أصدرت المحكمة المركزية في مدينة حيفا، اليوم الثلاثاء، حكمها بالحبس الفعلي لمدة 22 شهراً في حق رازي عودة (21 عاماً) من مدينة عكا، أحد معتقلي "هبة الكرامة".
وكان مئات الشبّان من فلسطينيي الداخل قد اعتُقلوا على خلفية "هبّة الكرامة" في مايو/ أيار 2021، عندما خرجوا في تظاهرات تضامناً مع القدس والمسجد الأقصى وقطاع غزة، ورفضاً لعمليات التطهير العرقي في حيّ الشيخ الجرّاح، وتنديداً باعتداءات المستوطنين على المواطنين العرب بحماية الشرطة الإسرائيلية.
وغصّت المحكمة بذوي المعتقلين وعائلاتهم وأصدقائهم الذين حضروا للدعم والمساندة، بعدما اكتوى بعضهم بنار الأحكام القاسية في حق فلذات أكبادهم.
ونظرت المحكمة أيضاً في جلسات 4 معتقلين آخرين من عكا على خلفية أحداث "هبة الكرامة"، وهم محمد عثمان ومصطفى مصري وباسل طنطوري وجواد سطيلي.
واعتقل رازي عودة (21 عاماً) في 6 يونيو/ حزيران 2021، وتعرض للتحقيق لمدة شهر تقريباً، وقدّمت النيابة العامة لائحة اتهام ضده بالمشاركة في الأحداث التي وقعت في عكا خلال الهبة الشعبية، وتمت إحالته إلى الحبس المنزلي في 25 يوليو/ تموز 2021، كما نسبت له النيابة العامة في البداية تهمة إضرام النار في فندق "الأفندي" والتسبب بوفاة مسن يهودي، كما تضمنت لائحة الاتهامات المشاركة في إلقاء الحجارة على رجال الشرطة، والاعتداء على مطعم في عكا من الخارج.
رائف عودة والد المعتقل رازي، قال لـ "العربي الجديد": "فكّ الله أسر ابني وكل شباب هبة الكرامة"، مضيفاً "وجهت لرازي تهمة القتل في البداية وتمت تبرئته منها، كما كان هناك تضخيم للائحة التهم التي تلاحقه والحمد الله سقطت تباعاً بفضل المحامي الذي وكلناه وكان نعم العون والسند".
من جهتها، قالت لبنى عودة والدة رازي وهي لا تستطيع حبس دموعها: "الله يهونها عليه وعلى كل الشباب، وجع ذوي المعتقلين هو وجعي، أتمنى العفو عن جميع المعتقلين"، وتابعت "الحمد الله، استطاع المحامي تبرئته من تهمة القتل، ابني من كثرة الضغوطات عليه بالتحقيق اعترف بأنه ألقى حجارة لمسافة بعيدة يستحيل أن تصيب بأذى، لكن 22 شهراً أفضل من عشر سنوات، أهم شيء أن تهون عليه ويعود إلى حياته بشكل طبيعي".
أما المحامي نمير أدلبي المرافع عن عودة، فقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكم غير بسيط نسبة للتهم التي وجّهت إلى رازي، ولكن في ظل الأحكام التي صدرت في الفترة الأخيرة وهي شديدة وغير مسبوقة، فضّلنا أن نصل إلى هذا الاتفاق، كانت لدي مخاوف أن يصدر حكم أصعب من ذلك بكثير، عرضت اتفاقية على المحكمة وصادقت عليها واليوم صدر الحكم بحق موكلي لمدة 22 شهراً سجناً فعلياً".
وأكد أدلبي "عندما يكون المعتقل أمنياً يمنع على ذويه حضنه، هناك حكام يوافقون على هذا الأمر عندما نطلب منهم. اليوم كان الحاكم مستعداً بأن يسمح لوالدي رازي بعناقه، لكن المرافقين من مصلحة السجون رفضوا ذلك والحاكم تراجع. وهذا يؤكد كل الذي نقوله، من أنّ القضاء يهاب مخالفة أوامر جهاز الأمن".
أما بالنسة لملف المعتقلين محمد عثمان، وجواد سطيلي ومصطفى مصري من عكا، فأوضح أدلبي: "سمعنا قرابة 30 شاهداً، غير أنّ النيابة مع كل هذا التعب والجهد لا يوجد لديها أي استعداد للوصول إلى أي اتفاق بهذا الملف، خاصة أنّ الأحكام القاسية التي صدرت في الفترة الأخيرة فتحت شهيتهم لأحكام أقسى من ذلك، وتراجعوا عن جميع المفاوضات التي كنا بصددها".
صابرين بشير والدة الأسير أدهم بشير من عكا الذي حُكم بالسجن عشر سنوات وغرامة مالية بقيمة 150 ألف شيكل بحقه، وذلك بتهمة "القيام بعمل إرهابي والإخلال بالنظام"، في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تواجدت في المحكمة لمساندة ذوي المعتقلين، وقالت لـ"العربي الجديد": "زرت ابني زيارة واحدة حتى الآن، لا أحد سينسى حكم ابني القاسي، كيف سيقضي هذه المدة الطويلة، لقد تعرض لظلم كبير، هذا ليس عقاباً".
وأضافت "جئت لمساندة ذوي المعتقلين، لأنه خلال محاكمة ابني لم يكن معنا أحد في المحاكم عدا أنا وزوجي وأبنائي. ألمنا ووجعنا واحد نحن وذوو المعتقلين".
من جهته، قال والد المعتقل جواد سطيلي (20 سنة): "وجهت لابني أكثر من تهمة من بينها سرقات وحرق وإطلاق نار، اليوم كانت الجلسة مغلقة، بمشاركة ثلاثة أشخاص من المخابرات الإسرائيلية ومواطن".
وانتقد الناشط الفلسطيني المختص في قضايا الأسرى قدري أبو واصل، ما وصفه بالتقصير في متابعة قضايا معتقلي "هبة الكرامة" قائلاً، لـ"العربي الجديد": "نحن مقصّرون كلجان وأحزاب ولجنة المتابعة في قضايا معتقلي هبة الكرامة، اليوم بالنسبة لي حكم رازي 22 شهراً، مبالغ فيه، إذ لم يكن يستحق أقل من أربعة أشهر، في حين تسجل بحقه هذه الأحكام القاسية".