يتوزّع التلاميذ في ريف حلب الشمالي على مدارس المجالس المحلية، التي تتبع بشكل مباشر للمجالس الموزعة في المناطق، وتشرف على امتحاناتها مديريات التربية التركية في غازي عنتاب وكليس. وبدأ العمل بنظام مدارس المجالس المحلية مطلع عام 2018 في المناطق الخاضعة للإدارة التركية التي تمتد من مدينة الباب شرقي حلب إلى مدينة إعزاز شمالي المحافظة، لتتوسّع مع دخول فصائل الجيش الوطني مدينة عفرين وريفها، ضمن ما يعرف بعملية غصن الزيتون مطلع 2018.
وتبلغ أعداد المدارس التي تشرف عليها وزارة التربية التركية في منطقة درع الفرات حوالي 700 مدرسة، يعمل فيها حوالي 8500 مدرّس.
وفي ما يتعلّق بالمنهاج المعتمد في تلك المدارس، يقول المدرس فادي الحلبي لـ "العربي الجديد": "تعتمد مدارس المجالس المحلية المنهاج السوري المنقح من قبل الحكومة السورية المؤقتة، وهو المنهاج نفسه المعمول به في محافظتي حلب وإدلب مع بعض الاختلافات في أسلوب الامتحانات والمواد. ويدرس الطلاب 8 مواد للفرعين. في الفرع الأدبي، هناك اللغة العربية، والتاريخ، والجغرافيا، والفلسفة، واللغة الإنكليزية، واللغة التركية، والتربية الإسلامية. أما مواد الفرع العلمي، فهي اللغة العربية، الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، علم الأحياء، اللغة الإنكليزية، اللغة التركية، والتربية الإسلامية".
وعن آلية اختيار أسئلة الامتحانات وتصحيحها، يقول الحلبي: "تجهز مديريات التربية في المجالس المحلية حقيبة امتحانية في شهر إبريل/ نيسان من كل عام، وتتضمن الحقيبة نماذج أسئلة لتقوم مديريات التربية التركية بدورها باعتماد نموذج موحّد منتقى من تقاطعات عديدة للنماذج المقترحة من الداخل". يضيف: "تجري الامتحانات نهاية يونيو/ حزيران وفق نظام الأتمتة وعلى مدار ثلاثة أيام فقط. ويقدم من خلالها الطلاب حوالي 3 مواد في جلسة واحدة تستمر حوالي 3 ساعات، ثم تسلم الأسئلة إلى مديريات التربية في تركيا والتي تقوم بتصحيحها وإصدار النتائج. أما في ما يتعلق بامتحانات الشهادة الإعدادية، فتشرف عليها مديريات التربية التابعة للمجالس المحلية بشكل مباشر".
ونظام الأتمتة الذي تعتمده المدارس التابعة للمجالس المحلية شجع كثيرين على الالتحاق بهذه المدارس، نظراً لسهولة الامتحان مقارنة مع امتحان النظام الفرنسي المعمول به في مدارس حكومة الإنقاذ. ويقول زهير العلي وهو طالب حصل على الشهادة الثانوية هذا العام، لـ "العربي الجديد"، إنه "كان منقطعاً عن الدراسة منذ خمس سنوات. إلا أنه تشجع على العودة لتقديم شهادة الثانوية بعدما شاهد العديد من أصدقائه وقد تقدموا لها وحصلوا عليها في العام الماضي".
يضيف العلي: "اقتنيت الكتب منذ بداية العام وبدأت بتصفحها بشكل سريع. لكن مع اقتراب الامتحانات وقبل شهر تقريباً، بدأت القراءة بتركيز أكبر، وحصلت على نتيجة جيدة في الامتحانات. فطبيعة الأسئلة المؤتمتة سهلت عملية الامتحان وشجعتني على العودة للدراسة من جديد".
