لم يزر اللاجئ الأفغاني محمد غول بلاده يوماً. إلا أن ذلك يبقى حلماً بالنسبة إليه ريثما تسمح الظروف، فالغربة صعبة
ترك الشاب الأفغاني محمد غول بلاده حين كان في الخامسة من عمره، بعدما اختارت عائلته اللجوء إلى باكستان. إلا أنه لم يتمكن من الذهاب إلى أفغانستان وزيارة أقاربه أبداً. ولا يتوقع أن يحدث ذلك في وقت قريب بسبب تردي أوضاعه المعيشية والوضع الأمني.
يعمل في مطعم صغير يقدم أكلات باكستانية مشهورة وهي الباكورا والسمبوسة. ويؤدي عدداً من المهام، مثل الطبخ وتوزيع الأطباق وتنظيفها وغير ذلك. ويتقاضى في اليوم الواحد 500 روبية باكستانية (نحو ثلاثة دولارات).
يقول غول لـ "العربي الجديد" إن "الحياة صعبة جداً ولم أشعر يوماً بالراحة، لكنني سعيد في الوقت نفسه لأن لدي عملاً، حتى لو كان شاقاً جداً". يضيف: "تزوجت قبل عام من فتاة تربطني بها صلة قربى"، مشيراً إلى أنه مضطر إلى العمل مهما كان شاقاً لكسب المال وتسديد الديون.
حاله حال كثيرين، لم يعرف المدرسة نتيجة صعوبات اللجوء والانتقال من مخيّم إلى آخر بحثاً عن لقمة العيش، من دون أن تهتم العائلة بتعليمه وإخوته. بدأ العمل في عمر صغير، وغالباً ما كان يبيع الخضار والفاكهة. وحين كبر، عمل في مهن كثيرة لمساعدة عائلته. يقول غول: "حين أرى الشباب في هذه البلاد وهم يتجولون مع أقاربهم ويذهبون إلى الحدائق ويتبادلون الزيارات في ما بينهم، أسأل نفسي: أين ضاع شبابي؟ أين طفولتي؟ كان همي منذ الصغر تأمين لقمة العيش وتسديد الديون". يضيف أنّ وضع والده الصحي جعله عاجزاً عن العمل طويلاً. وكان أولاده كثراً وبالتالي احتياجات المنزل كبيرة. لذلك، كان يضطر إلى الاستدانة من الأقارب ثم تسديد الديون. ولم يختلف الأمر حتى اليوم. "زادت ديوني بعد زواجي، وأعيش اليوم تحت وطأة الديون المتراكمة".
سابقاً، كان غول يرتاح في العطلة الأسبوعية أيام الآحاد. لكن منذ فترة، لم يعد قادراً على ذلك، وبات يذهب إلى العمل حتى في أيام الإجازة للحصول على المال. وكان لكورونا تأثير كبير عليه، إذ اضطر إلى البقاء في المنزل لبعض الوقت.
يأمل أن يتمكن من زيارة بلاده، ولو لفترة مؤقتة، ويتعرف إلى قريته في إقليم لغمان شرق أفغانستان إضافة إلى أقاربه. إلا أن ذلك غير ممكن في الوقت الحالي بسبب أوضاعه المادية والتوترات الأمنية في أفغانستان، إضافة إلى الإجراءات المشددة على الحدود بين الدولتين، وحاجته إلى جواز سفر وتأشيرة.
ولا ينسى التطرق إلى المضايقات التي يتعرّض لها من قبل الشرطة على وجه الخصوص، الأمر الذي زاد من تعلقه ببلاده، لكنه يرغب بالعودة حين تكون الظروف ملائمة. فالغربة صعبة، وكثيراً ما يشعر بالقلق والحزن.