جدّد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تأكيده أنّ سورية ما زالت لا توفّر البيئة الآمنة لعودة اللاجئين والنازحين داخلياً، والبالغ عددهم 6.7 ملايين نسمة، بصورة مستدامة وكريمة، وأعرب عن قلقه من أن تؤدي الزيادة الأخيرة في أعمال العنف في إدلب ودرعا إلى "تشريد المزيد من المدنيين داخل البلاد، ما سيفاقم الأزمة المستمرة".
وأدان المجلس، في تقرير أصدره أمس الجمعة، الأعمال العسكرية لقوات النظام في درعا وإدلب، ودعا جميع الأطراف في سورية إلى "الوقف الفوري للأنشطة التي تؤدي إلى تشريد المدنيين، بما في ذلك أي أنشطة قد تشكّل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية".
وأعرب عن استيائه من استمرار الأزمة الإنسانية، وأشار إلى أنه يلاحظ الاحتياجات المتزايدة، بما في ذلك توفير إمدادات كافية من لقاحات الوقاية من فيروس كورونا، وطالب جميع الأطراف بـ"تحمّل مسؤولياتها والتزاماتها بموجب القانون الدولي، من أجل تيسير وصول المساعدات الإنسانية، وصولاً كاملاً وفورياً ودون عوائق".
وأدان التقرير بشدّة حصار درعا الأخير من قبل قوات النظام، وقال إنه "يمثّل جريمة حرب تتمثّل بالعقاب الجماعي، إضافة إلى استهداف العاملين في المجال الإنساني والأشخاص الذين يؤدّون مهمات طبية، ووسائل نقلهم ومعداتهم والمستشفيات، وغيرها من المرافق".
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا التقرير مهم، خاصة للدول التي تدعي توقف الأعمال العسكرية في سورية، وتطالب بإعادة اللاجئين. وهو يثبت أنّ النظام ما زال مستمراً بممارسة أنماط أخرى من العقاب على السكان، لا تقتصر على القصف والتشريد، بل تتعدى ذلك إلى الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والابتزاز المالي، والسوق للتجنيد الإجباري، ويشكّل إضافة للاجئين، ويخوّلهم حق الحصول على اللجوء، لا الحماية فقط".
وأشار فضل عبد الغني إلى أنّ "الدول التي تدعو إلى إعادة اللاجئين مطالبة بإيجاد حلول جذرية لما يحصل في سورية، إذ هذه ليست مشكلة اللاجئ السوري، بل هي مشكلة الدول الداعمة للنظام التي تموّل عملياته العسكرية والأمنية".
وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلّة، التابعة للأمم المتحدة، قد أصدرت في سبتمبر/ أيلول الماضي تقريراً قالت فيه إنّ "سورية ليست صالحة للعودة الآمنة والكريمة للاجئين السوريين"، وأشارت إلى أنّ "الحرب على المدنيين السوريين ما زالت مستمرة، ومن الصعب عليهم إيجاد الأمن أو الملاذ الآمن في هذا البلد الذي مزقته الحرب".
وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع دعوات لإعادة اللاجئين إلى بلدانهم من دول مستضيفة للاجئين، وأخرى داعمة للنظام، بالرغم من صدور تقارير تثبت مضي قوات النظام بعمليات التعذيب، كالتقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية (أمنستي) في سبتمبر/ أيلول الماضي، وأشارت فيه إلى تعرّض 66 لاجئاً عائدين إلى سورية للاعتقال والتعذيب والاغتصاب، على يد قوات النظام السوري، بينهم 13 طفلاً، فيما لا يزال 17 منهم مختفين حتى الآن، وقُتل خمسة منهم تحت التعذيب.