أما خالد الشيخ وهو طالب من ريف إدلب، فيقول لـ "العربي الجديد": "تقدمت لامتحان الشهادة الثانوية الفرع العلمي مرتين في إدلب من دون أن أتمكن من نيل الشهادة الثانوية. فظروف المنطقة وانشغالي بالعمل حالا دون تمكني من تقديم امتحانات جيدة. هذا العام، قررت خوض الامتحانات في تربية عفرين، وحصلت أخيراً على الشهادة الثانوية ـ الفرع الأدبي بمعدل جيد". يضيف: "لا أعرف إن كنت سأتمكن من الالتحاق بإحدى كليات جامعة إدلب أو لا. لكن المهم بالنسبة إلي أنني حصلت على الشهادة الثانوية والتي ستكون بوابة لأي دراسة في المستقبل".
مصير الشهادات
يمكن لحملة هذه الشهادة الانتساب لعدة جامعات لكن بشروط محددة. ويقول المدرس حسين الإبراهيم لـ "العربي الجديد": "يستطيع حامل الشهادة الثانوية أن ينضم لفروع جامعة غازي عنتاب بعد إجراء امتحانات الطلاب الأجانب. وفي حال تمكن من اجتيازه يمكنه المفاضلة على إحدى الكليات". يتابع: "تمتاز شهادات المجالس المحلية بتعديلها التلقائي المعروف بالدنكليك من الجانب التركي، ما يسهّل أمام الطالب مهمّة التسجيل في الجامعات التركية، سواء في الداخل السوري أو تركيا. كما تقبل الجامعات المرخصة لدى مجلس التعليم العالي في الحكومة المؤقتة مثل جامعة حلب بهذه الشهادات شرط أن تكون معدلة.
أما في جامعة إدلب، يخضع حاملو شهادات المجالس المحلية لفحص معياري في وزارة التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ السورية، لمعادلة الشهادة والتسجيل بموجبها في الجامعة".
ويقول الطالب خالد الشيخ لـ "العربي الجديد": "لا أعرف طبيعة الامتحان المعياري الذي سأقدمه للحصول على مقعد في جامعة إدلب، لكن أتوقع أن يكون أشبه بسبر للمنهاج ويمكن أن أتجاوزه كوني اطلعت على منهاج وزارة التربية في إدلب لسنتين متتاليتين". يضيف: "أحاول اليوم أن أستعد للفحص المعياري وأجري بعض المراجعات لأضمن النجاح والانضمام لجامعة إدلب، ولا أريد أن أتكبد عناء السفر إلى جامعات أخرى بعيداً عن مكان سكني".
شكوك
ومع صدور نتائج امتحانات الشهادة الثانوية في مدارس المجالس المحلية كل عام، يبدأ الطلاب في التشكيك بدقة هذه النتائج. ويشكو كثيرون عدم تصحيح الأوراق بدقة ووجود ظلم في المراقبة في مقابل تساهل في مدارس أخرى. ويقول نجيب العطار وهو أحد طلاب الشهادة الثانوية هذا العام، لـ "العربي الجديد": "لم أتمكن من نيل الشهادة الثانوية هذا العام"، محملاً المسؤولية للمراقبين الذين وجدوا في قاعات الامتحان، مضيفاً أن "المراقبين قاموا بإملاء إجابات خاطئة على الطلاب بهدف تضليلهم ما أدى إلى تعثرهم ورسوبهم". ويستغرب العطار تصرف المراقبين إذ لم يطلب الطلاب منهم أي مساعدة، ويتساءل عن السبب الذي دفعهم لهذا الفعل.
أما سامي عبد العزيز، فيشكك بنزاهة مديريات التربية التركية وبدقة تصحيح الامتحانات. ويقول لـ "العربي الجديد": "لم أتوقع أبداً أن أرسب هذا العام، وكنت أتأكد من إجاباتي فور خروجي من الامتحان"، لافتاً إلى أن "طبيعة الامتحان المؤتمت سهلت علي العملية لكن صُدمت بالنتيجة فور صدورها، وقدمت طلب اعتراض لكن لم أحصل على أي نتيجة مغايرة".
ويرى طلاب آخرون أن نتيجة الطالب في امتحان اللغة التركية قد تؤثر على نتيجته في بقية المواد، والكثير من الطلاب الذين لم يحصلوا على علامة جيدة في اللغة التركية صدموا بنتائجهم وهذا الأمر يتكرر في كل عام. ولم تعلن مديريات التربية عن موعد افتتاح العام الدراسي لهذا العام بعد، لكنه عادة ما ينطلق في بداية شهر سبتمبر/ أيلول من كل عام.