محكمة أوروبية تدين إيطاليا بسبب "معاملة مهينة" لمهاجرين تونسيين وتحكم بتعويضهم

30 مارس 2023
إيطاليا أقرت بمخالفتها للقوانين الدولية المنظمة للهجرة (Getry)
+ الخط -

أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، إيطاليا، وقضت بالتعويض لـ4 مهاجرين غير نظاميين تونسيين (8500 يورو تعويض و4 آلاف يورو مصاريف المحاماة)، بسبب "معاملة مهينة" واحتجاز "بدون أساس قانوني واضح" و"طرد جماعي" من دون تقييم فردي.

وكان أربعة تونسيين لجأوا إلى المحكمة عندما حاولوا عبور البحر الأبيض المتوسط في 2017 وأنقذتهم سفينة إيطالية ثم نقلوا إلى جزيرة لامبيدوزا. وقد أكدوا أنهم عانوا معاملة "لا إنسانية ومهينة" في الجزيرة قبل "إجبارهم" على العودة بالطائرة إلى تونس.

وأكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في بيان، أن الحكومة الإيطالية لم تعترض على الاتهامات المتعلقة بالظروف المعيشية والمعاملة التي تلحق بالمهاجرين في لامبيدوزا، وأكدتها مصادر وطنية ودولية مستقلة".

وأضافت أن روما أخفقت أيضاً في إثبات أن إجراءات الترحيل بدأت بالفعل قبل عودة المهاجرين، وبالتالي، فإن اعتقالهم كان "بدون سند قانوني واضح" مما منعهم من الطعن في اعتقالهم أمام محكمة.

وذكر القضاة الأوروبيون أيضاً بحظر الطرد الجماعي للأجانب وأشاروا إلى أنه في هذه الحالة لم يتم النظر في الحالات الخاصة لكل من المعنيين "بشكل منفصل".

وفي حالتي اثنين من المهاجرين الأربعة، جاءت قرارات الطرد المعتمدة "مبنية على أحكام مسبقة ولا تحتوي على أي معلومات فردية" حسب المحكمة.

حكم على إيطاليا بدفع تعويض

ورفع المهاجرون المرحلون عام 2018 قضية ضد السلطات الإيطالية وطالبوا بالتعويض عن الضرر الحاصل لهم وذلك بدعم من جمعية الدراسات القانونية في إيطاليا والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وحكم على إيطاليا بدفع 8500 يورو لكل من المشتكين المطالبين "بتعويض معنوي".

ويجبر الحكم الصادر الخميس الدولة الإيطالية بالتعويض المالي للمهاجرين التونسيين بعد مسار قضائي استمر أكثر من 5 سنوات.

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي الذراع القضائية لمجلس أوروبا. وهي هيئة مقرها ستراسبورغ تضم 46 دولة موقعة على الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان.

والمحكمة مختصة في البت في انتهاكات هذه الاتفاقية المرتكبة داخل الدول الموقعة.

عدم قانونية الترحيل القسري

وعن الحكم الصادر، أوضح عضو البرلمان السابق عن دائرة إيطاليا مجدي الكرباعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "كسب المهاجرين لقضيتهم ضد الدولة الإيطالية يكشف عدم قانونية الترحيل القسري الذي يمارس ضد المهاجرين التونسيين الواصلين إلى إيطاليا بطرق غير نظامية".

ونوه إلى أن "السلطات الإيطالية أقرت أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بمخالفتها للقوانين الدولية المنظمة للهجرة وهو ما مكّن المهاجرين التونسيين الأربعة من الحصول على حكم لفائدتهم وتعويضهم مادياً".

وأفاد في سياق متصل بأن "الحكم الصادر الخميس هو الأول من نوعه"، مشيراً إلى أن "المهاجرين المرحلين لا يرفعون قضايا تعويض عموماً."

وأشار إلى أن "المرحلين عموماً لا يثقون في مسار التقاضي وهو ما يدفعهم إلى التخلي عن حقوقهم القانونية التي تجيز تعويضهم عن الترحيل القسري".

من جهة ثانية، لفت المتحدث إلى أن "السلطات الإيطالية ترحل قسرياً المهاجرين التونسيين دون سواهم من باقي الواصلين إلى سواحلها من مختلف الجنسيات"، مرجحاً "حصولها على الضوء الأخضر من السلطات التونسية لإعادة المهاجرين قسرياً إلى تونس".

ضوء أخضر تونسي بالترحيل

وكانت منظمات مدنية قد كشفت عن وثيقة اتفاق موقّعة ما بين تونس وإيطاليا في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تقضي بحصول تونس على تمويل بقيمة 30 مليون يورو (نحو 34 مليون دولار) ما بين 2021 و2023، لتحسين جاهزيتها لحراسة الحدود البحرية والتصدّي لقوارب الهجرة غير النظامية التي تتدفّق نحو السواحل الإيطالية.

ويحمّل الشبّان المرحّلون من إيطاليا السلطات التونسية مسؤولية إعادتهم قسراً، مؤكّدين أنّ السلطات الإيطالية تعلمهم بأنّ قرار الترحيل يتمّ بموافقة الحكومة التونسية.

وفي هذا الإطار، يشير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أنّ الاتفاقات السرية التي تبرمها تونس مع دول أوروبية تعطي الأخيرة الضوء الأخضر لترحيل المهاجرين التونسيين قسراً، في مخالفة واضحة لقوانين الهجرة الدولية.

وعلّق المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر على حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الصادر اليوم بأنه انتصار معنوي للمهاجرين المرحلين.

وكتب بن عمر في تدوينة على حسابه على "فيسبوك"، قائلاً إن "المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان تدين الحكومة الإيطالية وتقضي بالتعويض لـ4 مهاجرين غير نظاميين تونسيين 8500 يورو كتعويض و4000 يورو مصاريف المحاماة نتيجة التعامل غير الإنساني وانتهاك الحق في الحرية والأمن والترحيل القسري الجماعي".

وخلال عام 2022 رحلت السلطات الإيطالية أكثر من 1700 مهاجر تونسي على متن ما يزيد عن 62 رحلة بحسب أرقام لمنظمات حقوقية إيطالية.

وتأتي تونس في المرتبة الأولى دولياً وعربياً في عدد المهاجرين المرحلين، وفق ذات المصدر.

وفاة تونسي بسجن إيطالي

وفي سياق متصل، قالت وزارة الخارجية التونسية إن مصالحها تتابع "حادثة وفاة المواطن التونسي، أيمن بن الداهش، التي جدت يوم 23 مارس/آذار 2023 بسجن مدينة مسينا الإيطالية".
 
وأضافت الخارجية في بيان، اليوم الخميس، إن قنصلية تونس ببلارمو "بادرت حال علمها بالوفاة بالتواصل مع السلطات الإيطالية المختصة للقيام بالإجراءات اللازمة ومعرفة أسباب وظروف الوفاة".

ولفتت إلى أنها "تتابع بالتوازي مع محامية المتوفي أطوار البحث التحقيقي الذي تباشره النيابة العمومية الإيطالية في الغرض". 

وأضافت أن "قنصليتنا ببلارمو تتواصل مع عائلة المتوفي عن طريق شقيقته المتواجدة بإيطاليا وذلك قصد ترتيب عملية ترحيل جثمانه في أقرب الآجال الممكنة".