تتفقد الفلسطينية ريهام الحايك، برفقة زميلها عودة عودة، أرضًا زراعية في منطقة تل الهوا، جنوبي مدينة غزة، تمت زراعتها بمحاصيل متنوعة، ضمن تقنية "الزراعة العضوية"، وتتميز بعدم احتوائها على الأسمدة المضرة، والتي تعتبر من أبرز أسباب الأمراض الخطيرة.
وركزت مُبادرة "العودة للأرض" والتي ينفذها عدد من الخريجين الفلسطينيين التابعين لجمعية "سبارك" للابتكار والإبداع، على الزراعة الآمنة، والتي تجنب المستهلكين المخاطر الصحية والبيئية، التي تسببها الأسمدة الكيميائية على المدى البعيد.
وانصب اهتمام القائمين على مشروع الزراعة العضوية، على ايجاد الحلول للمحافظة على البيئة، والمساهمة في إحداث التغيير الإيجابي الفعال للمحافظة على الأرض، وذلك عبر إنتاج محاصيل زراعية خالية من أي إضافات كيميائية، وتتبع أنظمة إنتاج تعتمد على الأسمدة الخضراء، والسماد العضوي، لتعظيم النشاط البيولوجي، واستخدام مدخلات عضوية لمحاربة الآفة، وتعزيز التوازن البيئي، وتحسين خصوبة التربة، ومكافحة الآفات بتنوع المحاصيل.
وتقول المسؤولة المالية والإدارية في الفريق، ريهام الحايك، 24 عامًا، لـ "العربي الجديد" إن الزراعة العضوية تختلف عن الزراعة التقليدية في عدة مجالات، أبرزها المجال الصحي، إذ لا تحتوي على مواد كيميائية، تعتبر من أهم أسباب أمراض السرطان، علاوة على القيمة الغذائية العالية مقارنة بالمنتجات الغذائية التقليدية، إذ تُمنح الوقت للتطور، ويتم تزويدها بأفضل الظروف الطبيعية للنمو، فيما يرتفع محتوى الفيتامينات والمعادن في المنتجات الغذائية العضوية، خاصة مع توفر الآلية الأنسب للمحاصيل للوصول إلى مغذيات التربة.
وتتميز الزراعة العضوية كذلك في مجال التربة، وفق تعبير الحايك، حيث يتم العمل على تغذية التربة بشكل طبيعي عن طريق استخدام السماد العضوي والمساحيق الطبيعية والسماد الأخضر، علاوة على المجال البيئي ويعمل على المساهمة في إعادة التوازن البيئي، وتوفير البيئة المناسبة، والتي تساعد في مكافحة الآفات الضارة.
وتعتبر الزراعة العضوية ذات قيمة مرتفعة بالنسبة للمستهلك، إلى جانب الطعم المميز لهذه المزروعات، والتي ابتعد أصحابها عن استخدام الأسمدة الكيميائية، والتي تستخدم عادة بغرض الربح المادي، وقد انطلق أصحاب الفريق للعمل لشعورهم المتزايد بالقلق تجاه حالات الإصابة بالسرطان، خاصة تلك المتعلقة بالجهاز الهضمي، والناتجة عن الاستخدام المُفرط للمبيدات والأسمدة الكيميائية، بالإضافة إلى التلوث الحاصل في التربة والمياه الجوفية.
ويقول المهندس الزراعي عودة عودة، إن العمل بالزراعة العضوية بدأ بعد الحصول على المنحة الخاصة بالمبادرة، والتي تم تقديم مقترحها إلى برنامج ابدأ الشبابي، الممول من مؤسسة دالية المجتمعية، وقد بدأت بتوفير الأرض والمواد اللازمة للبدء بالزراعة، مع اشتراط توفر المواصفات الملائمة للأرض، من حيث كونها أرض لم يسبق زراعتها، أو رشها بالأسمدة الكيميائية.
وقام المُهندس الزراعي بتقسيم الأرض ومساحتها 1000 متر مربع، وتخصيص جزء منها لإقامة دفيئة زراعية خاصة بزراعة محاصيل محددة، فيما تم تقليب الأرض وحرثها وإضافة السماد العضوي وزراعة أشتال وبذور المحاصيل الزراعية المتوافقة مع الموسم، وهي "الخس، الملفوف، الزهرة، الكرفس، الجرادة، الفجل، السبانخ، الخيار والبندورة".
وعلى الرغم من أن ثقافة الزراعة العضوية والمنتجات الزراعية العضوية غير منتشرة بالشكل المطلوب في قطاع غزة، إلا أن الفريق يأمل بأن تساهم جودة المنتجات بزيادة الطلب، والإقبال، ما يمكن أن يساهم في اعتماد المشروع كمصدر دخل.
من ناحيته؛ يبين منسق المبادرة، أصيل أبو حلوب، أن الزراعة العضوية لا تختلف عن الزراعة العادية كما يعتقد البعض بأن لها متطلبات خاصة يصعب توفرها، إلى جانب أنها لا تتطلب أي معدات أو أدوات استثنائية، وبإمكان المزارع البسيط أن يقوم بها دون أي مشاكل.
ونجح أعضاء الفريق في مهمة الزراعة العضوية رغم تضارب الآراء في بداية المشروع، إلى جانب عدد من التحديات والتي تمثلت في عدم توفر المواد اللازمة لصناعة المبيدات العضوية البديلة للمبيدات الكيميائية، وصعوبة الحصول على أرض زراعية تتوفر فيها الشروط اللازمة من حيث السعر والموقع والمساحة، للبدء بالمشروع وكذلك المعرفة القليلة بأهمية الزراعة العضوية وأهميتها للمجتمع والبيئة.
ويرى أعضاء "العودة للأرض" أن الشاب الفلسطيني قادر على الابتكار والإبداع والتألق بأفكار بناءة تعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه على الرغم من قسوة الظروف، وأن الزراعة العضوية آمنة، تنقذ الإنسان والبيئة من الكثير من المخاطر، وتحافظ على الإنسان والبيئة والأجيال القادمة.