محامي القرضاوي لـ"العربي الجديد": رُحِّل عبر طائرة إماراتية خاصة

08 يناير 2025
الشاعر والمعارض المصري التركي عبد الرحمن يوسف القرضاوي (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تم ترحيل الشاعر المصري المعارض عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى الإمارات، مما أثار جدلاً واسعاً وانتقادات من منظمات حقوق الإنسان، حيث اعتبر القرار سياسيًا وينتهك حرية التعبير.
- بدأ القرضاوي إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على ترحيله، وأكد محاميه أن موكله حُرم من حقوق الدفاع الأساسية، مع استمرار الجهود القانونية لاستعادة حقوقه.
- تتعلق القضية بمبدأ تعدد الولايات القضائية، حيث أشار خبراء القانون إلى أن تسليمه للإمارات قد يمهد لتسليمه لمصر، مشيرين إلى تأثير الاعتبارات السياسية.

أكد محامي الدفاع عن الشاعر المصري المعارض، عبد الرحمن يوسف القرضاوي، اللبناني محمد صبلوح، لـ "العربي الجديد" "ترحيله على متن طائرة إماراتية خاصة بعد ظهر اليوم"، وأضاف صبلوح أن موكله "بدأ إضراباً عن الطعام منذ يوم أمس، وسيستمر حتى رفع الظلم عنه"، موضحاً أن "القرضاوي حُرم أبسط مقومات حقوق الدفاع، والموضوع لم ينتهِ بالنسبة إلينا، وسنقوم بكل الإجراءات القانونية لتحصيل حقوقه ومتابعة قضيته مع أهله، ونأمل عودته بأقرب وقت إلى عائلته".

وكان وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، زياد المكاري، أعلن أمس الثلاثاء، خلال تلاوته مقررات جلسة مجلس الوزراء، أنّ "ملف القرضاوي طُرح من خارج جدول الأعمال، وسيُرحَّل إلى الإمارات العربية المتحدة".

وفي السياق، قال رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان، وديع الأسمر لـ"العربي الجديد"، إنّ "قرار ترحيل القرضاوي كان صادماً ومفاجئاً لأنه ينتهك كل مبادئ القانون اللبناني كما الدولي وحرية التعبير". واعتبر الأسمر أن "القرار ليس قضائياً، بل هو سياسي بحت، وصدر نتيجة ضغوط ترهيبية وترغيبية مورست على السلطات اللبنانية، وهنا لا ألوم الإمارات العربية المتحدة التي تعمل لمصلحتها، بغضّ النظر عن أني أعتبر أن معاقبة أي إنسان لرأي يدلي به أمر غير قانوني، لكن ألوم الدولة اللبنانية من رئيس الحكومة والوزراء الذين كانوا متحمّسين وصوّتوا لصالح القرار الذي يحتاج إلى أكثرية من مجلس الوزراء، وذلك ربما لحماية مصالح خارج لبنان، أو لضمان مصالح مستقبلية بعد انتهاء عهد الحكومة".

قرار ترحيل القرضاوي كان صادماً ومفاجئاً لأنه ينتهك كل مبادئ القانون اللبناني كما الدولي وحرية التعبير

وأضاف: "هناك إشكاليات على صعيد التصويت، فالتوقيف جرى بناءً على طلب نعتبره غير مكتمل وغير صالح للتوقيف، فهو مجرد ادعاء لسبب إبداء الرأي، كذلك وبحسب معلوماتنا فإن طلب الاسترداد الإماراتي أتى ناقصاً، وأُكمِل على وجه السرعة، وثالثاً، نحن نتكلم عن جريمة رأي، لكنهم غلفوها بمادة إثارة النعرات، علماً أنه لم يحرّض أو يتكلم طائفياً، بل فقط أدلى بموقف سياسي".

وشدد الأسمر على أنّ "القرار سياسي ومجحف بحق لبنان ويناقض واحداً من الأمور التي كنا نفتخر بها لبنانياً، باعتبار البلد ملجأً للمضطهدين بسبب التعبير عن رأيهم، لكن للأسف نرى اليوم عكس ذلك"، لافتاً إلى أن "هناك تحركاً كبيراً من جمعيات دولية ولبنانية لم يعطِ للأسف حتى الساعة نتيجة، لكننا نحاول مع محامي القرضاوي لنرى ما الإمكانات لتنظيم طلبات بنقض القرار إن كان أمام مجلس الشورى أو قضاء العجلة".

