لم يعد بمقدور مرضى غسل الكلى في مجمع فلسطين الطبي، في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، السكوت أكثر عن النقص المؤذي لأجسامهم في الخدمات الطبية المقدمة لهم، والتي جعلت من عملية غسل الكلى معاناة إضافية، بدلاً من أن تكون عملية "الغسل" مساعدة لتخليص أجسامهم من السموم، وتحسين صحتهم. فصاروا ينظّمون اعتصامات أسبوعية أمام قسم غسل الكلى بالمجمع الطبي، منذ نحو شهرين، كان آخرها أمس الثلاثاء، مطالبين بتحسين الخدمات الطبية المقدمة لهم.
تقول الشابة، يارا عبد الحق، لـ"العربي الجديد"، وهي متطوعة مع مرضى غسل الكلى، ويعاني والدها من الفشل الكلوي، ويتلقى خدمة غسل الكلى منذ ست سنوات: "توجّهنا مراراً لإدارة مجمع فلسطين الطبي برام الله، للحديث حول نقص الخدمات الطبية لمرضى الغسل الكلوي، منها وجود طبيب واحد فقط لإجراء عمليات بديلة عن وضع أنبوب في الجسم لعملية الغسل، كما أنّ بعض المرضى يصعب حصولهم على تحويلة طبية لإجراء عملية في مستشفيات أُخرى".
وتتابع "كما يتفاجأ بعض المرضى عند حصولهم على التحويلة لغسل الكلى، برفض المستشفى الخاص استقبالهم وفق التحويلة الطبية، بالإضافة إلى معاناتهم من نقص حاد في الأدوية، بعضها غير متوفّر منذ قرابة الستة أشهر، وهم يطالبون أيضاً بضرورة إجراء عمليات صيانة لقسم غسل الكلى".
أكثر من 300 مريض كلى، يتلقون خدمة الغسل، ثلاثة أيام في الأسبوع. أيّ إنّ قرابة 150 مريضا، يتواجدون في قسم واحد لغسل الكلى، على مراحل أو "مناوبات مقسّمة"، في اليوم نفسه، بحضور طبيب واحد فقط لكلّ مناوبة، توضح يارا عبد الحق.
وتقول عبد الحق: "لو حصل طارئ مع مريض واحد من بين قرابة خمسين آخرين، في إحدى المناوبات الثلاث لغسيل الكلى، فذلك حتماً سوف يُشغل الطبيب الوحيد في القسم، ويحرم باقي المرضى من العناية بهم خلال عملية الغسل".
لذلك اعتصم، أمس الثلاثاء، جزء من مرضى غسل الكلى، منذ الصباح الباكر، ورفضوا تلقي خدمة الغسل، احتجاجاً على عدم استجابة إدارة مجمع فلسطين الطبي لمطالبهم، بتحسين الخدمات أثناء الغسل، والنظر في مسألة تغيير أنابيب الغسل، المفترض أن تكون مؤقتة في أجسام المرضى، إلاّ أنّ هذه الأنابيب تُترك في بعض أجسام المرضى شهوراً طويلة، دون متابعة طبية، وفق ما تؤكّده عائلات المرضى.
ويقول الصحافي، سياف زراع، لـ"العربي الجديد"، ووالده يعاني من الفشل الكلوي، "إنّ المرضى في قسم غسل الكلى أكّدوا أنّ مدير مجمع فلسطين الطبي، أحمد البيتاوي، أمر الطاقم الطبي في القسم بحرمان المعتصمين من مرضى الكلى، من خدمة الغسل، لأنهم اعتصموا احتجاجاً على نقص الخدمات، ما أثار غضب المرضى وذويهم واتصلوا بوسائل الإعلام، وعندما حضرت إحدى الصحافيات لتغطية اعتصام أمس، أرسلت وزارة الصحة فوراً وفداً يترأسه رئيس لجنة العلاقات العامة في وزارة الصحة، أنس الديك، للنظر في مطالب المعتصمين على إثر حضور وسائل الإعلام".
وينفي مدير مجمع فلسطين الطبي، أحمد البيتاوي، لـ"العربي الجديد"، أنّه أمر الطواقم الطبية بعدم تقديم خدمة غسل الكلى للمعتصمين، وقال ممتعضاً: "أنا لست متهماً ليطلب مني الرد عبركم كصحافيين، لا يوجد مريض لم يتلق خدمة غسل الكلى أمس".
وأكمل البيتاوي: "كلّهم أربعة خمسة من اعتصموا، وجلست معهم أنا وممثل وفد وزارة الصحة، كانت لديهم إشكاليات بسيطة وقمنا بحلّها".
لكن وفد وزارة الصحة الفلسطينية، يؤكّد عدم معالجة جميع مطالب المعتصمين، إذ يقول رئيس وفد وزارة الصحة، أنس الديك، لـ"العربي الجديد": "أكّدت للمعتصمين أنّ وزارة الصحة تبذل قصارى جهدها لتقديم الخدمات الطبية لمرضى غسل الكلى، حتى في ظلّ جائحة كورونا، وسنعمل خلال الفترة القادمة على توفير الأدوية، التي تذبذب توريدها في ظلّ الجائحة".
ويتابع الديك، "كما نعمل على حلّ إشكالية أنابيب الغسل، وفي ظلّ وجود قرار لمجلس الوزراء بتعيين طواقم طبية إضافية، وسيكون لمجمع فلسطين الطبي حصة من هذه التعيينات، خلال الفترة القادمة".
وأضاف الديك أنّ وزارة الصحة وضعت مطالب المرضى قيد الدراسة، وهي تعمل على حلّها، وبعضها سوف يتم معالجتها في القريب العاجل، لكنّ مطالب أُخرى يستغرق حلّها وقتاً، كمسألة زيادة أعداد الكوادر الطبية.
ويوضح الصحافي، سياف الزراع، أنّ ذوي المرضى يأملون من الوزارة معالجة نقص الخدمات قريباً، وعلى رأسها تغيير الأنابيب المؤقتة للمرضى، ومنها ما يحتمل أياماً ومنها أشهراً. كما يتمنون النظر في المضاعفات الطبية التي تُسببها هذه الأنابيب والعمليات الجراحية البديلة عن الأنابيب أيضاً، لأنّ عدم متابعتها جميعاً، يعني معاناة المريض من مضاعفات خطيرة تهدّد حياته وقد تؤدي إلى موته.
من جهتها، تؤكّد المتطوعة، يارا عبد الحق، أنّ المرضى سوف يعتصمون مجدداً في حال لم تُنفذ وزارة الصحة وعودها بالاستجابة لمطالبهم. ويأتي اعتصام مرضى الفشل الكلوي بالتزامن مع استمرار اعتصام ذوي الإعاقة في المجلس التشريعي، لليوم السادس عشر على التوالي، لمطالبة الحكومة بالبدء في توفير نظام صحي شامل وخاص بهم، دون إبداء الحكومة موقفاً جدياً حيال مطالبهم حتى الآن.