تشهد الجزائر نقصاً فادحاً في عدد من الأدوية، وخصوصاً أدوية مرضى السكري والسرطان، إضافة إلى أدوية تخثر الدم، و"باراسيتامول"، وغيرها من الأدوية الهامة، فيما تتقاذف الوزارات المسؤولية عن تفاقم الأزمة، وسط تعهدات باستدراك وشيك لهذا النقص الذي أثر بشكل بالغ على صحة المرضى وسبّب قلق عائلاتهم.
ويشكو المرضى ندرة الأدوية في الصيدليات، كذلك تشكو المشافي الحكومية نقصاً في إمداداتها من بعض الأدوية، إذ يعاني مرضى السكري نقصاً فادحاً في الإنسولين بالصيدليات، ويعاني مرضى السرطان نقصاً في عدد من المواد الحيوية بالمستشفيات، نتيجة سياسات حكومية تستهدف خفض الواردات من دون وضع بدائل جدية. وعبّرت عائلات المرضى عن بالغ استيائها من تواصل أزمة الأدوية وخطورة ذلك على حياة ذويهم من المرضى.
يؤكد السيد بن ناصر، من ولاية ميلة (شرق)، معاناة ابنه المريض بالسكري بسبب ندرة الإنسولين خلال الفترة الأخيرة، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن أوضاع مريض السكري لا تسمح له مطلقاً بالتوقف عن العلاج بالإنسولين، والحكومة مطالبة بتوفيره كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية.
ويقول خبير الصناعات الدوائية، مراد ملاح، لـ"العربي الجديد"، إن "الإنسولين مادة حيوية، ولا يستطيع مريض السكري العيش من دونها، وندرتها في الجزائر حالياً قد تسبب لبعض المرضى مضاعفات غير محمودة"، مشيراً إلى أن "الندرة الحاصلة أخيراً مرتبطة بخفض واردات الإنسولين بنسبة 20 في المائة، وهذا غير مقبول في ظل إقرار السلطات بأن عدد مرضى السكري يزداد سنوياً بنحو 50 ألف حالة".
وتتقاذف الوزارات المعنية بالقطاع الصحي في الحكومة الجزائرية المسؤوليات عن أزمة الأدوية، وبرزت مؤشرات على خلافات بين وزير الصحة، عبد الرحمن بن بوزيد، ووزير الصناعة الصيدلانية، عبد الرحمن بن باحمد.
ويفهم من تصريحات وزير الصحة عدم رضاه عن نقل صلاحية الإشراف على الصيدلية المركزية ووكالة الأدوية إلى وزارة الصناعة الصيدلانية، التي حمّلها مسؤولية ندرة بعض الأدوية، وأزمة توفير حاجيات الصيدليات والمستشفيات.
وأقر بن بوزيد، في برنامج بثته الإذاعة الرسمية، بوجود أزمة أدوية داخل الصيدليات التابعة للمستشفيات، وقال إن الأزمة متعلقة بوزارة أخرى، وإن وكالة الأدوية المكلفة قائمة الأدوية واستيرادها لا تقع تحت مسؤولية وزارته، موضحاً: "قبل أسبوع التقيت نقيب الصيادلة، وأبلغني أن هناك عدداً كبيراً من الأدوية التي تعرف ندرة، وأتمنى أن يحل المشكل، وألا أتلقى مستقبلاً سؤالاً متعلقاً بالأدوية، لأنها ليست مسؤولية وزارة الصحة".
وعبّرت النقابة الوطنية للصيادلة في الجزائر، عن القلق من أزمة ندرة بعض الأدوية، كالإنسولين اللازم لمرضى السكري، وعقار "إينوكسابرين" المضاد لتخثر الدم، و"باراسيتامول"، ووجود صعوبات في تموين الصيدليات بالأصناف الناقصة، مشيرة إلى أنها أبلغت وزير الصناعة الصيدلانية، عبد الرحمن بن باحمد، خلال لقاء معه، بالأزمة الراهنة.
من جانبها، أطلقت وزارة الصناعة الصيدلانية طمأنات بشأن ندرة أدوية السكري، وطمأنت عائلات المرضى بشأن الأزمة، وتعهد الوزير بطرح 450 ألف وحدة إنسولين في الأسواق خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، و357 ألف وحدة خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وبشأن "إينوكسابرين" المضاد لتخثر الدم، تعهد الوزير بضخ ما يقارب ثلاثة ملايين علبة من الدواء في الأسواق، مشيراً إلى أن إنتاج الجزائر من مضادات التخثر سيرتفع بفضل إطلاق خط إنتاج في مصنع وطني جديد، ليزود السوق المحلي بمليون علبة بحلول شهر ديسمبر المقبل، إضافة إلى مضاعفة الإنتاج من دواء "باراسيتامول" لتغطية الطلب الكبير الذي تفاقم خلال جائحة كورونا.