من جهته، يؤكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأميركية والأوروبية للقانون الدولي، أن قضية تسليم الناشط والشاعر عبد الرحمن القرضاوي تخضع لمبدأ تعدد الولايات القضائية في القانون الدولي، نظراً لارتباط القضية بأكثر من دولة. وأوضح الدكتور مهران في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن المبادئ العامة في القانون الدولي تمنح الأولوية في التسليم للدولة التي ارتُكبت الجريمة على أراضيها، أو الدولة التي تضررت مصالحها مباشرةً من الجريمة المزعومة، مشيراً إلى أن هذا المبدأ مكرس في معظم الاتفاقيات الدولية للتعاون القضائي.

ولفت إلى أن المسألة تخضع لمنظومة قانونية متعددة المستويات، تشمل الاتفاقيات الدولية متعددة الأطراف، وخصوصاً اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، التي تنص صراحة على عدم جواز التسليم في الجرائم السياسية، إضافة إلى الاتفاقيات الثنائية بين الدول المعنية، والقوانين الوطنية المتعلقة بتسليم المواطنين والأجانب.

هل يُسلَّم لمصر لاحقاً؟

من جهته، اعتبر أستاذ القانون الدولي في الجامعة الأميركية بالقاهرة، عبد الله الأشعل، أن وقوع السيناريو الخاص بتسليم الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي للإمارات جاء بناءً على تطبيق اتفاقية تبادل المجرمين والمتهمين بين الدولتين، وذلك وفقاً للقانون الدولي. وأشار الأشعل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنه لا يستبعد تسليم القرضاوي لمصر في مرحلة لاحقة، خصوصاً في ظل وجود حكم قضائي صادر بحقه بالحبس بتهمة نشر أخبار كاذبة، ومع العلاقات الوثيقة التي تربط القاهرة وأبوظبي، بالإضافة إلى اتفاقية تسليم المجرمين بين البلدين.

ولفت إلى أن مثل هذه القضايا في دول المنطقة غالباً ما تخضع للاعتبارات السياسية في المقام الأول، وليس للقانون الدولي. وأوضح الأشعل أن هناك فرقاً في القانون الدولي بين المواطنة والجنسية، موضحاً أن القرضاوي يحمل الجنسية التركية دون أن يتمتع بالمواطنة. وأضاف أنه لو كان القرضاوي يحمل المواطنة التركية، لكان بإمكان تركيا التدخل لمنع تسليمه للإمارات.

واعتبر أن تركيا كانت تستطيع، إذا أرادت، منع تسليم القرضاوي للإمارات من خلال ممارسة ضغوط مكثفة على بيروت أو أبوظبي، حيث تمتلك الأدوات اللازمة لذلك. ومع ذلك، يبدو أن الأمر يخضع في النهاية للمصالح السياسية والمالية، التي دفعت الحكومة اللبنانية المؤقتة إلى تسليمه للإمارات، في ظل وجود علاقات خاصة بين لبنان والإمارات. وأكد أنه في دول المنطقة، مثل هذه القضايا لا تُحكم بالقانون الدولي بقدر ما تخضع للاعتبارات السياسية. وأشار في الوقت ذاته إلى أن الفريق الدفاعي الخاص بالقرضاوي كان عليه تقديم أدلة قوية تُثبت تعرّض حياته للخطر، بدلاً من الاكتفاء بالتعويل على سجل الإمارات أو مصر في مجال حقوق الإنسان.

وعبد الرحمن يوسف القرضاوي المعروف بكونه شاعراً وناشطاً سياسياً، شخصية بارزة في معارضة الأنظمة القمعية، وقد أوقفته السلطات اللبنانية بتاريخ 28 ديسمبر/ كانون الأول 2024 عند معبر المصنع الحدودي مع سورية، بناءً على مذكّرة صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب. والمذكّرة المشار إليها مسيّسة في طبيعتها، بحسب ما أكدت المنظمتان، وهي تُستخدم وسيلة ضغط على الأصوات المعارضة، الأمر الذي يجعل اعتقال عبد الرحمن يوسف القرضاوي جزءاً من حملة إقليمية تستهدف النشطاء والمفكّرين.

المساهمون