعنية". ومن الفئات المعرّضة لخطر الإصابة، وفقاً لدبيبو، "العاملون في المجال الطبي (والصحي عموماً)".

في سياق متصل، يلفت دبيبو إلى أنّ عقار "تيكوفيريمات" المضاد للفيروسات يُدرَج كذلك من ضمن علاجات جدري "إم بوكس" الممكنة. لكنّه يقول إنّ هذا العقار "غير متوافر في كلّ الدول". ويشرح أنّ "هذا العقار صُنّع في الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة الجدري، انطلاقاً من خوف من استخدام الجدري سلاحاً بيولوجياً"، علماً أنّ هذا العقار "يصلح للاستخدام الفوري". ويرى دبيبو أنّ "نقل العقار إلى الدول حيث يتفشّى جدري إم بوكس يستوجب تعاوناً ما بين منظمة الصحة العالمية والدول المعنيّة".