استقبل السوريون الكشف عن مرسوم عفو رئاسي جديد بكثير من الأسئلة حول تطبيقه، وآمال بعودة المعتقلين إلى منازلهم، ولقاء ذويهم بعد سنوات طوال في سجون النظام، إذ يقضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل 30 إبريل/ نيسان، عدا التي أفضت إلى موت.
وقال طالب جامعي من محافظة السويداء (جنوب)، طلب عدم ذكر اسمه، إنه شارك قبل 4 سنوات في إحدى المظاهرات المؤيدة للثورة، ولديه كتابات على مواقع التواصل تنتقد النظام، وإجراءات الأجهزة الأمنية، وإنه نتيجة ذلك "أصبحت مطلوباً من 5 جهات أمنية تابعة للنظام بتهم منها النيل من هيبة الدولة، وتحقير رئيس الجمهورية، والتظاهر دون ترخيص، وهناك تهم أخرى لا أعلم من أين جاؤوا بها، مثل ترويج المخدرات، والتخابر مع دول معادية".
وتابع الطالب السوري لـ"العربي الجديد": "كنت طالباً في السنة الثانية بكلية الحقوق، وحاولت حينها التقدم إلى الامتحانات الجامعية، وكنت أنجح في بعض الأحيان، وأفشل غالباً في تأمين وصول وعودة آمنة خوفاً من الاعتقال، وأملي أن ينهي العفو الأخير هذه الملاحقات التي تطاردني منذ سنوات، وأن أنهي دراستي الجامعية، لأني أرغب في السفر إلى دولة أستطيع أن أكمل فيها حياتي".
بدورها، تأمل أم أحمد (48 سنة) من ريف دمشق أن تستطيع العودة إلى منزلها في الغوطة الغربية، بعد أن حال عدم حصولها على موافقة أمنية من العودة، موضحة لـ"العربي الجديد: "منذ عام 2019، نحاول العودة إلى منزلنا، ولم نترك وسيلة. لكننا كنا نفشل دائماً، لأنّ شقيق زوجي كان من ناشطي الثورة، وخرج من المنطقة إلى الشمال السوري".
وأضافت: "أمثالي كثر من جيراني، وأكثر ما يحرق القلب هم من لديهم معتقلون منذ سنوات، ولا يعلمون عنهم شيئاً، وهؤلاء تارة تجدهم فرحين بفرصة خروج ذويهم، وتارة أخرى تجدهم يخشون أن يكونوا ممن فقدوا حياتهم داخل المعتقلات".
وقال وزير العدل في حكومة النظام السوري أحمد السيد، لصحيفة محلية، إنّ هذا المرسوم يشمل لأول مرة "الجرائم الإرهابية"، ولم ينص على تشميل جزء من العقوبة، وإنما جاء مطلقاً على كامل العقوبة، عدا الجرائم التي أدت إلى وفاة إنسان، وبهذا يكون هذا المرسوم أهم مراسيم العفو وأوسعها شمولاً.
وأضاف أنّ هذا المرسوم "يحمل في طياته إجابة واضحة وصريحة بأنّ السوريين في الخارج الذين يتساءلون عن إمكانية عودتهم إلى سورية، وهؤلاء يمكنهم العودة بعد صدور هذا المرسوم من دون داعٍ للمراجعة، أو القيام بأي إجراء طالما شملهم المرسوم، وستقوم الجهات المعنية تلقائياً بالمعالجة".
وذكر السيد أنه "منذ صدور المرسوم، باشرت النيابة العامة وقضاة التحقيق ومحاكم الجنايات لدى محكمة قضايا الإرهاب الإجراءات اللازمة لإطلاق سراح الموقوفين المشمولين بالعفو من دون أي طلب أو مراجعة، مع استمرار العمل بالنسبة للدعاوى المنظورة أمام المحاكم التي شملها المرسوم. يتم تلقائياً إلغاء إذاعات البحث من قبل الضابطة العدلية، وكف البحث عن المشمولين بالعفو من مرتكبي الجرائم الإرهابية، سواء كانوا مقيمين في سورية أو خارجها، ومن دون تقديم أي طلب، أو القيام بأي إجراء".
وأصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، أمس السبت، المرسوم التشريعي رقم 7، والقاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم (19) لعام 2012، وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 وتعديلاته.
وقالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في تقرير نهاية العام الماضي، إنّ هناك ما لا يقل عن 131 ألف شخص بين معتقل ومختفٍ قسرياً لدى النظام السوري منذ مارس/ آذار 2011، في حين تقدر تقارير حقوقية أخرى بأنّ مئات آلاف السوريين اتخذت بحقهم إجراءات أمنية، من المراجعة إلى الاعتقال، ما يسلبهم حقوقهم كمواطنين.